[caption id="" align="alignleft" width="300"] ظلامُ التثبيط لا يقوى على ضياء العمل! لـ عمران بن كبير الأركاني[/caption]
أفضلُ ردّ تُلجم به أفواه من يقدحُ في نيتك، ويتهكّم على عقلك، وينالُ من عرضك؛ أن تواصل عملك بقناعاتك ومبادئك وقيَمك، دون أن ترحمه وتلتفت له وتتصدّق عليه بفتات وقتك!
من النادر جدًا أن تجدَ من يصنع الحيَاة ويصوغها كما ينبغي أن تكون؛ لأن الغالب من البشر اعتاد على الرتابة، وألِف الحياة كما هي بنمطيتها المملّة!
لذلك يهاب الناس من الصدع بالحق حينما يعتقدون الحق، وفي ذات التوقيت يُنكّل بالمجدد الذي يأتي بفكرة جديدة للإصلاح؛ وكلما كان حماس المصلح قوياً انهال تألّب العامة عليه، وحشد الآراء للإطاحة به؛ وعلى هذا جرت العادة في تأريخ البشرية!
وربّما كان أوّل درس تلقّاه النبي صلى الله عليه وسلّم حينما نزل عليه الوحي، ونقل ما حدث له لورقة بن نوفل –وكان من أهل كتاب-..
قال له ورقة:
"ليتني حيّا إذ يُخرجك قومك"
فقال له رسول الله متعجبّا: "أو مخرجيّ هم؟!".
قال ورقة:
"نعم؛ لم يأتِ رجل قط بمثل ما جئتِ به إلا عودي"!
من الطبيعي جدًا أن تُمسّ سمعتك، وتُتهم في دينك وعرضك، ما دمتَ تحملُ فكرة جديدة لم يعتد عليها المجتمع، وتسعى إلى محوِ أفكار قديمة مترسّبة في أذهان الناس، وتقدّم مشروعك الإصلاحيّ كبديلٍ مختلف على أنه المتلائم مع طبيعة العصر ومواكب لحاجة الوقت!
الكاتب الفذّ الأستاذ أحمد أمين –برّد الله مضجعه- له حكمة ساحرة يقول فيها:
" منذ تكونت الجمعية البشرية إلى اليوم، يلمع فيها أفراد قلائل في كل عصر، يخرجون على إلف الناس، وما اعتادوه في أفكارهم وعقائدهم وعواطفهم، فيتألب عليهم الناس، لكسلهم العقلي، ولأن الدعوة الجديدة تقلق راحتهم وتدعوهم إلى قلب نظامهم العقلي والعاطفي، كالذي يدعو كسلانًا أن يغير نظام بيته أو نظام معيشته، وبدلا من أن يوجه عضبه إلى نفسه، لكسلها أو جمودها، يحول غضبه على من سبب له هذا القلق، ثم لا يختصر على محاربته بالأساليب الشريفة، بل يحاربه بكل سلاح، ولا يتورع عن أن يختلق عليه، ويتهمه بما يستطيع من تهم، ويرى أن كل وسيلة تُفضي إلى قتل هذه الفكرة الجديدة جائزة ومشروعة؛ فإذا وصل إلى هذا الغرض بإعدام الفكرة أو إعدام قائلها، اطمأن واستراح؛ لأنها تتفق مع طبيعته في الكسل، واستنامته إلى ما ألِف!"
وخلاصة الأمر:
أنّك ما دمتَ مناضلًا.. ما دمتَ تتحرّك.. ما دمتَ تكافح؛ فإنه لا بدّ أن يتبع العمل التحطيم، ولا بدّ أن تواجَه المثابرة والتضحية استهزاء ولمز، فلا تأبَه بما يقوله أقرباؤك وقومك عنك، بل اجعله مرحلة من مراحل صعودك وتقدّمك؛ وكما يقول آينشتاين فيما معناه:
الإنسان الذي يعيش في الحياة كمثل راكب السيكل؛ فمن أجل أن يحافظ على توازنهِ يجب أن يتحرك باستمرار، والتوقف معناه السقوط!
والله خلقنا لكي نعمل "ليبلوكم أيكم أحسن عملًا"..
والحراك الاجتماعي -كما يقول د. سلمان العودة- والأعمال الخيرية من أهم أسس النجاح:
"والله لن يخزيك الله أبدًا"!
بقلم / عمران بن كبير الأركاني
@Amranalarkany