بقلم: أحمد إبراهيم الشريف
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
شاهدت، مؤخرا، فيلم the lady الذي يحكى قصة «سان سو تشى» رئيسة وزراء ميانمار «بورما» وكيف ناضلت مع شعبها لتصل به إلى درجة من الديمقراطية، سنوات طويلة دفعتها من عمرها لتخليص الناس من العنف الذي كانوا يتعرضون له، وقد أوضح لي الفيلم ما كنت أجهله من تفسير لموقف «سو» السلبي من مسلمي بلادها، الذين يصل عددهم لنحو %4 من سكان البلاد.
منذ عام بالضبط طالبت منظمة اليونسكو بسحب جائزة نوبل للسلام من سان سو تشي، والتي حصلت عليها في عام 1990، وحسبما شاهدت في الفيلم كان حصولها على الجائزة، جهدا من زوجها أستاذ التاريخ «مايكل اريس» الذي رأى هو وأصدقاؤه أن حصولها على هذه الجائزة المهمة سوف يحسن موقفها خاصة أن النظام هناك كان يضعها تحت الإقامة الجبرية، فسعى بقوة لترشيح اسمها.
أتذكر أنني منذ نحو عام كتبت في هذا الأمر الذي ازداد سوءا وقلت: «لست قادرا على تخيل ما يحدث في هذا البلد الآسيوي، الذي ما كنا سنسمع عنه لولا هذه الأحداث الدامية، التي تزداد بشكل يومي، ولولا تفكير مسؤوليه الغريب القائم على إلغاء جزء من شعبه والتفكير في إبادته بادعاء أنه مهاجر غير شرعي، وذلك لمصلحة طائفة دينية أخرى هم الهندوس، بما يعيدنا إلى عصور التخلف والقتل باسم الدين الذى يبدو أمرا مطبوعا في النفس الإنسانية بوجه عام».
الفيلم يكشف الكثير مما دار في هذا البلد الفقير منذ تحرره عام 1947 من المملكة المتحدة وحتى عام 2007، حيث الجميع يعانى، الطلبة والناس والمعارضة والأقليات بالطبع، وسط كل ذلك تلفت الناس حولهم فلم يجدوا سوى «سو» التي قضت معظم حياتها في الخارج، في بريطانيا، لديها أسرتها ومتزوجة من رجل أجنبي، لكنها عادت لزيارة أمها في مرضها الأخير، فقال لها الناس «كان أبوك بطلا قوميا لنا وعليك أن تكملي مسيرته».
في ظني لم تكن «سو» في البداية على حجم المسؤولية، لكنها بالتدريج دخلت المعركة السياسية، ودفعت الثمن كاملا، بعدًا عن أبنائها وزوجها الذي مات بسبب السرطان في عام 1999 دون أن تكون قادرة على الخروج من ميانمار، لأنها كانت تعرف أنها لو خرجت لن تستطيع العودة مرة أخرى.
المهم أن الأمور ظلت غير محسومة سنوات طويلة، حتى ظهر الرهبان البوذيون وهنا تغيرت الدنيا لصالح «سو» وهي دلالة مهمة انتهى بها الفيلم، إذ شاهدنا صفوفا لا نهاية لها من الرهبان تسير في شوارع العاصمة متجهة إلى «فيلا» سو التي تحمل رقم 54 في دلالة كاملة بأن أزمتها قد انتهت، لذا فإن سان سو تشي تدفع الآن للرهبان البوذيين ثمن وقوفهم إلى جانبها ولن تستطيع أبدا أن تعارضهم، والثمن هو دم مسلمي الروهنغيا.
(اليوم السابع)