بقلم: عدنان كامل صلاح
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
يوم الجمعة، أول أيام عيد الأضحى المبارك الأخير، هاجم الجيش الميانماري قرية في إقليم (أركان) حيث تعيش أغلبية مسلمة، حسب تقرير نشرته الفايننشال تايمز، ورشوا البيوت بالبترول وأخذوا يطلقون النار من سفينة في البحر ومن جنودهم بالبر وأحرقوا المنازل وقتلوا من يفرون.. ويقوم الجيش الميانماري بقتل المواطنين الميانماريين بحجة أن هؤلاء مسلمون أجانب من إقليم (أراكان) وبالتعاون مع البوذيين المتشددين.
مشكلة المسلمين (الروهنغيا)، الذين يمثلون أغلبية في إقليم (أراكان) معقدة، فالجيش الميانماري ورجال الدين البوذيون يرفضون اعتبار (الروهنغيا) هؤلاء مواطنين ميانماريين ويصرون على رحيلهم من البلاد، وحذر بعض البوذيين المتعصبين من أن مسلمي ميانمار يرغبون في تحويل كل ميانمار إلى الإسلام.
وكانت الآمال معلقة على الناشطة في مجال حقوق الإنسان والزعيمة المعارضة للجيش والتي أصبحت زعيمة البلاد بعد الانتخابات الأخيرة في العام الماضي (2016)، أونغ سان سوتشي، كانت الآمال معلقة عليها في أن تدخل إصلاحات وتوجد حلولا لقضايا الأقليات، ومنها الروهنغيا المسلمون، إلا أنها فشلت في تحقيق أي إصلاحات اقتصادية أو سياسية، وتصر على تجاهل ما يجري في بلادها ضد الأقلية المسلمة من تصفية عرقية على يد القوات المسلحة التي تقوم بحرق القرى وقتل وتشريد المسلمين بالتعاون مع القيادات البوذية.
العالم مطالب بالوقوف ضد أعمال التصفية العرقية والقتل الجماعي المسلمين عبر حلول تشرف على تنفيذها الأمم المتحدة.. وهذا ما تستطيعه الدول الأخرى في الوقت الحاضر. وإن كانت الصين في موقع أفضل ويمكنها إن شاءت إحداث نقلة نوعية في طريقة تصرف الجيش وإيقاف المذابح التي تجري الآن، والتي تتناقل وكالات الأنباء تفاصيل مخيفة عنها.
ومن ناحية أخرى فإن العرب مطالبون بالاهتمام أكثر مما يفعلون بما يجري اليوم، فأصول أكثر المسلمين الأراكانيين هي عربية مثلما هو الحال في إندونيسيا وماليزيا وبلاد آسيوية أخرى حيث هاجروا من سنين عديدة من اليمن والجزيرة العربية وبعض بلاد الشام طلباً للتجارة ونشر الإسلام، وصلتهم أو قرابتهم بالعرب هذه تجعل من حقهم أن يتوقعوا اهتماماً بقضاياهم، عبر الضغوط على الصين والأمم المتحدة لوقف التصفية العرقية القائمة الآن، وكذلك بتقديم الغذاء والكساء لمئات الآلآف من الميانماريين المسلمين في مخيمات اللاجئين في بنغلاديش والعمل على إعادة هؤلاء المهاجرين إلى وطنهم ميانمار.
ومن المعروف أن حكم ميانمار هذه الأيام شديد التعقيد، فالجيش مسيطر على عدة وزارات مثل الشؤون الداخلية والدفاع، ويمنع الدستور السلطة المدنية من التدخل في القضايا العسكرية، ومرجع الجيش هو الجيش لا الحكومة التي ترأسها أونغ سان شوتشي. وعندما اختارت مستشاراً لها، محاميًا بريطانيًا، أوكلت اليه مهمة إعداد دستور جديد للبلاد، تم اغتياله. ويعتقد أن ضباطاً سابقين في القوات المسلحة قاموا بذلك.. إلا أن هذا الوضع لا يمنع الناشطة الحقوقية والحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والتي تحكم البلاد الآن، من أن تدين القتل والاغتصاب والتشريد القائم في بلادها ضد مواطنين، حتى وإن كان بعضهم يرفض إعطاءهم حق المواطنة.
وسيكون الحل الأفضل في الوقت الحاضر أن تضغط الدول العربية في سبيل تنفيذ ميانمار والأمم المتحدة توصيات اللجنة برئاسة كوفي عنان، أمين عام الأمم المتحدة السابق، التي أوكلت اليها مهمة دراسة الوضع ومن ضمنها تيسير وصول المعونات الإنسانية ووسائل الإعلام، ووضع نظام يؤدي إلى منح الروهنغيا المسلمين المواطنة المحرومين منها في الوقت الحاضر وكذلك قيام تحقيق مستقل حول عمليات الجيش ضدهم.. وعلى الدول العربية أن تسعى لدى الصين للضغط على ميانمار حتى تقبل بقيام لجنة من الأمم المتحدة بزيارة المنطقة في أقرب فرصة ممكنة. إذ سيؤدي هذا الأمر إلى توقف عمليات التصفية العرقية القائمة.