[caption id="" align="alignleft" width="300"] داخل المدارس الإسلامية والدفع نحو الإصلاح[/caption]
وكالة أنباء أراكان (ANA) ترجمة الوكالة :
بقلم / Myat Noe Oo and Timothy McLaughlin
فتحت المدرسة الإسلامية في بلدة "ثاكتا" في حي "مانبيا" أبوابها للطلاب أول مرة عام 1958م.
وقد أثار ذلك قليلا من الجدل لعقود حتى بداية عام 2013م عندما بدأت أعمال الترميم في بنائها القديم. وقد سرت إشاعات على الفور في الحي البوذي المجاور أن المدرسة سوف تتحول إلى مسجد.
يقول السكان إن العمال بدؤوا بتوسيع المدرسة وقد أضيفت دعامة جديدة للهيكل القديم وبدأت عمليات الحفر لإنشاء بركة صغيرة في الخارج.
وقال أحد السكان "عندما قام أصحاب المدرسة بترميم المبنى لم تكن هناك أي مشكلة لكنهم استمروا في إضافة ملاحق له، و بدأت تبدو أكثر وأكثر مثل المسجد وهذه هي مشكلة كبيرة لأننا لا نريد مسجدا في هذا الشارع."
وفي وقت لاحق شرح الحاج يو آي لوين ، وهو الداعية الرئيسي في المركز الإسلامي في بورما والذي ينظم الحوارات بين الأديان وبرامج التوعية، أن هذه البركة هي للطلاب يتوضؤون منها قبل لمس القرآن – وهو إجراء عادي للتعامل مع النص المقدس وقد وافقت 8 إدارات حكومية بالفعل على خطة التجديد قبل بدء العمل الجاري .
ووفقا ليو ثان تين، رئيس لجنة إدارة المدرسة فإن التجديدات كانت مثيرة للقلق بالنسبة للسكان.
ففي ليلة 17 شباط فبراير 2013، بعد وقت قصير من بدء العمل، اقتحمت مجموعة المباني وغيرها من المحلات التجارية المملوكة للمسلمين وحطموا النوافذ وكسروا الأثاث ونهبوا ما فيها .
ووقع حادث مماثل في الليلة التالية فتم إرسال عشرين عنصراً من ضباط الشرطة لإخماد التوترات المتنامية .
وبعد يوم، أي في 19 شباط فبراير، تم إغلاق المدرسة و لم يعد 180 طالبا ممن درسوا هناك إليها بعد ذلك .
وقال يو ثان تين إنه يأمل أن تكون المدرسة قادرة على إعادة فتح أبوابها هذا الشهر أي بعد ما يقرب من عام بالضبط بعد إجبار إدارتها على الإغلاق.
وجاء إغلاق المدرسة في وقت وجود توتر كبير بين البوذيين والمسلمين - بعد فترة وجيزة من اندلاع موجتين من العنف في ولاية راكين (أراكان)، وقبل شهر من أن يبلغ الصراع مدينة ميكتيلا ، حيث كان العديد من الضحايا هم من طلاب مدرسة إسلامية.
وقال الحاج يو آي لوين إنه يعتقد أن غالبية المواطنين غير المسلمين لا يعارضون المدارس الإسلامية وأن الإغلاق في ثاكيتا كان عمل عدد قليل من "المتطرفين القوميين".
بالنسبة لكثير من البوذيين، على الرغم من أن عدد المدارس غير معروف، فإنها بمثابة هدف مثالي لأولئك الذين يأملون في إثارة المشاعر المعادية للمسلمين .
الرقم الرسمي لعدد السكان المسلمين في بورما - حوالي 4 في المئة من إجمالي السكان – ويعود هذا الرقم إلى تعداد عام 1973م ويعتقد بشكل كبير أن النسبة المئوية الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.
ومن المتوقع أن يعطي التعداد القادم للسكان والذي سيجري بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة (UNFPA) في آذار مارس ونيسان أبريل مؤشرا أكثر دقة عن عدد السكان المسلمين.
كما أنه من الصعب أيضا تحديد العدد الصحيح للمدارس الإسلامية التي تعمل حاليا .
ففي يانغون وحدها يقدر الحاج يو آي لوين أن هناك أكثر من 300 مكتب وهي المدارس المرتبطة بالمساجد حيث يدرس الطلاب بدوام جزئي في المساء بعد حضور المدارس الحكومية العلمانية خلال النهار .
وأشار مسح أجرته وزارة الدفاع عام 1997م من قبل الحكومة العسكرية عن المؤسسات الدينية أن هناك 759 مدرسة دينية في بورما بدوام مدارس إسلامية كامل ، و تم إدراج 111 منها في منطقة يانغون، لكن من غير الواضح ما إذا كانت هذه البيانات قد وضعت أي تمييز في التصنيف بين أنواع مختلفة من المدارس الإسلامية.
معظم المدارس الدينية في ميانمار هي مدارس داخلية في الغالب للذكور حيث يدرس الطلاب لمدة 10 سنوات أو أكثر و بعد الانتهاء من الدراسة ثم يسافر العديد من الطلاب إلى الخارج لمواصلة تعليمهم.
تدار المدارس من قبل مدير المدرسة، الذي يشرف على التمويل والأنشطة المدرسية وهناك أيضا لجنة للدعم تتألف من قادة ورجال أعمال محترمين .
ويأتي تمويل المدارس أساسا من الجهات المانحة المحلية، وفقا ليو كياو سو الأمين العام لمنظمة "مولوي جميع بورما" .
يقول قادة في المجتمع الإسلامي إن هناك حاجة للإصلاحات ويجب القيام بتحديث المناهج الدراسية التي يتم تدريسها في المدارس الدينية في بورما، والتي وصفها الحاج يو آي لوين بأنها "عفا عليها الزمن"
وقال يو ميو وين الذي أسس مؤسسة ابتسامة للتطوير و التعليم في عام 1999م إن النظام الحالي لا يعلم الطلاب على التفكير بشكل نقدي مضيفا "نحن بحاجة للحوار، وبحاجة للمناقشات".
وأشار إلى أن هناك حاجة ماسة إلى القيام بإصلاحات لتوجيه الجيل القادم من القادة في المجتمع المسلم، والذي يقف عند منعطف حاسم بسبب القيام بعملية ليبرالية في بورما والتهديد من التوتر الطائفي.
وتابع: "هذه المدارس لا تدرس التربية المدنية ، والوعي المدني، والجغرافيا، والتاريخ فكيف يمكن [للطلاب] أن يقوموا بعملية القيادة من دون معرفة التاريخ والجغرافيا والمفاهيم الأساسية في السياسة ؟"
وكان مسؤول مدرسة إسلامية أشد فظاظة في تقييمه، وأعرب عن قلقه من أن الطلاب في المدارس " هم في عزلة تامة عن نظام التعليم العالمي ".وكمثل الأشخاص الذين جرت مقابلتهم لهذا المقال مع صحيفة "ميانمار تايمز"، طلب المسؤول عدم الكشف عن هويته بالاسم كذلك لم يرغب المسؤول في تحديد موقع مدرستهم لأنهم يخشون من أن التحدث إلى وسائل الإعلام من شأنه أن يلفت انتباها غير مرغوب فيه.
وقد ذكر محمد محي الدين محمد سليمان طبيعة نظام التعليم الإسلامي المنكفئة في دراسته عن هذا المحور في كتاب صدر عام 2008م عن الدكتاتورية، والاضطراب والانحلال في بورما حيث كتب: "كل مسلم يدرك أن المدارس الدينية تراقب عن كثب من قبل النظام، ويتصرفون بأسلم طريقة ممكنة."
وقال الحاج يو آي لوين :" لغة التدريس في المدارس هي أيضا مشكلة – وهي مشكلة تقسم المجتمع المسلم في ميانمار منذ ثلاثينيات القرن الماضي عندما برز الانقسام حول اعتماد لغة بورما أو اللغة الأردية التي كانت تستخدم في المدارس الإسلامية في الهند."
على الرغم من أن المدارس في شمال بورما كانت تعلم في أغلب الاحيان باللغة العربية وتترجم النصوص إلى لغة بورما، فمعظم المدارس في جنوبها ويانغون تميل لتعليم الأردية بدلا من ذلك، ثم تترجم بعض الدروس إلى اللغة العربية. وهناك عدد صغير من المدارس في ماولامين وحولها في ولاية مون تعلم بالفارسية بالإضافة إلى القضايا اللوجستية - مثل المدرسين من شمال بورما الذين يأملون في التدريس في يانغون ويجبرون على أخذ دورات تدريبية في اللغة الأردية قبل أن يتم التعاقد معم – فإن اختيار اللغة له أيضا تأثير خطير على فهم الطلاب للقرآن " .
وأضاف " لا يتم تدريس اللغة العربية بشكل صحيح وهم بحاجة لتعليم اللغة العربية كلغة بمهارات الإتقان الكامل من القراءة والكتابة والاستماع والتحدث وعندها فقط سوف يكون [الطلاب] قادرين على فهم المعنى الحقيقي للرسالة ما هو القرآن، وما هي أقوال الرسول الكريم ".
على الرغم من الضعف في المناهج ، فإن المعلمين يقولون إنهم يعانون في إيصال معنى النص للطلاب بشكل صحيح.
وقال أحد المدرسين لصحيفة "ميانمار تايمز" :"أريد أن يكون الطلاب علماء مسلمين ضالعين في علمهم أريدهم أن يكونوا دعاة الانسجام العرقي والاجتماعي [كي] يخدموا مصلحة البلاد ".
يقول مسؤولو المدرسة الإسلامية إن الترهيب من قبل السلطات المحلية والحرمان من تصاريح بناء المدارس العادية هي مشكلة في هذا القطاع.
وقد بثت وزارة الخارجية الأمريكية أيضا هذه الشكاوى في تقريرها السنوي عن الحرية الدينية الدولية .
ومما يزيد هذا الخوف هو عدم وضوح أنظمة الدولة لقطاع التربية الإسلامية وهي غير مكتوبة بشكل واضح ، ويمكن تغييرها أو تطبيقها بشكل غير متساو وفقا لتقدير السلطات.
وقال محمد محي الدين محمد سليمان : "يبدو أنه لا توجد أي قواعد ولوائح واضحة لما يمكن القيام به في المدرسة الدينية في ميانمار وجميع القواعد والقوانين تتغير من وقت لآخر " .
وفي الوقت نفسه، تواجه المدارس الإسلامية تهديدات مباشرة أكثر فإثارة المشاعر المعادية للمسلمين قد تعززت في بورما خلال الأشهر ال 18 الماضية، والمدارس لم تنجو من العنف.
في شهر آذار مارس عام 2013 استهدفت مدرسة في ميكتيلا من قبل حشد من السكان البوذيين، الذين قتلوا أكثر من 20 طالبا و4 معلمين
. ومن خلال استخدام النشرات ووسائل الإعلام الاجتماعية مثل الفيسبوك، استهدف النظام الإسلامي من قبل المعلقين المعادين للإسلام.
وقال أحد المعلمين إن مدرستهم قد اتهمت بنشر خطاب الكراهية الذي يتجاهل التقاليد المحلية والمعتقدات ".
وقال الحاج يو آي لوين "إن حملات الكراهية ما زالت مستمرة ."
يدرس كو أونغ كياو أوو 22عاما في بلدة ماو لامين، حيث تعرض الملصقات من الحركة القومية المتطرفة الموالية للديانة البوذية "969" بانتظام وبشكل بارز .
وقال إن الشائعات المستمرة من العنف ضد المسلمين جعلته يشعر بعدم الارتياح إزاء حضور المدرسة الإسلامية. وأضاف "نشعر بالخوف، نحن قلقون مما سيحدث عندما نكون في المدرسة. أريد أن أدرس التعليم الديني في سلام وأمان ".