بقلم: فوزي رمضان*
وكالة أنباء أراكان ANA | الوطن
الروهنغيا والتي يصفها البعض كتحريف لكلمة (الرحمة) والتي نطق بها رحالة عرب تحطمت سفينتهم قبالة الشاطئ فأمر ملك البلاد آنذاك بقتلهم فصاحوا (الرحمة الرحمة) فسماهم الناس ( رهام) والتي تم تحريفها الى كلمة روهنغيا، وحتى إذا كان المعنى كذلك، فالبداية عذاب وقتل وتاريخ ممتد لم تشهد تلك الطائفة المنكوبة سوى المقابر الجماعية والتنكيل والدفن أحياء، في ظل صمت دولي يكتفى بإدانات باهتة وبيانات عقيمة.
شردوهم، جوعوهم، قتلوهم، نكلوا بهم، اذاقوهم الذل، حياتهم بين الأمواج من قوارب التهجير الى قوارب الطرد، ومن رحلة موت الى رحلة تعذيب، كتب عليهم البؤس والشقاء، أن سلموا من الغرق لم يسلموا من الاعتقال، منبوذون في البلد التي يقولون إنها وطنهم ولا ترغب الدول المجاورة في إيوائهم، الرسالة واضحة أنهم غير مرحب بهم، إنهم طائفة بلا دولة وشعب بلا وطن وبشر بلا حياة، إنهم مسلمو الروهنغيا أكثر شعب بلا أصدقاء في العالم ، 260 ألف شخص شردوا من أصل مليون يعيشون على أرض ميانمار ذات الأغلبية البوذية يعانون السخرة والسخرية والذل والتعذيب.
هم إحدى الأقليات العرقية يقال إنهم ينتمون إلى نسل التجار العرب والجماعات الأخرى التي وفدت إلى المنطقة، حكومة ميانمار تحرمهم من الحصول على الجنسية، وترى أنهم مهاجرون غير قانونيين وتجبر الآلاف من أبناء الطائفة على العيش في مخيمات، على الرغم من أن مسلمي الروهنغيا يقيمون منذ زمن بعيد في ولاية أراكان عندما دخلوها منذ أكثر من 150عاما، وبسبب الصراع على مصادر الرزق اندلعت حرب في المنطقة بين المسلمين والبوذيين، وقفت حينها السلطة الحاكمة بدون تردد إلى جانب البوذيين، وأعلنت إنشاء ميلشيات وقامت بتنفيذ عملية عسكرية خلفت جرائم تقشعر لها الابدان، من قتل المدنيين المسلمين واغتصاب نسائهم بشكل جماعي، وحرق بيوتهم وقراهم بقسوة لم يسبق لها مثيل وعلى مرأى ومسمع من العالم اجمع ، كل هذا وتبرر السلطة الحاكمة تلك الإبادة إنها تتصدى لمهاجرين غير شرعيين.
إن ما يوجهه أفراد طائفة الروهنغيا يبلغ حد الجريمة ضد الانسانية فكيف لبشر على تلك الأرض، يحظر عليهم دخول الجيش والخدمة المدنية والحصول على الجنسية ومنعهم من التعليم والعلاج وأبسط الحقوق الانسانية، كيف لبشر في هذا العالم يدفع بهؤلاء البؤساء إلى التشرد في خيام غير صالحة للحياة الآدمية، ينتقلون من سواحل دولة إلى أخرى طالبين الحياة، بلا مجيب ولا معين يعانون شظف العيش ويقعون فريسة سهلة للمهربين الذين القوا بهم على متن قوارب بائسة في البحر، بلا زاد ولا مأوى، يموت البعض أملا أن يعيش البعض الآخر.
الروهنغيا والتي يصفها البعض كتحريف لكلمة (الرحمة) والتي نطق بها رحالة عرب تحطمت سفينتهم قبالة الشاطئ فأمر ملك البلاد آنذاك بقتلهم فصاحوا (الرحمة الرحمة) فسماهم الناس (رهام) والتي تم تحريفها إلى كلمة روهنغيا، وحتى إذا كان المعنى كذلك، فالبداية عذاب وقتل وتاريخ ممتد لم تشهد تلك الطائفة المنكوبة سوى المقابر الجماعية والتنكيل والدفن أحياء، في ظل صمت دولي يكتفى بإدانات باهتة وبيانات عقيمة.
لا متعاطف مع هؤلاء البشر، أبعدتهم دول الجوار ماليزيا وإندونيسيا رغم كونها دولا مسلمة، ورفضت استقبالهم بادعاءات عدم القدرة على إيوائهم، كذلك بنغلاديش التي بدأت تتخلص منهم، لنفس السبب ولكثرة العدد النازح اليها، ولم يستطع العالم حتى الآن اتخاذ موقف ضد السلطة الحاكمة في ميانمار، بل كانت لزيارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما إليها، فتحا جديدا من العلاقات الدبلوماسية والتجارية المتميزة وسلسلة من الاتفاقيات والحوافز التجارية، مع غض الطرف تماما عن مأساة تلك الطائفة المعذبة في الأرض، مما بات واضحا أن اتخاذ موقف مضاد للأغلبية البوذية في هذا الإقليم وإنقاذ طائفة الروهنغيا من هذا البطش خطوة سياسية بعيدة المنال.
العالم الإسلامي 57 دولة ومليار ونصف نسمة و30% من ثروات العالم، مفترض أن يكون أحرص البشر على نصرتهم ونجدتهم ولم نجد سوى الصمت والسلبية، إلا بعض المبادرات الضعيفة لذر التراب في العيون، وليصبح الصمت العالمي في المجمل بشكل عام تجاه هذه القضية، يثير عددا من التساؤلات حول فحوى المصالح السياسية الكامنة خلف هذا الصمت الفاضح، على جرائم الإبادة الجماعية لتلك الطائفة، ويظل الحال كما هو عليه فلا غوث لمعاناتهم ولا ملبي لندائهم ، ولا ضمير إنسانيا استفاق ليضع حدا لإحدى مآسي المسلمين، والتي هي كثر.
*صحفي مصري