[caption align="alignleft" width="300"]اتهامات للحكومة البورمية بالسلبية تجاه وقف المجزرة[/caption]
الحكومة البورمية أشعلت العنف الطائفي لعرقلة إصلاحات زعيمة المعارضة أونغ سان
لم تتدخل القوات الأمنية في بورما ولم تطلق رصاصة واحدة، أو تلق قنبلة دخانية واحدة، بينما كان العشرات من المسلمين يتعرضون لهجمات في ميانمار أخيرا، واكتفت بمراقبة الأوضاع لا غير. وفي بلاد تستخدم فيها القوات الأمنية، روتينياً القوة الغاشمة ضد المنشقين السياسيين، والقرويين الذين يحتجون على عــملية الاستيلاء على الأراضي، بل حتى ضد الرهبان، فإن سلبيتها في أثناء تلك الأحداث تكشفت على نحو يثير الحزن.
شجار تافه
اندلع العنف بسبب شجار تافه حول عروة ذهبية مقطوعة بين صانع مجوهرات مسلم وزبون بوذي. والشجار الذي أسفر عن إصابة الزبون البوذي بجرح في الرأس، اندلع في بلدة ميكتيلا التجارية (وسط ميانمار) التي يعيش فيها 100 ألف شخص، وتحوي قاعدة عسكرية للجيش، وهي البلدة التي لم يسبق أن شهدت في تاريخها عنفا طائفيا. ومسلمو البلدة لا روابط لديهم بـ "روهينغيا" التي لا تتمتع بدولة في غرب ميانمار، بل أن لديهم وجودا طويلا في البلدة ويتسمون بالسلام.
ومع ذلك، بعد ظهيرة ذلك اليوم، كانت غوغاء من الحشود المعادية للمسلمين تدمر متاجر الذهب العائدة لهم في منطقة السوق في ميكتيلا. ثم كانتقام على ذلك، طعن مسلمون محليون حتى الموت راهبا بوذيا آتيا من قرية مجاورة. وقد أطلق ذلك العنان لموجة انغماس في القتل بحق المسلمين في ليلة ذلك اليوم، وعلى مدى يومين.
ويقدر شاهد عيان يدعى ميو هتوت وصول أعداد المتوفين خلال الأيام الثلاثة التي شهدت أعمال عنف إلى حوالي 200 شخص، فيما حددت وسائل الإعلام التابعة للدولة عدد القتلى بحوالي 40 شخصا.
وعندما سئل ضـابط شرطة برتــبة دنيا في ميكتيلا عن كيــفية حدوث كل هذا في ظل وجود القوات الحكومية، قال وعلى محياه عدم الارتياح: "تلــقينا أمراً بعدم الـــقيام بأي شيء سوى إطفاء الحرائق. والطاعة أهم من أي شــيء آخر في الخدمة".
ولقد استغرق قيام الحكومة بإعلان حالة طوارئ وإرسال الجيش ثلاثة أيام، لكن هذا لم يوقف أعمال العنف في ميكتيلا، ولقد تواصلت الهجمات ضد المساجد وملكيات المسلمين في الانتشار عبر البلاد.
وبعد أكثر من أسبوع على بدء أعمال العنف، تذرع الرئيس البورمي ثين سين أن القوات الحكومية أمرت بعدم التدخل، لأنه حسب زعمه لم يكن يريد "المخاطرة باحتمال أن تتعرض عملية الانتقال نحو الديمقراطية وجهود الإصلاح للخطر".
أسباب غير مقنعة
ويصعب تصديق ذلك. أولا لأنه لا يفسر السبب وراء عدم إطلاق الشرطة طلقات التحذير أو القنابل الدخانية، على نحو يقصر عن استخدام القوة المميتة. ولسبب آخر يعود إلى أن الحكومة لم تعمل على تليين سياساتها كثيرا على صعيد العنف الذي تقره الدولة رسميا: وفي الخطاب نفسه، قال ثين سين أيضا: "أنا ملتزم بحزم باستخدام السلطة المخولة لي من قبل الدستور لنشر قواتنا الأمنية ولاستخدام القوانين المرعية لمنع وحماية الحياة والحرية والأمن للمواطنين"
وهو لا يخدع أحداً. فقد أصدر المجلس الإسلامي، ومقره يانغون، بيانا قال فيه إن أعمال العنف كانت مدبرة في سبيل إيجاد خلاف بين البوذيين والمسلمين. وقال رئيس دير للطائفة البوذية، ويدعى يو ساندانا من ميكتيلا إن العديد من الرهبان البوذيين المتورطين في أعمال العنف كانوا غرباء عن البلدة.
وأوضح أيضا أن للحكومة على ما يبدو مصلحة في تصوير الاشتباكات بوصفها اضطرابات طائفية. وعلى الرغم من أن أسوا أشكال العنف أطلقتها على ما يبدو عمليات القتل الانتقامية لهذا الراهب البوذي، إلا أن الواقع حسبما يقول: "حصلت فقط لأنه كان هناك غياب كامل للأمن، ولأن السلطات لم تفعل شيئا واكتفت بمراقبة الأوضاع من دون إشهار أسلحتها".
وكانت هناك بالطبع إعمال من التضامن وسط العنف. فقد تم نقل رجل شرطة متقاعد من الطائفة البوذية يعيش في ميكتيلا إلى بر الأمان من قبل جيرانه المسلمين عندما بدأت غوغاء الحشود المناهضة للمسلمين في هجمات الحرق المتعمد.
سلبية غير معتادة
ما الذي يفسر السلبية غير المعتادة من القوات الحكومية؟
تدور إحدى النظريات حول أن قادة الحكومة المدنية التي تدير ميانمار بالاسم الآن، وهم جنرالات في الجيش برتب عالية إلى جانب قادة حزب اتحاد التضامن والتنمية الحاكم، سمحوا عن عمد بإشعال الفوضى في سبيل تبرير الأهمية المستمرة للقوات المسلحة.
وشكوك أخرى تتعلق بأن الحكومة تريد فعلا عرقلة الإصلاح السياسي خوفا من أن التقدم المستمر في الوتيرة الحالية يعني انتخابات عامة حرة وعادلة في عام 2015، مما يعني على الأرجح نصرا ساحقا لحزب زعيمة المعارضة أونغ سان سو كي رغم موقفها السلبي إزاء أعمال العنف. وهذا هو "التهديد المحتمل" الذي يسبب قلقاً لثين سين فعلا.
صمت السلطات
قال الرئيس البورمي ثين سين أخيرا: "أنا ملتزم بحزم باستخدام السلطة المخولة لي من الدستور لنشر قواتنا الأمنية، ولاستخدام القوانين المرعية، لحماية الحياة والحرية والأمن للمواطنين"
وهو لا يخدع أحداً. فقد أصدر المجلس الإسلامي، ومقره يانغون، بيانا جاء فيه إن أعمال العنف كانت مدبرة، في سبيل إيجاد خلاف بين البوذيين والمسلمين. وقال رئيس دير بوذي، يدعى يو ساندانا، من ميكتيلا إن رهباناً بوذيين عديدين متورطون في أعمال العنف كانوا غرباء عن البلدة. وأوضح أيضا أنه على ما يبدو للحكومة مصلحة في تصوير الاشتباكات بوصفها اضطرابات طائفية.
وعلى الرغم من أن أسوا أشكال العنف يبدو وراءها عمليات القتل الانتقامية لهذا الراهب البوذي، إلا أنه يقول: "حصلت فقط لأنه كان هناك غياب كامل للأمن، ولأن السلطات لم تفعل شيئا إلا مراقبة الأوضاع من دون إشهار أسلحتها".
ترجمة: نهى حوّا بقلم: سو وين