بقلم / رشيد بن حويل البيضاني
حكمت محكمة (هيراكليون) بجزيرة كريت جنوب اليونان، وبإجماع أعضائها، على رجل مسن يبلغ من العمر واحدا وسبعين عاما، بالسجن ثمانية عشر شهرا وغرامة خمسة آلاف يورو، بعد إدانته بإطلاق الرصاص على كلب، أي والله، على كلب ضال مما أصابه بجروح خطيرة، وتم نقل الكلب المصاب إلى مستشفى بيطري لعلاجه، وألقى القبض على الرجل، وأحيل إلى النيابة.
هذا ما نشرته بعض الصحف، أما ما سمعته من مصدر أثق به تماما، أن شابا عربيا مسلما يقيم في بروكسل العاصمة البلجيكية، ويحمل الجنسية البلجيكية قد تم تغريمه خمسين يورو؛ لأنه حاول صد هجوم أحد الكلاب عليه بقدمه، ما أزعج الكلب وسبب له ذعرا، وعندما حاول الشاب شرح موقفه بأنه كان يخشى اعتداء الكلب عليه، كانت الإجابة دعه يعضك ونحن نعطيك حقك من صاحبه.
هكذا تعامل الكلاب في أوروبا، سجن وغرامة لإطلاق الرصاص على كلب ضال، والكلب لم يمت، وربما لو مات لكان القصاص العادل من قاتله، ولتم إعدامه أو سجنه مدى الحياة، أما هذا الشاب المسكين الذي أزعج الكلب الأوروبي فقد دفع غرامة فورية، وربما حوكم وسجن لو ثبت أن الكلب المحترم قد أصيب بتوتر أعصابه، أو بقلق نفسي، نتيجة محاولة صد هجومه على الشاب.
للحيوان حقوق نعم، وديننا علمنا أن امرأه قد غفر الله تعالى لها لأنها أحست بعطش كلب فسقته، وأن أخرى قد وجبت لها النار عقابا، لأنها حبست هرة ولم تطعمها أو تطلقها.
لكن الحقيقة التي يجب أن يدركها كلاب أوروبا، وقوانين أوروبا، وحكام أوروبا، أن الإنسان، مهما كان دينه أو لونه أو جنسه، أفضل ألف مرة من الكلاب، بل ومن سائر المخلوقات.
ومن العجيب أن يغفل هؤلاء الأوروبيون الأدعياء الذين يزعمون اهتمامهم بحقوق الحيوان، ومن العجيب أن يغفلوا عن حقوق الإنسان المسلم والعربي، وهو إغفال مقصود وعن عمد؛ لأن الإنسان في ثقافاتهم الغربية إنسانان، مسيحي غربي، ومسلم أو عربي، الأول تقوم الدنيا ولا تقعد إذا ما أصيب ظفره أو قص شعره، والثاني تقعد الدنيا بل تنام وتشبع نوما إذا ما قتل أو تم تقطيع أوصاله أو نهشت الكلاب لحمه، أو تم ترويعه وإذلاله، ولا ننسى ما حدث في سجن (أبو غريب) بالعراق الشقيق، ولم تتحرك محاكم اليونان ولا بلجيكا ولا منظمات حقوق الإنسان لمحاسبة المجرمين؛ لسبب بسيط وهو أن الجاني، المجرم، غربي مسيحي، والمجني عليه الضحية عربي مسلم، وما يحدث في أفغانستان حتى الآن وعلى حدود باكستان، من قتل المدنيين بالعمد أو بالخطأ (المقصود) لا يغيب عن الأذهان.
والسكوت العالمي القبيح الذي نراه تجاه ما يحدث في سوريا ضد النساء والأطفال والشيوخ يترجم لنا الموقف الأوروبي والغربي عموما من الدماء العربية والإسلامية، وما يحدث في بورما فحدث عنه ولا حرج.
أعتقد أن العرب والمسلمين جزء من المشكلة، لأنه يدرك أن العالم العربي والعالم الإسلامي الذي يفوق تعداده خمس سكان العالم، لن يحرك ساكنا احتجاجا على قتل الآلاف من المسلمين في أي بقعة من بقاع العالم، ولعلنا لم ننس بعد مذابح المسلمين في ميانمار وغيرها.
" عكاظ "