وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
مئة وخمسون ألف نازح روهنغي، فرّوا من إقليم أراكان أو ما يعرف قديما باسم إقليم أراكان، نحو دولة بنغلاديش المجاورة؛ هرباً بأرواحهم من العنف الممنهج الذي تمارسه السلطات الميانمارية وجماعات الماغا البوذية المدعومة من النظام الحاكم ضد الأقلية الأكثر اضطهاداً في العالم بحسب تصنيف الأمم المتحدة.
المفوضية السامية لشؤون اللاجئين قالت أن 1500 روهنغي يهربون خارج حدود البلاد كل ساعة. ويتحدث معظم من فروا عن قيام الجيش وحشود من البوذيين في أراكان بمهاجمة المدنيين وحرق قراهم، وتدمير منازلهم في حملة لدفعهم إلى مغادرة البلاد نحو الدول المجاورة برحلة قاسية وشاقة تزهق أرواح العشرات منهم.
أحمد أبو الخير الكاتب والباحث الروهنغي أحمد أبو الخير تحدث لـ مانشيت24 عن المأساة التي يعيشها الروهنغيا إثر الممارسات الطائفية من قبل الحكومة والسكان المحليين، واصفا ما يحدث بأنه إبادة جماعية.
وأضاف: إن السلطات الميانمارية تمارس حملة تهجير قسري للمسلمين الروهنغيا من البلاد، الأمر الذي يتعارض مع جميع الاعراف والقوانين الدولية.
وأكد على أن ما يراه العالم مجزرة حقيقية بحق الأقلية التي لا تشكل سوى 10% من سكان ميانمار، قائلا: “لقد رأى العالم بأسره كيف تم إحراق القرى والمنازل بمن فيها دون سابق إنذار أو السماح للأهالي بالمغادرة بسلام إلا فيما ندر؛ ورأيتم أفواج المهجرين من النساء والأطفال وكبار السن يقطعون الفيافي والجبال والغابات لعشرات الأميال مشيا على الأقدام دون مساعدة أي جهة، ودون أن تتوفر لديهم مقومات العيش من طعام وشراب ودواء؛ لاسيما وأن الجو مطير لمرور المنطقة بالأمطار الموسمية الغزيرة؛ فالناس الآن يفترشون الأرض الغارقة في الطين والوحل ويلتحفون السماء التي تنهمر بالمياه من فوقهم، إضافة إلى ما هم فيه من القهر النفسي لفقدان ذويهم وأقاربهم قتلا وحرقا أو ضياع أفراد منهم في الغابات والبراري، متوقعا انضمام نحو 300 ألف نازح روهنغي جديد إلى النازحين الآن في بنغلاديش ما سيزيد تأزم الوضع من حيث توفير المؤن الحياتية من غذاء وشراب ودواء، علاوة على ذلك فإن آلاف الأسر النازحة قديماً إلى بنغلاديش ما زالت تعيش في الطرقات تحت ظل أكياس النفايات يفترشون الأرض لا غطاء ولا فراش، لا غذاء ولا شراب ولا دواء.”
أما عن موقف الحكومة والشعب البنغلاديشي من نزوح الروهنغيا تجاه بلادهم قال: “الموقف الشعبي العام جيد، وقامت هناك عدة مطالبات شعبية لإنهاء العنف الميانماري تجاه المسلمين، ونحتاج أن يكون الموقف الرسمي أكثر مرونة في احتواء جيرانهم المسلمين، أين يذهب هؤلاء؛ العدو خلفهم والبحر أمامهم، وليس لهم بعد الله إلا أخوتهم في الدين”
جماعات متطرفة تدخل على خط الأزمة الروهنغية
مأساة إنسانية، وعنف مطلق، فتح الباب على كثير من التساؤلات حول احتمالية استغلال أزمة مسلمي الروهنغيا في البروباغندا الجهادية، خاصة بعد دعوات تنظيم القاعدة إلى شن هجمات ضد السلطات الميانمارية، ما يدخل الإقليم على خط الإرهاب ومكافحته، مما يعطي مبرراً لزيادة وتيرة العنف الممارس ضد المسلمين أجاب عليها أبو الخير قائلا: “لا أستبعد رغبة الكثيرين في التدخل للمناصرة إذا استمر الوضع هكذا، لأن العنف والقسوة يولدان انفجارا قويا مستقبلا، خاصة أن الإنسان مفطور على رد الظلم ودفع الشر وقد يدفعه الحماس للانخراط مع منظمات متطرفة لأجل الانتقام. ولاشك أن زيادة وتيرة العنف ودفع الحكومة الميانمارية العصابات البوذية للانتقام الاثني والعرقي من المسلمين أكبر ذريعة لدخول الجماعات المتطرفة في الخط بدعوى حماية الشعب المسلم، وهنا يصطلي بنار هؤلاء الصغير والكبير والقريب والبعيد، ولذلك أناشد الأنظمة والدول الإسلامية لاتخاذ موقف موحد مشرف يعيد إليهم ماء وجههم بعد عجزهم عن حماية شعب صغير من حكومة ظالمة تستخدم قدراتها المحدودة بأسلوب وحشي بربري..
وثانياً ليبرؤوا ساحتهم أمام الله عز وجل ويجنبواً إخوانهم القهر والظلم وتدخل الجماعات المتطرفة وغيرها.”
التفاعل الشعبي والإعلامي مع أزمة الروهنغيا
وفي معرض السؤال عن رضا الروهنغين على التفاعل العربي والإسلامي مع أزمتهم، ثمّن أبو الخير التفاعل الشعبي ووصفه بأنه جيد ولافت للانتباه، قائلا: “حقيقة كان تفاعل الشعوب العربية والاسلامية مع أزمة الروهنغيا الأخيرة كان جيدا ولافتا للانتباه، رأينا في عدة عواصم عربية وإسلامية مطالبات جماهيرية للوقوف أمام عدوان الجيش الميانماري تجاه المدنيين العزل من شعب الروهنغيا المسلم، آملا بتحرك أكبر من قادة الدول الإسلامية والعالم”
أما إعلاميا أبدى أبو الخير عدم رضاه عن التغطية الإعلامية تجاه قضية الروهنغيا، خاصة وأنها مستمرة منذ سنوات دون التفات إعلامي حريص لأزمتهم؛ فيما شكلت الأحداث الأخيرة وتوفر المقاطع والصور المؤثرة التي تحكي المأساة، مادة إعلامية دسمة وصفها “بالإثارة” ما دفع الوسائل الإعلامية لتغطيتها ونقلها بحسب رأيه، موجها رسالة إلى الإعلام العربي والإسلامي قائلا: ” آن الأوان لنصرة إخوانكم الروهنغيا؛ فأنتم سهم مسموم في نحر العدو، وكل خبر أو تقرير أو تحقيق من قبلكم يمثل قنبلة في وجه المعتدي الظالم، والإعلام رسالة حضارية وإنسانية سامية، وهو صوت الحق الذي يجب أن يستمر.”
حملات تشكيك بما يحدث في ميانمار
ورداً على حملات التشكيك بتفاصيل الأزمة الروهنغية أضاف أحمد أبو الخير: “إن حملات التشكيك في قضية عمرها 70 عاما على الاقل؛ يقودها شباب أحداث لا خبرة لهم ولا دراية حقيقة بما يجري في أرض الواقع؛ أو هم مدفوعون من قبل دول أو منظمات يهمها التشكيك في القضية؛ كما أن هناك أخبارا متواترة من السكان المحليين بأن الحكومة الميانمارية جندت أفرادا للتشويش؛ وذلك بإدخال صور مفبركة أو تعود لأحداث قديمة لا صلة لها بمأساة الروهنغيا؛ مع أن ما يحدث في أركان – ميانمار، لا يقل بشاعة عن تلك الصور. وما أود الوصول إليه هو أن هؤلاء المشككين من أي فئة كانوا يخدمون العدو من حيث لا يشعرون، ويقدمون له خدمات مجانية؛ ويروجون لأكاذيبه ومبرراته.
وأكد أيضا بأن هناك حسابات يتم تصفيتها بين مختلف الأحزاب التي تنتمي إلى الإسلام على حساب القضية.”
وختم موجها رسالة باسم الروهنغيا إلى العالم لإيقاف العنف والحقد المنصب تجاههم، وإعادة كافة حقوقهم المدنية والإنسانية وهو واجب على الجميع.