موعدنا اليوم مع رجل نشأ وتربى في أسرة تعشق العمل التطوعي، وشب على حب الخير حيث يعمل والده في المجال الخيري ما يقارب 40 سنة ومازال مدير مبرة طريق الإيمان الخيرية الداعية محمد القلاف، حيث يقول: بدأت عملي التطوعي من خلال مشاركتي في حملات الحج عام 1996 ومازلت متواجدا كمتطوع في هذه الحملات حتى هذه اللحظة، وذلك لما ألقاه من راحة ومتعة في خدمة حجاج بيت الله الحرام، كذلك أقوم ببعض الأعمال التطوعية في بعض مشاريع جمعية إحياء التراث، وقد شاركت في بعض الحملات الاغاثية منها زيارتي وبعض الاخوة من مؤسسات خيرية كويتية وقطرية الى المسلمين النازحين من بورما الى الحدود بين بورما وبنغلاديش هربا مما يلاقونه من تعذيب على أيدي البوذيين المتعصبين في بورما، كذلك عملي التطوعي في إدارة مبرة طريق الإيمان الخيرية كمدير عام للمبرة.
الموت البوذي
وعن المواقف التي كان أكثرها تأثيرا في نفسي هو مشهد الأطفال والعجائز من المسلمين الهاربين من الموت البوذي في بورما، لقد كانت رحلة السفر للوقوف على هذه المأساة الإنسانية من أهم رحلات العمل التطوعي في حياتي، حيث استمعت فيها إلى قصص من العذاب قد لا يتصورها البعض من وحشية وقهر فقط لأن أصحابها مسلمون، فقد التقيت رجالا ونساء قتل كل أبنائهم وأحفادهم ونجوا فقط بأرواحهم، وآخرين نجوا من الغرق باعجوبة وهم فارون من الموت عبر البحر، رغم ان كثيرا منهم ماتوا غرقا، اما رحلات التطوع في حملات الحج ففيها الكثير من مشاهد السعادة والفكاهة من بعض الحجاج لأن رحلات الحج مليئة بالروحانية والسعادة بالنسبة للحجاج.
مشكلات
وعن الصعوبات التي تواجه العمل في هذا المجال يقول: تواجهنا معوقات وصعوبات على المستوى الشخصي أو المستوى العام، فمسألة تنظيم الوقت بالنسبة للشخص المتطوع تعتبر واحدة من المشكلات خاصة بالنسبة للأشخاص المرتبطين بعمل حكومي أو خاص مرتبط بأوقات والتزامات عمل كذلك الإلمام بمجالات التطوع واختيار المجال المناسب لكل شخص حسب توجهه، اما على المستوى العام فإن مجالات التطوع تحتاج الى المزيد من اهتمامات الدولة ومؤسساتها المعنية خاصة المؤسسات الشبابية وفتح المجال بشكل أوسع للتطوع بالنسبة للمرأة والفتاة في مراحل العمر المختلفة، فكل شخص محب للعمل التطوعي في المجال العام أو الخاص يمكنه ان يفيد مجتمعه بقدر كبير اذا ما تم توجيهه بالشكل الصحيح.
أمنية
وأتمنى ان أرى اعدادا كبيرة من المتطوعين للعمل في كل المجالات، خاصة من الشباب مع زيادة دور المرأة في هذا المجال في الكويت مع رعاية الدولة للعمل التطوعي واهتمامها وتنظيمها له بما يحقق أهداف التنمية.
وبالنسبة للعمل الخيري أتمنى ان يسارع الناس الى طريق الخير وعدم الاكتفاء بما هو ملزم بل الزيادة عليه (فمن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم) وان تهتم مؤسسات العمل الخيري كل في مجال تخصصها بهذا الجانب من العمل الذي يساهم في تنمية المجتمعات وتحقيق الأهداف وترابط الناس.
وكيف يؤهل الشخص نفسه لكي يكون مميزا في هذا المجال العمل التطوعي والخيري؟
النفس البشرية عامة جبلت على حب الخير وهي كالطفل ان عودته على الرضاعة شب على رحب الرضاع وان تفطمه ينفطم، هكذا حب العمل التطوعي في النفس فإن حرصت على ان تتقرب الى الله بطريقتك الخاصة فما عليك الا ان تؤدي ما عليك من التزام (فرائض) ثم تزيد على هذا بالتطوع ومن تطوع فإن الله شاكر عليم، حتى اذا ما سرت في هذا الطريق وجدت له لذته ومذاقه ووجدت نفسك تواقة الى السير فيه دون تركه فتأهيل النفس يأتي بتواصل العمل وبذل الجهد فيه والتواصل مع ذوي الخبرة فكل مجال من مجالات التطوع له من اهله من لهم خبرة كبيرة في معرفة تفاصيله وادارته.يقوم الناس بالرحلات لأغراض عدة بعضهم لإنجاز الأعمال وعقد الصفقات ومعظمهم للسياحة والترفيه أو لمجرد اللهو والاستمتاع الحسي، ولكن ماذا عن الدعاة الذين آلوا على أنفسهم حمل رسالة سامية وإيصالها إلى غيرهم ممن لا يعلمون عن الإسلام شيئا؟ أين ذهب هؤلاء الدعاة في رحلاتهم وماذا شاهدوا؟ وما انطباعاتهم خلال تلك الرحلات؟ كل يوم يحدثنا البعض عما رأى في رحلاته.
" جريدة الأنباء "