بقلم: محمد خالد
وكالة أنباء أراكان ANA | جريدة داري
ذات يوم أرسل لي أحد أصدقائي الأركانيين رسالة جاء فيها على ما أذكر: نطلب على استحياء مشاركتكم في وسم خاص بقضية الروهنغيا.
استأت كثيراً من صياغة الرسالة وكيف يطالبني صديقي بالتفاعل مع قضية فرض عليَّ إسلامي ومن قبله إنسانيتي التفاعل معها (على استحياء) ودمعت عيناي حين استفسرت عن أسباب هذه الصياغة ليقول لي صديقي الخلوق إن العرب لا يتفاعلون معهم بسهولة فوجب إرسال هذه الصياغات لجلب مزيد من التعاطف والتفاعل.
كنت أتمنى أن يأتي يوم وأنا أكتب عن الروهنغيا ألا أذكر تعريفات لمن هم أو ما هي أراكان، ولكن لضعف معلومات المسلمين والعرب عنهم حتى الآن، وجب التعريف بهم في كل مقال ويكفيني هنا وضع سطر واحد لكل مصطلح منهم رغم أن التعريف بهم لن تكفيه الصفحات.
الروهنغيا: شعب مسلم، هو الأكثر اضطهاداً في العالم، يقطن ولاية أراكان (المصدر: الأمم المتحدة)
أراكان: أو الراخين أحد ولايات دولة ميانمار وكان يحكمها المسلمون قديماً.
"كلما زاد الاضطهاد وزادت غفلة العالم قلَّ سقف الطموح لدى الروهنغيين فطالبوا ميانمار بأقل القليل"
هو توصيف خاص بي ولكنني أعتقد بأنه الأقرب للصواب، فأراكان كانت دولة مستقلة حكمها 48 ملكاً مسلماً لأكثر من ثلاثة قرون ونصف، من ربع القرن الخامس عشر للربع الأخير من القرن الثامن عشر، وبعدها دخل البوذيون لاحتلال أراكان في 1784م ولكنهم لم يضموها لبورما "ميانمار حالياً" وقتها حتى احتلتهم بريطانيا وضمتها لهم وتركت المسلمين للبوذيين بعد أن دعمت هؤلاء السفاحين للقضاء على المسلمين، ومنذ ذلك الوقت والاحتلال البوذي يغض الطرف تماماً عن كل المجازر التي تقوم بها المليشيات البوذية ضد المسلمين إن لم يشارك فيها فضلاً عن اعتبار الروهنغية شعباً لا ينتمي لأراكان ولم تُمنح له الجنسية الميانمارية وهو شعب بلا أرض.
وكلما صرخ الناس للأقصى تذكرت أراكان وتعجبت للمسلمين وتساءلت: هل تثور ثائرة المسلمين للأقصى كأولى القبلتين وثالث الحرمين؟ أم تثور لأن اليهود هم المحتلون، وهناك صراع تاريخي بيننا وبينهم؟ أم لأن فلسطين في قلب العالم الإسلامي وقريبة جغرافياً من المسلمين؟ أم لأن هناك قتلى وضحايا مسلمين وهو الأمر الأهم للعقلية والنفسية المسلمة المتزنة لقول الرسول (صلى الله عليه وسلم) في روايات مختلفة عنه؟ ولكن المعنى واحد: لهدم الكعبة عند الله أهون من أن يراق دم امرئ مسلم.
والكثير من الأحاديث والآيات القرآنية لا يسعني ذكرها عن عظم شأن دم المسلم.
ولكن الذين ماتوا في أراكان على يد الاحتلال البوذي ويموتون يومياً أكثر مئات المرات ممن يُقتلون في فلسطين على يد الاحتلال الصهيوني (هذه ليست مبالغة).
وربما يظن هنا جاهل أنني أدعو للتوقف عن نصرة الأقصى والتوجه لنصرة الروهنغيا، وهذا غير صحيح، أنا فقط أقصد الالتفات لهذه القضية والتعامل معها بقدر حجمها.
ويسعني بعد التفسير أن أقول أن الفرق بين مسلمي الروهنغيا ومسلمي فلسطين
أن هناك احتلالاً بوذياً في أراكان واحتلالاً يهودياً في القدس.
وأن ميانمار بعيدة عنا جغرافياً وفلسطين قريبة منا.
وأن أراكان فيها مساجد عادية ولكن فلسطين فيها المسجد الأقصى.
وأننا كمسلمين "عرب تحديداً" معركتنا ليست للإنسان ولكنها معركة ضد اليهود وللدفاع عن الجغرافيا والمكان، ويجب علينا أن نراجع أنفسنا كثيراً وليس قليلاً.