وكالة أنباء أراكان (ANA) – متابعات
بقلم: د.إبراهيـــم بن عبد الله الدويش
الأخوة بين المسلمين علامة من علامات الإيمان، والمسلمون كالجســــد الواحد إذا مرض منه عضــو تداعى له باقي الجســــد بالسهر والحمى، وقد قذف الله في قلوب المسلمين المخلصـــين الصادقين المحبة والمودة للمسلمـين على اختلاف ألوانهم وأشكالهم وابتعـــاد أقطارهم، واهتمام المسلمين بقضـايا إخوانهم في كل مكان ليس أمرًا ثانويًّا يفعله المسلم بين الفينة والأخرى، وإنما هو عمل جليل وتطبيق واقعي لقول الله عز وجل: { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: 10]. وهو مما دعا إليه النبي وحض على فعله ورغب فيه فقال : (المؤمن للمؤمن كالبنيان، يشد بعضه بعضًا). وقال صلوات الله عليه: «أَحَبُّ النَّاسِ إِلَى اللَّهِ أَنْفَعَهُمْ لِلنَّاسِ، وَأَحَبُّ الْأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ سُرُورٍ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دِينًا، أَوْ تُطْـــرَدُ عَنْهُ جُوعًا، وَلَأَنْ أَمْشِيَ مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجــــَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجــِدِ -يَعْنِي مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ- شَهْرًا، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَــــتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ، وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضـــــَاهُ، مَلَأَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَهُ أَمْـــنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِــــــيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى أَثْبَتَهَا لَهُ أَثْبَتَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَدَمَهُ عَلَى الصِّــــرَاطِ يَوْمَ تَزِلُّ فِيهِ الْأَقْدَامُ»
هذه الأصول الإسلامية الرائعة في معنى التكاتف والتآلف والتعاون بين المسلمين نستدعيها عند كل حدث أو مأساة إسلامية لعلها أن تشعل جذوة الدين أو تذكر النفوس بعظم الأجر الأخروي كمـــا في صرخة قدوتنا وحبيبنا : «مَنْ نَفَّــسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ»،
لكن الكثير من المسلمين قد لا يعلمون فضـلاً عن أن يعمـلون ويهتمون ويتفاعلون، وهنا يتضــاعف دور العلماء والدعاة والخطـباء والإعلاميين، فدورهم هام وحيوي بنصرة المنكوبين وإيقاظ الغافلين كما في قضية مسلمي الروهنجيا أكبر أقلـية على مستوى العالم كما تقول منظمة الأمـم المتحدة؛ ومع ذلك فقلة ممن يهتم بأمرهـم أو يلفت الأنظار لقضيتهم بالكلمة والخطـــبة والمقالة فضلاً عن المال والدعـاء ليس في خطبهم ومحاضـــراتهم فقط بل وتوعية المجتمــــع المسلم من على صفحاتهم الشخصـــية ومواقعهم وكل الوسائل المتاحة،
وحث أصحــاب المال والأعمال بالدعـم والتبرع والإنفـــاق على المسلمين المستضعفــين هناك بل وتمـــويل الحملات الإعلامـية والدعوية والإغاثية للشعـب المسلم في أراكان،
ونشــــــر التقارير والمذابح التي ترتكب في حقهم والتواصل مع أبناء الجالية البورمية في كثير من الدول خاصة ممن نشطوا أخيرًا وأخذوا في التحرك لقضية شعبهم وأهلهم فأسسوا اللجان والمجلات والبرامج الإعلامية كوكالة أنباء أراكان وغيرها من الجهات المتخصصة في نقل أخبار المسلمين هناك، نسأل الله أن يوفقهم ويبــــارك في جهدهم.
وقبل الختام أستحث كل مسلم ومسلمة أن لا يحتقر جهده مهما صغــــر فهو عند الله عظـيم، فكم من عمل صغــــير كبرته النية التي تحمــل في قلب صاحبـها الكثير من الهم والاهتمام للمسلمين والمستضعفين في كل مكان، فما دام العمل لله خالصًا صوابًا فحسبك أن الله يسمع ويرى، وكــم من درهـم سبق مائة ألف درهم، فاهـتم وتحرك وابذل ولو بكلمـة، ولا تحقرن من المعروف شيئًا،
نسأل الله أن يرفع عنهـــم الظلم، وأن يهلك الظالمين المتكــبرين الذي يؤذون عباد الله في كل مكان، وأن يجعل تدبيرهم تدميرهم. {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21].