[caption align="alignleft" width="300"]مسلمو ميانمار ضحايا الهوية بقلم: محمود حنيني[/caption]
الملايين من الاقليات في هذا العالم يعيشون ويلات الاضطهاد العرقي و المذهبي، ميانمار او بورما سابقا هي اكبر مثال على الانتهاكات الواضحة والعلنية لحقوق هؤلاء الاقليات، وأقصد هنا اقلية مسلمة يدعون ب " الروهينغا "، تلك الطائفة التي يصل تعدادها الى ما يقارب ال 10 ملايين نسمة ويشكلون ما نسبته 20 % من سكان ميانمار ويقطنون في اقليم " اراكان " الجنوب الغربي عانو فيه طوال عقود بل قرون من التهجير والقتل وسلب الحقوق وجرائم بشعة تتكرر بشكل متناوب عليهم ولم يسمع الكثير منا بمدى معاناتهم ومدى القسوة التي تعيشها طائفة الروهينجا أو – مسلمو ميانمار - .
ميانمار او بورما تقع في جنوب شرق آسيا يقطنها أصحاب ديانات مختلفة من البوذيين "الماغ " وطوائف وعرقيات اخرى تصل إلى أكثر من 140 عرقا، اضافة الى المسلمين الذين تصل نسبتهم كما ذكرت إلى ما يزيد عن ال 20%، يتمركزون في اقليم اراكان، والذي – حسب المؤرخين - وصله الإسلام في القرن السابع الميلادي في عهد الخليفة هارون الرشيد، عن طريق الرحالة العرب وانتشر الإسلام في ذاك الاقليم حيث اصبح فيما بعد دولة اسلامية مستقلة لأكثر من ثلاثمائة وخمسين عاما، حتى سقط تحت حكم الملك البوذي البورمي "بوداباي"، الذي قام بدوره بضم اراكان إلى بورما خوفاً من انتشار الإسلام في المنطقة .
بوداباي منذ احتلاله لاقليم اراكان أخذ يدمر كل ممتلكات المسلمين من مساجد ومدارس ومنازل اضافة الى قتل العلماء والدعاة المسلمين، حتى البسطاء لم يسلمو منه فقد تعمد اذلالهم، سجن الكثيرين وقتل ونكل بالكثيرين وشرد الالاف من موطنهم، واستمر البورميون من اتباع بوداباي باضطهاد المسلمين وسرقتهم وتشجيع البوذيين من طائفة " الماغ " على فعل ذلك .
ومن تلك الحقبة حتى يومنا هذا ما زال المسلمون " الروهينجغا " في ميانمار يتعرضون الى مذابح وحشيه متكررة منها ما حصل في عام 1942 حيث تعرّض المسلمون لمجزرة شنيعة كبرى من البوذيين "الماغ " بأسلحة وإمداد من قبَل البوذيين البورمان و البريطانيين وغيرهم راح ضحيتها أكثر من 100 الف ضحية معظمهم من النساء والشيوخ والأطفال، اضافة الى مئات الالاف من المشردين خارج وطنهم في ابشع جريمة قد يشاهدها العالم !!.
وفي محاولات لتغيير الطابع الديموغرافي لميانمار تتخذ في حق " الروهينغا " سياسات قذرة تمثلت في تم طرد أكثر من نصف مليون منهم عام 1978 اضافة الى 150 الف شخص عام 1988، وفي عام 1991 تم طرد قرابة نصف مليون، يعيشون الان أوضاعا مأساوية، مات منهم حتى الان قرابة 40 الفا من الشيوخ والنساء والأطفال حسب إحصائية وكالة غوث اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، اما من يبقى في ارضه من " الروجينغا " فانه يتم إتباع سياسة الاستئصال معه عن طريق قوانين لابادة الجنس وتحديد النسل، فيمنع القانون العسكري البورمي زواج المسلمة قبل سن ال 25 عاما والرجل في سن ال30 من عمره، و قد أصدرت الحكومة البوذية قراراً بمنع زواج المسلمين لمدة 3 سنوات !!
ناهيك عن الاجراءات التعسفية مثل مصادرة الاراضي والمحاولات المستمرة لطمس هوية الروهينغا الاسلامية عن طريق منع بناء المدارس لهم والمساجد وعدم السماح بنشر الكتب والوثائق التي لها علاقة بالدين الاسلامي و منع رفع الاذان في مكبرات الصوت، ومنع المسلمين من السفر واداء فريضة الحج و منع عيد الاضحى ومنع الذبح على الطريقة الاسلامية المتبعة، وحرمانهم من التعليم والوظائف الحكومية الا ما تقتضيه الضرورة فان العسكر يوظفونه بلا مرتب !!!
وتتم بشكل ممنهج محاربة المسلمين من الروهينغا فكريا واجتماعيا واقتصاديا وتجويعهم بل وافقارهم حد الجنون، عن طريق فرض الضرائب المرتفعة والغرامات المالية ومصادرة الاراضي الزراعية والكثير الكثير من التصرفات اللااخلاقية واللاانسانية التي تمارس بحق طائفة من المستضعفين الذين ما زالو يتعرضون حتى يومنا هذا لكل أنواع الظلم والاضطهاد اخرها حينما بدأ البوذيون سلسلة إبادة جماعية أخرى في ولاية راخين - في العام المنصرم، بعد أن صرح " ثين سين " رئيس ميانمار بأنه يتوجب طرد مسلمي " الروهينغا " من البلاد وإرسالهم إلى مخيمات لللاجئين تديرها الأمم المتحدة .
بدأ ذلك بعدما قتل الجيش البورمي 11 مسلما بلا سبب، قامت على اثرها احتجاجات عنيفة في اقليم أراكان، قتل على اثرها أكثر من 50 شخصا واحرقت آلاف المنازل لساكنيها المسلمين .
كل هذا يجري في ظل صمت اسلامي رهيب، معظم الدول الاسلامية لم تحرك ساكنا للمجازر التي تقع بحق المسلمين في ميانمار، ولو كانت برفع مذكرة لمجلس الامن و لمنظمة الامم المتحدة ولجان حقوق الانسان على أقل تقدير، فأين العالم من قضية طائفة ظلت تعاني طوال قرون، حقوقهم مسلوبة، احلامهم لم تتعدى القليل من كرامة الانسان .
اين هو المجتمع الدولي من هذه المجازرالتي تنفذ بشكل ممنهج في بحق البشرية، فاما أن مسلمو بورما لا يحملون ما يؤهلهم ليكونو من البشر ؟ او انهم لا يستحقون ثمن بضع اوراق توضع امام المحافل الدولية ليبحث في شأنهم بعد عقود من الظلم في عالم وحشي يؤكل فيه الضعيف ولا يملك له من قوة ولا نصير !!