بقلم: إقبال بركة
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
لعل الزعيمة الميانمارية أونغ سان سوتشي حاكمة ميانمار والبالغة من العمر 70 عاماً، والحائزة على جائزة نوبل للسلام تواجه أعقد وأصعب موقف واجهته سيدة سياسية من قبل . إنها تقع بين مطرقة العنف ضد مسلمي الروهنغيا وسندان الوطنيين الميانماريين الذين يمثلون الغالبية الساحقة في ميانمار.
ووفقا لتقديرات منظمة اللاجئين الدولية، يعيش قرابة مليون شخص من الروهنغيا المسلمين في ميانمار، البالغ تعداد سكانها قرابة الـ49 مليون نسمة. أي أن المسلمين لا يمثلون سوى 4% فقط من سكان ميانمار ، وهؤلاء يواجهون تعصبا وحشيا من مواطنيهم القرويين البوذيين الذين يفرضون عليهم قيودا ويمنعون تنقلهم في قرية أراكان والذهاب إلى العمل.
و رغم أن الصراع الديني و العرقي بين المسلمين و البوذيين لم يتوقف طوال قرن من الزمان إلا أنه اشتد و تصاعدت وتيرته منذ أغسطس الماضي عندما ارتكب الجيش عمليات قتل جماعية واغتصاب وحرق للقرى بكل مساكنها في ولاية أراكان وفقا لتقرير الأمم المتحدة. وقد أجبر هذا العنف ما يقرب من نصف مليون فرد من الروهنغيا المسلمين على الفرار إلى بنغلاديش.
فماذا فعلت أونغ سان سوتشي حاكمة البلاد الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 1991، والتي أشادت لجنة نوبل النرويجية عندما منحتها الجائزة «بنضالها السلمي في سبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان»؟
ماذا فعلت من أجل مسلمي الروهنغيا المحرومين من الجنسية ويواجهون نداءات من الميانماريين بطردهم من البلاد باعتبارهم لاجئين و ليسوا مواطنين؟
لا شيء سوى الصمت أو اتخاذ إجراءات هزيلة لم تمنع استفحال المشكلة . لقد صدم العالم في هذه السيدة و وجهت نحوها سهام النقد من بعض زملائها الحائزين على جائزة نوبل مثل القس ديزموند توتو والأفغانية مالالا. وقد أبدى البابا فرنسيس، بابا الفاتيكان، تضامنه مع أقلية الروهنغيا المسلمة، وطالب سوتشي باحترام حقوقها، وقرر القيام برحلة الى بورما لتفقد أحوالهم .
وقرر مجلس مدينة أوكسفورد بالإجماع سحب جائزة حرية المدينة من سو كي معللا ذلك “ببواعث قلق عميقة بشأن معاملة الروهنغيا المسلمين تحت حكمها ودعتها انجلينا جولي الموفدة الخاصة لمفوضية الأمم المتحدة العليا لشئون اللاجئين لملاحقة مرتكبي الاعتداءات الجنسية بعد أن التقت مع نساء الروهنغيا .
لماذا تسكت سوتشي على فظاعات الجيش اوانتهاكاته الخطرة لحقوق الإنسان؟
هل تؤيد العنف ضد الروهنغيا أم أنها تخشى اتخاذ اجراءات حاسمة لإنهائه حتى لا تخسر الرهبان البوذيين والعديد من الأعضاء البارزين في “الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية ” الذين ساهموا في تغلبها على الحكم العسكري و صعودها الى حكم البلاد بعد أن أمضت 15 عاماً قيد الإقامة الجبرية في ميانمار عام 1989؟
وقد ردت أونغ سان سوتشي على أصوات الانتقاد التي تتعالى ضدها بقولها في حديث لإردوغان “نعلم جيدا جدا، وربما أفضل من غيرنا، ما الذي يعنيه الحرمان من حقوق الإنسان ومن الحماية التي توفرها الديمقراطية. ولذلك نبذل ما في وسعنا لضمان تمتع الأفراد في بلادنا جميعا بحقوقهم، كل حقوقهم، وليس فقط السياسية، ولكن الاجتماعية أيضا والدفاع عنهم”.
بعد الحكم على سوتشي بالإقامة الجبرية كتبت أدافع عنها و أدعو لتحريرها و اليوم أدعوها لإنقاذ سمعتها و اعادة الاعتبار لمسلمي بلدها و منحهم الجنسية الميانمارية لكى يتحولوا إلى مواطنين فاعلين بدلا من منبوذين مهاجرين. ربما لن تفقد سوتشي جائزة نوبل و لكنها بالقطع ستفقد احترام العالم إذا لم تتحرك بسرعة و تنقذ مسلمي بلدها.