بقلم: مايكل كيرتن*
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
يتطلب العديد من القضايا التي تواجه المجتمع العالمي اليوم، اتباع نهج متعدد الأطراف لحلها. ويُعتبر عمل الأمم المتحدة والدول الأعضاء فيها معاً، الفرصة الوحيدة لتحقيق تقدم حقيقي.
عندما تولى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش زمام قيادة الأمم المتحدة في عام 2017، حث العالم على أن يتخذ السلام المبدأ الهادي له. ولكنه قال في تقييم المشهد العام، إن «العالم بدلاً من ذلك» ذهب في الاتجاه المعاكس».
وقال غوتيريش في حديثه إلى تجمع للدول الأعضاء، إن «السلام لا يزال بعيد المنال». وهنالك العديد من النقاط الساخنة والتهديدات العابرة للحدود الوطنية، التي لا تزال مثبطة للهمة. وهي ليست تحديات جديدة، ولكنها ستستمر في النمو إذا لم تتم معالجتها على نحو ملائم. فمن الخطر الذي تشكله كوريا الشمالية المسلحة نووياً، إلى تغير المناخ العالمي، والفوضى في الشرق الأوسط، وأزمة الروهنغيا، يمعن العالم في عدم الاستقرار.
وعلاوة على ذلك، تواجه الأمم المتحدة، ضغوطاً متزايدة، فيما يتعلق بالتمويل. والتحدي الأول الذي يواجه هذه المنظمة العالمية في هذا الصدد يأتي من قِبل البيت الأبيض.
ولا تنتهي المشاكل هنا. وقد استشهد الأمين العام بمجموعة من القضايا التي تحتاج إلى إجابات، إذا كان يريد لأمله في السلام أن يتحقق. الانقسام الاقتصادي المتزايد، والتهديد المتصاعد الذي تشكل القومية والعنصرية وكراهية الأجانب، إلى جانب استمرار انتهاكات حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وتقوم مؤسسة الأمم المتحدة على ثلاث ركائز: السلام والأمن، والتنمية، وحقوق الإنسان.
وأزمة الروهنغيا، إحدى القضايا التي تتطلب اهتماماً أكبر. ومصطلح الإبادة الجماعية، لا يُستخدم غالباً فيما يتعلق بهذه المسألة؛ ولكنها وُصفت بأنها تطهير عرقي. في وقت سابق من هذا العام، لفتت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هايلي، الانتباه إلى محنة الروهنغيا بقولها، إن إنكار حكومة ميانمار للتطهير العرقي «غير معقول».
وعلاوة على ذلك، قال المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، زيد رعد الحسين، في أواخر العام الماضي، إن الفظائع التي ارتكبت ضد الروهنغيا، قد ترقى إلى جريمة الإبادة الجماعية. وقال أيضاً، إنه لن يفاجأ إذا ما أدينت رئيسة الوزراء، سان سو كي، بجريمة الإبادة الجماعية.
بموجب المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، تعني «الإبادة الجماعية أيّاً من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية». وأنا أقول، إن هذا الوصف يتناسب قطعاً مع ما يحدث للروهنغيا اليوم.
وقد سمحت حكومة ميانمار، منذ بعض الوقت، عن علم، وبتقديم الدعم، لارتكاب الفظائع على السكان من أقلية الروهنغيا في ولاية أراكان في غربي البلاد. وأعلن قانون الجنسية الذي أصدرته حكومة ميانمار عام 1982، أن شعب الروهنغيا عبارة عن مهاجرين من بنغلادش، وحرمهم بالتالي من حقوق المواطنة في البلاد. ووفقاً للأمم المتحدة، فإن الروهنغيا هم الأقلية الأكثر تعرضاً للاضطهاد في العالم.
والمعلومات المتعلقة بالروهنغيا استثنائية؛ لأن الحكومة لا تسمح لأي شخص بالدخول إلى المناطق التي يقيم فيها الروهنغيا. في الآونة الأخيرة ألقي القبض على اثنين من صحفيي وكالة رويترز واتهما بموجب قانون الأسرار الرسمية للحكومة - وهو قانون يعود إلى عام 1923، عندما كانت ميانمار، التي كانت ميانمار يومئذ، مقاطعة هندية بريطانية.
وتشمل انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومة، الحرمان من الغذاء والرعاية الصحية لشعب الروهنغيا، كما كتب الصحفي نيكولاس كريستوف، في صحيفة «نيويورك تايمز»، في مقالة حديثة، «رأيت إبادة جماعية في حركة بطيئة». والحرمان من هذه الضرورات الحياتية، يجب أن يدفع إلى مزيد من الغضب على أعلى مستويات الحكومة.
وقد ترددت عبارة «يجب ألّا يتكرر ذلك أبداً» مرات عديدة على مدار التاريخ. ولكننا نشهد مرة أخرى جرائم ضد الإنسانية تحدث أمام أعيننا. وقد حان الوقت لكي يستجمع المجتمع الدولي الشجاعة السياسية لوضع نهاية لهذه الفظائع.
*خريج كلية الدبلوماسية والعلاقات الدولية في جامعة مايكل كيرتن (الأمريكية). موقع: «إنترناشيونال بوليسي دايجست»