بقلم/ علي السبحاني
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
ما إن هلّ هلال السنة الهجرية الجديدة سنةِ ألف وأربعمائة وثمان وثلاثين؛ حتى عادت الحكومة الميانمارية الغاشمة ومتطرفو البوذية لتَكرار سيناريو عام ألفين واثني عشر ضد مسلمي الروهنغيا بأراكان!
نعم، أعادوا سيناريو ذلك العام نفسَه، لكن الملحوظ فيه أنه متطور جدًّا، وأكثر ضررًا على شعب الروهنغيا المضطهد منذ سبعين عامًا!
في عام ألفين واثني عشر الممثلون كانوا هم البوذيين، والمخرج حكومة ميانمار، وفي هذا العام حكومة ميانمار من أبرز الممثلين في صف البوذيين، وأصبحوا يؤدون معًا دور الإخراج والتمثيل؛ ليكون المشهد أكثر دموية ورعبًا، وأشدّ إثارة وإمتاعًا للناظرين.
في عام ألفين واثني عشر افتعلوا قصة المرأة البوذية المقتولة؛ لتكون الشرارة الأولى للأزمة التي كان ضحيتَها آلافٌ من المهجّرين والشهداء من مسلمي الروهنغيا، والآن افتعلوا قصة المجموعة المسلحة المعادية للحكومة الميانمارية؛ ليكون ذلك سلمًا للوصول إلى الهدف المأمول من قبل حكومة ميانمار، وهو إنهاء وجود الروهنغيا بأراكان بالقتل أو التهجير القسري.
أيها العالم، إن شعب الروهنغيا يواجهون اليوم جيش ميانمار بعُدّته وعَتاده، بأسلحته المتطورة، وطائراته الحربية؛ فكيف لهم الصمود أمامه وهم قوم عزّل لا يمتلكون أبجديات وسائل الدفاع عن النفس، بل حتى سكاكين المطبخ صودرت منهم منذ فترة؛ ليكونوا فريسة سهلة ولقمة سائغة عندما تنقض عليهم الوحوش البوذية بمخالبها، وتهاجمهم بأنيابها الحادة في الوقت المناسب، وها هو الوقت المناسب قد حان.
إن المشاهد الملتقطة من داخل أراكان والمنتشرة في وسائل التواصل الاجتماعي؛ من لا يعرف حقيقتها ولا يدرك كنهها يظن أنها مشاهد ملتقطة من بعض أفلام الإثارة والرعب، لكن للأسف، إنها مشاهد حقيقية التقطت من جحيم يمارس بأرض أراكان ضد الروهنغيا!
يمارس هنالك ضد الروهنغيا من ألوان العذاب، وصنوف النكال ما لا يتوقعه متوقع، ولا يتخيله متخيل؛ هنالك تقتل الأم وهي تلد، ويقتل الوليد وهو خارج من رحم أمه!
هنالك شباب الروهنغيا ورجالهم يُعتقلون بلا ذنب ولا جريرة، ويقادون مكلبشين أو مربوطين بعد تجريدهم من جميع ملابسهم، ثم يقتلون وتمزق أجسادهم، وتقطع إربًا إربًا.
هنالك في أرض أراكان شيوخٌ ومسنون يقتلون بلا رحمة ولا هوادة، وترمى جثثهم في الطرقات!
هنالك في أرض أراكان بنات ونساء من المسلمين تنتهك أعراضهن، ويغتصبهن تحت أنظار محارمهن وهم لا حول لهم ولا قوة، ولا يملكون إلا الدعاء وانتظار رحمة الرحيم –سبحانه-!
يا عالم، أراكان أصبحت مقبرة بلا لحود، جثث المسلمين هناك متناثرة على أراضيها، ورؤوسهم المفصولة مرمية في أزقتها، وأطرافهم الممزقة منتشرة في شوارعها، ودماؤهم سائلة وجارية في طرقاتها!
يا عالم، أكواخ المسلمين هناك تحرق، ومزارعهم تهلك، ومواشيهم تقتل، وممتلكاتهم تصادر!
يا عالم، أراكان تئن من أنات الثكالى والأرامل، وصرخات الأطفال والرضّع، وآهات الشيوخ والضِّعاف!
يا عالم، أين أنتم؟ هل أنتم موجودون؟ هل ترون ما يحصل للروهنغيا، أو تسمعون عنه؟ أحيّة ضمائركم، أنابضة قلوبكم؟
أين مجلس أمنكم؟ أين أممكم المتحدة؟ أين مؤسساتكم الحقوقية؟
ما فائدة تلك الجهات والمؤسسات إن لم يكن لها أي دور أو صوت يطفئ نيران الأزمة الراهنة بأراكان؟
أيها المسلمون، أفيقوا واستيقظوا، إن ما يحصل بإخوانكم المسلمين هناك ليس من ضمن مشكلات القضايا الطائفية، بل هو من ضمن حروب الكفار على الإسلام والمسلمين، إن سكتم عما يحصل هناك فلا يستبعد أن تستمر السلسلة حتى يأتي دوركم؛ حتى تمروا بمثل ما يمر به الروهنغيا اليوم، وعند ذلك ينفرد بكم الجلاد الغاشم مع اكتفاء البقية بمشاهدة أفلام الرعب والإثارة مستمتعين، كما هو حال العالم اليوم مع أزمة الروهنغيا بأراكان!
اللهم يا حي يا قيوم، يا ناصر يا معين، انصر الإسلام والمسلمين في كل مكان، اللهم انصر إخواننا المسلمين بأراكان، وارفع عنهم البأساء والضراء، وجنبهم العذاب والشقاء، اللهم عليك بعدوهم فإنهم لا يعجزونك، اللهم أحصهم عددًا، واقتلهم بددًا، ولا تغادر منهم أحدًا.