بقلم: أسامة سلامة
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
سحبت كندا جنسيتها الشرفية من أونغ سان سوتشي، زعيمة ميانمار، والتي كانت منحتها لها عام 2007، بسبب تواطؤ وصمت زعيمة ميانمار إزاء المذابح التي تقوم بها الحكومة الميانمارية ضد الأقلية المسلمة هناك.
وكانت كندا منحت جنسيتها للزعيمة أونغ بسبب مقاومتها للحكومة الاستبدادية في بلدها، ومقاومتها للفساد والدكتاتورية، وقيادتها لحركة الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية، والتي سجنت بسببها عدة سنوات حتى أنها فازت عام 1991 بجائزة نوبل للسلام، ولكنها لم تتسلمها إلا عام 2012 بعد خروجها من السجن.
وكنوع من الدعم المعنوي لها، منحتها كندا جنسيتها الشرفية عندما كانت أونغ ما زالت تحت الإقامة الجبرية، ولكن بعد حصولها على حريتها بسنوات قليلة استطاعت أونغ أن تصل إلى رئاسة وزراء بلدها عام 2015، وتصور الجميع أنها ستقود وطنها نحو السلام والتوافق بين أبنائه، إلا أنها ساندت بصمتها وإغماض عينيها المجازر التي قامت بها الأغلبية البوذية، وبدعم من الجيش ضد أقلية الروهنغيا المسلمة هناك، ما أدى إلى قتل المئات وهجرة الآلاف.
لهذا قامت كندا بسحب الجنسية التي منحتها للسجينة والمضطهدة السابقة والدكتاتورة الملوثة يداها بدماء الأبرياء حاليًا، ولعل هذه الواقعة تفتح باب التساؤلات عن ازدواجية السياسيين والنخبة عمومًا.
أونغ كانت مضطهدة ومسجونة لعدة سنوات، وكان من الممكن أن تدفع حياتها ثمنًا للحرية والمبادئ والأفكار التي تؤمن بها، ولكنها تحولت إلى الجانب الآخر عندما تولت السلطة، وأصبحت تمارس ما كانت تعاني منه سابقًا وترفضه، بل تجاوزت الأمر إلى ما هو أكثر، حيث أصبحت في مركب واحد مع مرتكبي المجازر ضد أقلية تنتمى إلى بلدها.
إن أونغ التي حصلت على أرفع الجوائز التي تمنح لمن يقوم بجهد مميز من أجل السلام والإصلاح، هي نفسها التي قامت بفعل مغاير تمامًا، هل أونغ حالة فريدة بين السياسيين؟ الحقيقية لا، فالحكومات الغربية التي تدعم الديمقراطية في بلدانها هي التي تتحالف مع الحكام الطغاة في العالم الثالث، وهو ما فعلته أمريكا طوال تاريخها فهي التي سعت إلى اغتيال الرئيس الشيلي المنتخب الليندي، وجاءت بدلاً منه بدكتاتور مستبد، كما أنها دعمت كل الأنظمة الاستبدادية طالما كانت لها مصلحه معها.
نفس النهج الذى قامت به بريطانيا وفرنسا اللتان دعمتا أنظمة مستبدة في إفريقيا، وما زال هذا المنهج هو السائد حتى الآن، حتى ولو اختلف الأسلوب فمن الممكن أن تدعو هذه الدول إلى الديمقراطية، وتندد بحكم الفرد، والتعذيب في المعتقلات، ولكنها تتحالف مع الأنظمة التي تهاجمها.
من المؤكد أن أونغ مريضة بالشيزوفرنيا، ولكنها ليست الوحيدة، وانظروا أيضًا إلى رؤساء الدول الغربية كي تعرفوا أن داخل كل منهم أونغ.