د. وسام البردويل
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
دولة مثل روسيا يوجد فيها قوانين تتيح التعبير عن الرأي وتتيح النشاط السياسي والاجتماعي والإعلامي والخيري، وإن كانت هذه القوانين مقارنة بأوروبا الغربية والولايات المتحدة تتيح مساحة أقل للعمل، ولكن هذه المساحة موجودة وهي شاغرة وغير مستغلة.
قبل الحديث عن دور مسلمي روسيا في دعم ومساعدة إخوانهم الروهنغيا في ميانمار، أحب أن أؤكد أن هذه القضية كانت سبباً في إحداث بعض التغيرات في حياة المسلمين في روسيا، لربما تكون خطوة أولى لتغيرات إيجابية في مصلحة المسلمين في روسيا وخارجها.
ما يقوم به المسلمون حالياً في روسيا:
إعلامياً: يتم نشر وبشكل واسع المعلومات والأخبار، ولكن بشكل أساسي في وسائل التواصل الاجتماعي، وتغطية إعلامية ضعيفة للغاية في وسائل الإعلام المرئية والراديو والمقروءة، والسبب أن المسلمين ليس لهم وسائل إعلام يمتلكونها أو يؤثرون فيها، وليس لهم إمكانية في التأثير على وسائل الإعلام الموجودة أو التعاون معها، وحتى التغطية الإعلامية التي كانت موجودة فيرجع الفضل إلى المظاهرات التي كانت في موسكو والشيشان بشكل أساسي، فكانت التغطية لحدث داخلي جلب انتباه وسائل الإعلام، ولكن للأسف الكثير منها كان سلبياً.
عمل خيري إغاثي: تتسابق الآن عدة مؤسسات خيرية إسلامية روسية في جمع التبرعات وتقديم المساعدة للمسلمين في ميانمار.
والحقيقة أن المسلمين يساهمون بشكل جيد بالتبرع، وقد جُمعت مبالغ كبيرة لتقديمها كمساعدات للاجئين الروهنغيا.
نشاط اجتماعي وسياسي: القضية الروهنغية لاقت اهتماماً في أوساط المسلمين في روسيا في السنوات الأخيرة، وقد كانت هناك زيارات لشخصيات إسلامية معروفة ومؤسسات إلى ميانمار لتقصي الحقائق، ومن أشهر الشخصيات التي زارت ميانمار المحامي المسلم المشهور مراد موسايف، وقد كتب مقالات عن زيارته.
ولكن بعد التصعيد الأخير تمت دعوات في وسائل التواصل لاتخاذ إجراءات أكثر جرأة لإغاثة الروهنغيا، ومن ضمن الاقتراحات كان تنظيم مظاهرات أمام سفارة ميانمار، ورغم رفض أغلب الزعماء الدينيين في روسيا هذه الفكرة وتحذير المسلمين من المشاركة، ورغم دعوات المحامي موسايف بعدم المشاركة؛ لأن المظاهرة لم يكن مصرح بها من قِبَل السلطات؛ مما يعني أن المشاركين سيتعرضون للسجن الإداري ودفع الغرامات الكبيرة؛ فإن حوالي ألف من المسلمين الشباب قد تجمعوا أمام السفارة، والشرطة كانت موجودة ولم تتعرض لهم بأي سوء، وحقيقة هذه أول مرة في تاريخ روسيا الحديث يستخدم المسلمون حقهم في التعبير عن رأيهم باستخدام آلية التظاهر، وهذا بحد ذاته حدث تاريخي ذو مغزى عظيم، ورسالة قوية للمسلمين وقياداتهم والحكومة الروسية.
وبغض النظر عن سوء تنظيم المظاهرة وعفويتها إلا أنها أثبتت أن للمسلمين ثقلاً سياسياً واجتماعياً يمكنهم أن يستغلوه، وكانوا محرومين منه في السابق، وأنه ما زالت هناك مساحات واسعة من إمكانية التعبير عن الرأي.
خطوات مطلوبة
بالرغم من العمل الإعلامي والإغاثي وحتى الاجتماعي السياسي المشكور الذي يقوم به بعض الأفراد والجمعيات الخيرية؛ فإن بإمكاننا القيام بأكثر من هذا بكثير، ومن وجهة نظري أنه لا بد من تأسيس مؤسسة إسلامية روسية متخصصة في إغاثة مسلمي الروهنغيا بشكل دائم ومستمر ومتواصل.
الدور الإغاثي الذي يمكن أن تقوم به هذه المؤسسة الإغاثية الروسية لدعم لقضية الروهنغيا:
- تأسيس جمعية اجتماعية روسية محلية متخصصة في قضية الروهنغيا، ممكن تسميتها مثلاً «جمعية إنقاذ الروهنغيا».
- تكوين فريق العمل؛ فهذه المؤسسة تحتاج إلى ثلاثة أشخاص يديرونها ولو بشكل تطوعي، على ألا ينشغلوا في نشاطات إسلامية أخرى، كما تحتاج لحوالي عشرين متطوعاً يساعدون في تنفيذ المشاريع والحملات حسب الاستطاعة، ولا يحتاج الأمر تشغيل العشرين شخصاً، بل من يستطيع منهم حسب الوقت والمكان والظروف، ومن هنا نرى الموارد البشرية المطلوبة ليست كبيرة أبداً لأمة إسلامية تعدادها ٢٥ مليون مسلم في روسيا.
- التواصل مع مؤسسات الروهنغيا الرسمية؛ فهذه الجمعية يجب أن تتواصل مع كل الجمعيات الممثلة للروهنغيا الشرعية والقانونية للتواصل والتنسيق معها، وهذا مهم للغاية بألا نتكلم باسم الشعب ونحن لا نعرف مطالبه وأولوياته الحقيقية.
- تنظيم مساحات العمل المختلفة؛ لهذه المؤسسة عدة اتجاهات للعمل.
أولاً: إعلامياً؛ وذلك بالاهتمام بوصول المعلومات الصحيحة والدقيقة عن الصراع في بورما وتوصيل المعلومة للمسلمين وإرسالها إلى وسائل الإعلام المحلية حتى تصبح بمثابة المتحدث (غير الرسمي) الأول عن هذا الصراع في روسيا، وهذا سهل تحقيقه.
ثانياً: العمل الخيري الإغاثي؛ وهذا أيضاً سهل جداً، والمساعدات التي يمكن جمعها في روسيا ستكون كبيرة ومفيدة.
ثالثاً: العمل السياسي والاجتماعي؛ لقاء شخصيات سياسية ومسؤولين حكوميين وشخصيات مؤثرة وتوجيه خطابات للحكومة ووزارة الخارجية وغيرها من النشاطات التي سينتج عنها تشكيل رأي عام مساند للقضية في أوساط المجتمع الروسي وقيادته السياسية والثقافية، بالإضافة إلى الحصول على التصريحات اللازمة والإجراءات للقيام بنشاطات اجتماعية كالتجمعات والمظاهرات وغيرها، واستخدام القوة العددية للمسلمين لتحقيق أهداف الجمعية.>