[caption align="alignleft" width="300"]تجربة راعبة لنازحي ميانمار...محمد مخدوم بن عبدالجبار [/caption]
"كنا نواجه معاناة ومخاطر لمدة شهرين وخمسة أيام في البحر، وكنا نكافح ضد الغرق، محصورين في قلب البحر، ونحن لا ندري ماذا علينا أن نعمل بسبب تلف القارب الذي سافرْنا به، وقد ألقينا في البحر كلَّ من يموت، واحدًا تلو الآخر، فلم يَبْقَ فينا إلا 32 شخصًا من مجموع 130 شخصًا؛ حيث تم إلقاء 98 شخصًا في البحر".
ويحكي تجربته الراعبة على نحو ما سبق ذكره "ماوور سيب" أحد نازحي ميانمار الذين قامت القوات البحرية السريلانكية بإنقاذهم من الغرق في البحر بالقرب من سريلانكا.
وقد قامت القوات البحرية السريلانكية بإنقاذ بعض نازحي ميانمار من البحر بالقرب من سريلانكا على مسافة 240 كيلومتر من "سانجامانتادووا" السريلانكية، وعلى مسافة 360 من "جال" السريلانكية في 16 الماضي.
وكان في مجموع 32 شخصًا الذين تم إنقاذُهم بالقوات البحرية من القارب المتلف طفلان، أحدهما عمره 12 سنة، والآخر عمره 15، وقد تم إدخال كل منهم في المستشفى العام بـ: "كرافيديا" السريلانكية؛ فقد أفادت مصادر المستشفى أن ستة منهم في حالة حرجة.
وقد واصل "ماوور سيب" كلامه موضحًا أحوال ركَّاب القارب على نحو ما يلي:
"وقد ركبنا القارب في البداية للسفر إلى ماليزيا، فلما لم نقدر على الدخول فيها، قرَّرنا السفر باتجاه أستراليا، وكان هناك قائدان لركاب القارب، إلا أن كليهما قد لقيا حتفهما في أثناء السفر في البحر.
وقد قذفنا كل شخص يموت في البحر، ولم يكن معنا من الغذاء إلا ما يكفينا لمدة 25 يومًا فقط، وفي أثناء السفر دخلت مجموعة عَنوة في القارب، وقامت بأخذ كل ما لدينا من الطعام، فبقِينا بدون طعام، الأمر الذي أدانا إلى تناول اللحوم فقط بعد ذلك الحين.
فلما سئل: ما هي اللحوم التي كنتم تتناولونها؟ فلم يُجب، وكان ساكتًا".
وتذكر القوات البحرية السريلانكية أن سفينة تابعة لمعسكر القوات البحرية بـ: "جال" هُرعت لإنقاذهم على أساس المعلومات التي حصلت عليها البحرية في يوم 15 الماضي من قِبل أناس كانوا يصطادون الأسماك في القارب، وعندما قامت البحرية بإنقاذهم الساعة 12:30 يوم السبت الموافق لـ: 16 الماضي، وجدت قاربَهم المصنوع بالخشب في حالة يكاد يغرق في البحر كاملاً.
وتقول القوات البحرية أيضًا: إنما استطعنا إنقاذهم بعد محاولة استغرقت عدة ساعات؛ حيث استمرت العمليات الإنقاذية حتى الساعة الثالثة مساءً، ثم أركبناهم في سفينتنا، وقد كانوا في حالة من الاكتئاب والتخدير كأنهم موتى.
ووضح ملاح سفينة "ساغرا" السفينة التابعة للقوات البحرية التي قامت بعمليات إنقاذهم كما يلي:
وكانوا قد طبخوا طعامًا مثل الأرز، فلم يكن صالحًا للأكل، ويذكرون أنهم قذفوا كلَّ الموتى في البحر، إلا أنه يظهر أنهم قذفوا كلَّ فاقدي الوعي الأحياء ظانِّين أنهم موتى، كما وجدناهم مثل الموتى عند القيام بعمليات الإنقاذ، وقد قام الطبيب الذي كان في سفينتنا بمساعدتهم بالكشف عليهم، وتقديم العلاجات الأولية، ثم أخذناهم إلى مدينة "جال".
وقد أضاف قائلاً: إن لم نتمكن من العثور على هذا القارب في نفس اليوم، فإنه يكون قد غرق في البحر في غضون بضع ساعات، وكانوا كلهم قد لقوا حتفهم.
وكان ذلك القارب الذي سافروا بواسطته مدعومًا بمحرِّك يعمل بزيت الكيروسين، كما كان مصنوعًا بالخشب؛ حيث لا يصلح قارب مثله للسفر بواسطته في البحر العميق، حاملاً على متنه ثقلاً مثل هذه الأعداد الهائلة.
وكان قد سبق أن أُرسلت ستُّ سيارات إسعاف من قِبل مستشفى كرافيديا السريلانكية قبل أن تصل سفينة "ساغرا" التابعة للبحرية ميناء "جال" السريلانكية مع هؤلاء (مواطني ميانمار) الذين تم إنقاذُهم، فلم يلبث أن وصلت السفينة ميناء "جال" حتى سُمح للممرضين والموظفين من المستشفى والصحفيين بالدخول فيها، وكانوا كلهم في أحد جوانب السفينة مستَلْقِين مغذين بالسيلين، وكان كل شخص قد رقم بالأرقام على حدة، وقد أخرج مَن كان في حالة خطيرة فورًا من السفينة، ثم تم إرسالهم إلى المستشفى بواسطة سيارات الإسعاف، فبادر أطباء مستشفى كرافيديا العام بعلاجهم على الفور.
وبناءً على المعلومات التي تم سردها من قِبل النازحين الذين تم إنقاذُهم، فإنهم كانوا يريدون السفر باتجاه أستراليا، وكان هؤلاء المسافرون مسلمين يعيشون في منطقةٍ بين بنغلاديش وميانمار، وكان عددهم 130 شخصًا، وكان قرارهم الأول الدخول في ماليزيا، وقد تقاضى المنظمون لأجل هذا السفر منهم 50 ألف إلى 100 ألف كيات بالعملة الميانمارية.
وقد أشار هؤلاء النازحون إلى أنهم أرادوا المغادرة لماليزيا؛ بسبب أنهم لا يستطيعون العيش في بلدهم، وإن كانوا مهددين بالهلاك، فقرروا المغادرة منها؛ بسبب مواجهتهم معاناة وصعوبات شديدة، ففضلوا الهلاك على العيش في بلادهم.
وأضافوا قائلين: إنهم خافوا كثيرًا من القوات البحرية السريلانكية عندما جاؤوا لإنقاذهم، إلا أنهم تعاملوا معهم بكل الرفق والرحمة.
وقد حاورهم الراهب البوذي أساجي بلغتهم البرماوية، وفي البداية حاولوا التحدث معهم باللغة العربية؛ من أجل أنهم مسلمون بمساعدة أحد المسلمين في سريلانكا، إلا أن هذه المحاولة لم تنفع؛ لعدم معرفتهم بالعربية، وقد اتضح بالمحادثة معهم أنهم يذكُرون معلومات متضاربة بعضها مع بعض؛ حيث ذكروا في البداية أن 95 شخصًا منهم ماتوا، ثم ذكروا أن عدد الذين ماتوا منهم 98 شخصًا، وكان "ماوور سيب" ذكر للراهب البوذي أساجي أنهم ألقوا قائدَي الركاب في البحر بعد موتهم، ولكنه عندما وضح قصتهم بعدئذٍ ذكر أنهما فرَّا أثناء السفر في البحر بواسطة قارب آخر.
وتواصل شرطة ميناء جال السريلانكية عمليات التحقيق حول هذا.
"الألوكة"