وكالة أنباء أراكان ANA: (مجلة صوت الروهنجيا)
استنكار شديد وألم كبير أثارته مشاهد الجثث المحروقـة، والأطفال المذبوحين، والنساء اللاتي ألقين بأنفسهن في البحـر هرباً من الاغتصاب، لكن هل تعلـم عزيزي القــارئ .. أن هـذه المشاهد ليست هي الأولى!
فالمسلمـون في أراكان تعرضـوا عام 1942م لمذبحة كبرى علـى يـد البوذيين المتطرفــين، راح ضحيتها أكــثر من 100 ألف مسلـم، وشرد مئات الآلاف، كمـا تعرض المسلمون للطرد الجماعي المتكرر خارج وطنهـم خــلال الأعوام من 1962م إلى 1991م ، حيـث تم تهجـير قرابـة المليـون ونصف المليون مسلم إلى بنغلاديش في أوضاع إنسانية قاسية!
واستمرت المجـازر تلـو المجـازر لأكثـر من 60 عامًـا ضـد الأركـانيين، فضلاً عن استمرار التطهـير العرقي وأبشع صـور القتل والإبعاد القسـري، والتهجير، وتدمير المنـازل والممتلكات وهدم المساجد على يـد العصابات البوذية المتطرفة «الماغ» بدعم أو تواطـــؤ من النظـام فـي جمهورية ميانمـار . لكن للأسف ! لم نكن وصلنا بعـد للعالم الإعلامـي الحـديث الذي جعل العالم قرية، بل غرفة صغيرة تعرف من خلالهـا الأحداث وقــت وقوعهـا !!
لذلك ما إن تكررت المجـازر في هـذه الفـترة التي انتشـــــر بها وسائــــل التواصـل الحديــث إلا وانتقلت صورها المؤلمة لكل أصقاع الأرض، وضج الشــرفاء وأصحاب الضمـئر الحية بالغضب والاستنكـار، والمطالبـة بالتحرك الجاد, وأقـاموا الفعاليات والنـدوات والمؤتــمرات !
ولعلنا في هذا المقام نعتز بأن جمعية المقوـات كانت سبـاقة – مع تقديرنا لكافـة الجهود المشكـورة لكل الجهـات – فنظمـت أول نــدوة حقوقية جماهيـرية بالكويت، بعنوان : (أراكـان وستـون عامـا من الجرائـم ضــد الإنسانيـــة) سلطنـا من خلالـها الضـــوء عـلى مــا يعانيه مسلمـو أراكــان في بورما، وحاضـر بها نخبـــة مــن الحقوقيين والقانونيـين والبرلمانــيين، وتضمـنت مداخلة هاتفية من أمــين ســر مسلمي الروهنجـــيا الأستاذ: عبدالله معروف الأركاني من السعـوديـة، وقد خرجـت بمجموعـة توصيات هامة يمكن للمهتمـين مطالعتها من خلال موقعنا الإلكتروني، وقمـنا على إثرها بتقديم بلاغ الى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية عـــن الجرائم البشعة والممنهجة التي ارتكبهـا ولا يـزال يرتكبها النظام السياسي الحاكــم في بورما وتنظيمـاته الأمنية والعسكـرية والأغلبية البوذية ضد «الأقلية الـروهنجية المسلمـة »، نعـم ! نسعـى ونطالـب بمحاكمة النظام البورمـي فقـد اعتبـرت المـادة السابعة من نظام رومـا الأساسي للمحكمـة الجنائيـــة الدولية ، أن ارتكاب هجـوم واسع النطاق، أو منهجـــي موجـه ضد أي مجموعــة من السكان المدنيــين أو اضطهاد ضــد أي جمـاعة محـددة ، أو مجموعــة محددة من السـكان لأسباب سياسية،
أو عرقيـة أو قـومية أو إثنية أو ثقافـيية أو دينية، جريمة ضد الإنسانية» وقررت المادة (3) من اتفاقية الإبادة الجماعية، وجوب أن يعاقب على الأفعــال التاليـة: الإبادة الجماعية، أو التآمــر على ارتكاب الإبادة الجماعية، أو التحريض المباشــر والعـني على ارتكاب الإبادة الجماعية، أو محـاولة ارتكـاب الإبادة الجماعية،أو الاشتراك في الإبادة الجماعــية، في حين وضعـت المادة (4) من الاتفاقــية جمـيع مرتكبي مثـل هذه الفظائع تحت طائلة المسؤولية، حيث تـنص علىأن يعاقب مرتكبو الإبادة الجماعيـة أو أي فعـل من الأفعال الأخرى المذكـورة في المادة الثالثة، سـواء كانوا حكاما دستوريين أو موظفـين عاميين أوأفـرادا. وإذا لم يكن ما يحدث للروهنجيـين مجـزرة ضد الإنسانية وإبادة جماعيـة، فماذا يمكن أن يكون ؟! وهذا لا يعـني أننا نحرض على ديانــة أو فئــة بـــل نحترم الكرامة الإنسانية لجميع البشر، لكن وبناء على ما تقدم من أنواع الجرائم التي قام بها مجـرمو «الماغ» بتواطؤ من السلـطة، فقد حان الوقت لينال كل مجرم عقابه، ونطالب المنظمـات الدولية الحقوقية والإسلاميـة, وحكومات الدول الإسلامية القيام بواجبهم قبل أن يباد آخر مسلم في أراكان !
بقلم: د.يوسف الصقر
رئيس مجلـس إدارة جمعية مقومات حقوق الإنسان بدولة الكويت