[caption align="alignleft" width="300"]تحديات النساء والأطفال المسلمين في ميانمار .. بقلم أنجي عبد القادر[/caption]
ترجمة: سعيد كريديه
"لم أكن أعيش حياة هكذا لو لم أكن مسلما " هذا ما قاله أنوار سرداد ، الطفل الذي يبلغ من العمر 10 سنوات يعمل في ميانمار أكتوبر 2013 م.
منذ حصول الانتخابات الديمقراطية عام 2011م والتي أفضت إلى تبوأ ثين سين لرئاسة ميانمار ، كافأ المجتمع الدولي الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي حصلت بالبلد بالتخفيف من العقوبات الدولية وبالاستثمارات التجارية الخارجية والمبادرات الدبلوماسية الطيبة.
وفي الآونة الأخيرة، في تشرين الأول (أكتوبر) عام 2013م كوفئت ميانمار بالرئاسة الدورية لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان ) لعام 2014م ، فيما اعتبر هذا على نطاق واسع كجائزة لخطواتها الدبلوماسية الواسعة في مجال الإصلاح الديمقراطي.
وقد أعلن الرئيس ثين سين أن فكرة رئاسة بورما المقبلة على أنها " المضي قدما في الانخراط في مجتمع سلمي ومزدهر ".
ومع ذلك، يحاط صراع ميانمار مع الديمقراطية بسجل سيئ في مجال حقوق الإنسان أفسده العنف الطائفي الذي استعملته الحكومة كعقاب .
ولا يزال المسلمون ، الذين يشكلون ما يقرب خمسة في المئة من السكان في ميانمار البالغ عددهم ستين مليون، يعانون من القوانين والسياسات التمييزية التي تنتهك حرية ممارسة الدين، وحرية التنقل والحصول على التعليم والمساواة في فرص العمل .
الجدير بالذكر أن المسلمين ظلوا عديمي الجنسية لأن قانون الجنسية لعام 1982م في البلاد يحرمهم من حقوق المواطنة مما زاد في سخطهم ودفعهم للنضال من أجل البقاء على قيد الحياة .
للتأكد ، فإن انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت ضد الروهنجيا وغيرهم من المسلمين قد حصلت على نطاق واسع ومنهجي مع عدم وجود المساءلة ، كما لاحظ في الآونة الأخيرة المقرر الخاص للأمم المتحدة الخاص المعني بحالة حقوق الإنسان في ميانمار السيد توماس أوخيا كوينتانا .
وفي خضم هذا العنف يجد النساء والأطفال المسلمون أنفسهم على نحو متزايد من حالات الضعف التي لم يتم معالجتها ولا الاعتراف بها على نحو كافي.
تناقش هذه المقالة قضيتين تتعلقان بالأفكار التي وردت سابقاً .
1) القوانين التمييزية في مجال تحديد النسل
على مدى عقود استهدفت القوانين المحلية - تُعرف أيضاً باسم "قانون الطفلين" - الروهنجيا المسلمين حيث وضعت للسيطرة على النمو السكاني لهذه الأقلية.
فرضت السلطات البورمية هذه القوانين السياسة جنبا إلى جنب مع الأنظمة التي تتطلب تأمين موافقة رسمية ( عن طريق دفع رشاوى ) للزوجين المسلمين قبل الزواج، إذ عليهما تقديم بيان موقع منهما يتعهدان به عدم إنجاب أكثر من طفلين؛ وأي انتهاك لهذا القانون سيؤدي إلى فرض غرامات وسجن.
أما النساء اللواتي ينتهكن هذه القوانين فكن يهربن من البلاد ، مما يؤثر على أسرهن و مجتمعاتهن. أو كن يخترن الإجهاض للعودة إلى ديارهن لكن بعد تعريض صحتهن البدنية والنفسية للخطر.
أما الطفل الذي يولد نتيجة انتهاك للقوانين فيُحرم من أي وضع تشريعي ، ويمكن وضعه على القائمة السوداء الرسمية.
ونتيجة لذلك، فإن هذا الطفل حين يكبر لا يمكنه الاستفادة من التعليم ، ولا الحصول على تصاريح رسمية للسفر والزواج أو تسجيل الممتلكات، كما يمكن أيضا أن يتعرض للاعتقال أو الحجز .
ووفقا لأحد التقارير الحكومية هناك الآن ما يقرب من 60.000 طفل روهنجي غير مسجلين في ميانمار.
في مايو عام 2013م أشار الرئيس ثين سين إلى أن إدارته ستراجع "قانون الطفلين" . ومع ذلك ، فلحين كتابة هذا التقرير، لم يحدث أي شيء من هذا القبيل .
2) عمل شاق ولا مساواة في التعليم للأطفال
يؤدي أنور سرداد (الذي ذُكر بالأعلى) يوميا عملا مضنياً - جمع و تحميل الصخور لمدة ثماني ساعات - لكسب ما يعادل دولار واحد في اليوم من وكالة بناء تابعة للحكومة كي يساعد في إعالة أسرته، وظروفه مشابهة لغالبية الأطفال الروهنجيا المقيمين في ولاية راكين ، حيث يعيش ما يقرب من ثمانين إلى 90 في المئة من المسلمين الروهنجيا في ميانمار.
فدخل الأطفال يساعدهم ويساعد أسرهم في تأمين قوتهم حيث تعاني المنطقة من أعلى معدلات سوء التغذية المزمنة في البلاد التي تؤثر بشدة في النمو العقلي والبدني للأطفال.
بالإضافة إلى ذلك ،لا يمكن للأطفال الحصول على اللقاحات الكافية مما يعرضهم لأمراض لا يمكن الوقاية منها.
وحتى في حال انعدام الأمن الغذائي الحاد لم تضطر الأسر الفقيرة لإرسال أطفالهم للعمل الشاق ، فأطفال الروهنجيا يعانون من عدم المساواة في المجال التعليمي الرسمي والدائم.
و في المدارس الحكومية ليس لدى الأطفال كراسي أو مكاتب و يقوم المدرسون الذين عينتهم الحكومة بالتدريس بلغة لا يفهمها معظم الطلاب.
أما نسبة المدرسين إلى الطلاب فهي 1 مقابل 114 ، ولكن كثيرا ما يغيب المدرسون ولا يوفرون بدائل للتدريس مكانهم. فظروف كهذه تقوض أي بيئة تعليمية فعالة وتساعد في إنشاء معدلات أمية تصل إلى 80 في المئة عند الروهنجيا .
فالسلام والأمن و الحكم الديمقراطي يمكن أن يتواجدون في ميانمار من خلال حكم القانون فقط .
في الواقع، كما عبر عنه قرار مجلس النواب رقم 418 الولايات المتحدة ، الذي قدمه عضو الكونغرس الأمريكي جيمس ماكغوفرن ( من الحزب الديمقراطي لولاية ماستشوستس )، يجب على بورما إنهاء الاضطهاد لشعب الروهنجيا - الرجال والنساء والأطفال.
وكتدبير أولي ، يجب على ميانمار تعديل قانون الجنسية عام 1982م ليصل إلى الامتثال للقانون الدولي .
ويحرم القانون في شكله الحالي لما يقدر بمليون مسلم داخل حدود بورما الحصول على الجنسية ، مع الآثار المدمرة على النساء والأطفال.
فبهذا التعديل ، يضمن القانون الجديد حقوق المواطنة للروهنجيا ولغيرهم من المسلمين الذين تحولوا إلى عديمي الجنسية وهو انتهاك للإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
من المهم أن ندرك قدرتهم على أن يصبحوا أبطالا لهؤلاء النساء والأطفال. ولهذه الغاية، ينبغي أن تُشمل النساء الروهنجيات والمسلمات الأخريات في المبادرات المبرمجة الجديدة التي تشدد على التقدم والتنمية للمرأة في بورما.
وينبغي أن تشمل هذه البرامج آليات استرجاع العدالة للمساعدة في إعادة تأهيل ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان و إعادة دمجهم مرة أخرى في مجتمعاتهم.
في الواقع ، مع الموارد المناسبة والدعم يمكن للنساء والأطفال أن يكونوا بمثابة عوامل بناءة للتغيير داخل أسرهم ومجتمعاتهم و أمتهم - كناجين في البداية و كناجحين في النهاية.
*أنجي عبد القادر زميلة قانونية في معهد السياسة الاجتماعية والتفاهم ، وهو مركز أبحاث غير حزبي مقره في العاصمة الأمريكية واشنطن