وكالة أنباء أراكان ANA: (الرياض)
في عالم يزعم أن لديه عيونا ترى، وآذانا ليست صماء، ويدعي الحضارة والسباق نحو الأفضل والتطور، ونحو سمو القيم المثلى، وفي مقدمتها ما يتعلق بحقوق الإنسان بالعالم، يصبح من الصعوبة بمكان أن نصدق أن جرائم يمكن أن ترتكب، وحملات إبادة وتطهير عرقي، يمكن أنتحدث، أمام مرأى ومسمع هذا العالم الذي يدعي أنه متحضر، هذه السطور ليست سوى مدخل لذلك الجدل الكبير الذي يثيره صمت الرأي العام العالمي، عن الكثير من الجرائم الكبرى بحق الإنسان والإنسانية في العالم، عندما يتعلق الأمر بالشعوب الفقيرة المضطهدة والمسالمة والمهمشة، كما يجري ضد الشعب الفلسطيني، على يد الاحتلال الإسرائيلي، أو ما جرى في بورما من حملات إبادة جماعية بشعة، وتطهير عرقي كامل ضد المسلمين المسالمين في هذا البلد، أو إقليم الأحواز العربية المحتلة المنسية من قبل المنظمات العالمية، فبعد حملات من التضليل والزيف والتحريض المكشوف لسنين عدة، أمام سمع ومرأى ما يسمى بمنظمات حقوق الإنسان بالعالم، التي امتهنت النفاق والكيل بمكيالين، باتت الجرائم ضد المسلمين في بورما وعمليات الإبادة الجماعية المشهد الأكثر بروزاً في ذلك البلد.
وحسب شهود عيان، فإن قوات الأمن تواطأت في تجريد الروهنجيا من أسلحة بدائية كانت تمتلكها، ووقفت في وضع المحايد والمتفرج، بل شاركت خلال قتل بوذيين من الراخين رجالا ونساء وأطفالا، مسلمين في عام 2012م.
أما التقارير الإخبارية فقد أشارت آنذاك إلى أن قوات الأمن لم تتدخل لمنع العنف وحماية المسلمين الهاربين والفارين من الموت، وحسب وإنما قد تكون ساهمت أو ساعدت بشكل مباشر المهاجمين في ارتكاب جرائم قتل وانتهاكات أخرى صارخة “.
وقالت جهات محايدة إن السلطات البورمية وعناصر من طوائف عدّة بولاية أراكان قد ارتكبوا جرائم بشعة تقشعر لها الأبدان ضد الإنسانية في إطار حملة تطهير عرقي بحق الروهنجيا المسلمين في الولاية، وذلك منذ يونيو 2012 وحتى الآن، وإن الحكومة البورمية التي تورطت في حملة تطهير عرقي ضد الروهنجيا، في عام 2002 م، مستمرة حتى الآن، من خلال منع المساعدات وفرض القيود على التنقلات ومضايقة مسلمي بورما الذين تعرضوا لأقسى أنواع الاضطهاد القتل والتعسف والحرق وهم أحياء أمام أعين المصورين، من خلال هذه الصور المقززة والصادمة والقاتلة ورغم بشاعتها إلا أننا أردنا أن نوضح للقارئ والعالم حجم أكذوبة ما يسمى بإنصاف وعدالة حقوق الإنسان غير الإنساني!، وكل هذا جرى ويجري في بورما من دون أن يحرك العالم ساكنا لإنقاذ هؤلاء المساكين المسالمين العزل، فيما يصدع رؤوسنا ليل نهار، باسطوانة حقوق الإنسان التي باتت كالقربة الممزقة، والأسطوانة المشروخة، ويذرف دموع التماسيح على من يريدون تسليط الضوء عليه لمآرب أخرى.
أليس غريباً وصادما لا بل ويدعو إلى التقزز والاستغراب، أن يتسابق العالم كله، ومن ضمنهم قادة الكيان الصهيوني الذي تلطخت أياديه بدماء الشعب الفلسطيني، لإدانة جريمة قتل الصحفيين في جريدة شارلي ايبدو الفرنسية، التي شاركت في نشر رسوم مسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ولم يتحرك هذا العالم المراوغ والكاذب، لإدانة جرائم كبرى كالتي وقعت بحق مسلمي بورما، الذي قتل رجالهم ونساؤهم وحتى الأطفال منهم أمام مسامع ومرأى الأمم المتحدة، وحرقهم الذي أثارت رائحة اللحم البشري أنوف العالم ولم تحرك المنظمات التي باتت مع الأسف الآن مجرد أضحوكة وأداة في يد الدول الكبرى المتنفذة تنفذ ما تخططه وترسمه لها من ادوار مشبوهة ذات أهداف وأغراض معينة، بالتأكيد أن كلاماً كهذا لا يمكن فهمه بأنه ضد إدانة جريمة شارلي ايبدو التي شهدتها فرنسا مؤخراً، لأنها في الأساس جريمة ضد الإنسان، رغم تحفظاتنا على موقف الجريدة والدور الذي لعبته، لكن هذا الكلام يشير إلى تلك المفارقة العجيبة الآن في فهم العالم لحقوق الإنسان وتقسم هذه المفردة إلى مفردات، وشعارات كثيرة، وتنفيذ ايديولوجيا سياسية وكلمة حق يراد منها باطل، وتستخدم لتبرير سياسة الكيل ليس بمكيالين فقط، وإنما بمكاييل متنوعة، وكأن لكل إنسان قياسه وثمنه في شرعة هذا العالم الذي يدعي التطور والحضارة، والدفاع عن الحرية، وتفصل هذه الثياب على مقاسات دول بعينها.
لابد لنا أن نتساءل ونحن نشاهد تنقل الجرائم بحق المسلمين والعرب من مكان إلى آخر، أثناء المعتقلات والزنازين، لابد أن نتساءل عن الهدف من منظمات حقوق الإنسان العالمية، بل وكل الأبواق الغربية المختلفة التي تحاول أن تسوق لنا المفاهيم الغربية وكأنها خشبة الخلاص للنجاة بالإنسان من الشر المحيق به، متناسية تلك المنظمات وتلك المؤسسات المرتبطة بها، أن سياسة الغرب الهوجاء المتعالية ،والمتعامية عن الكثير من الجرائم الكبرى، عندما لا تمس هذه الجرائم المصالح الغربية، إنما هو أمر لا يساعد فقط على استمرار هذه الجرائم، بل وتوالدها في مناطق أخرى، تبعا للمصالح الغربية الضيقة، ولعل كل متتبع يقظ يستطيع أن يرى خارطة توزع هذه الجرائم الكبيرة ليدرك الأيادي التي تقف خلفها، إذ كيف نفسر انتشار الموت والصراعات المدمرة في دول بعينها، تمتلك الكثير من الثروات، وتدميرها واحتلالها ونهب ثرواتها ويقف العالم صامتا، أمام ما يجري طالما أن مسارات الصراع هذا أو ذاك تسير في اتجاه المصالح الغربية الاقتصادية، وهناك الكثير من الأمثلة الشاهدة أمامنا إن راقبنا الصراعات المتكاثرة في الشرق الوسط وإفريقيا، وحتى في أمريكا اللاتينية، والتي تبقى مستعرة وتأكل الأخضر واليابس، وتفتك بأرواح العباد بالملايين من البشر، من دون أن يحرك العالم ساكنا، طالما أن مصالح القوى المتنفذة والقطب الأحادي يسيطر على العالم وينفذ ما يريد في أمان وبدون رادع أو حساب، إننا في هذا التقرير المصور، نحاول فقط أن نستذكر بعض الأمثلة التاريخية والمجازر والجرائم التي دونت في الأمم المتحدة تحت اسم قيد ضد مجهول فقط لأنها ارتكبت بحق أناس فقراء وضعفاء لا حيلة لهم ولا قوة.
وإذا كان هناك ما يمكن قوله في خاتمة هذه العجالة فهو أن العالم يسير إلى منحدر سلوك أخلاقي خطير، سيطيح إن لم يتم التصدي له بكل ما أنجز من حضارة وقيم أخلاقية على مر التاريخ، حيث ستغدو شريعة الغاب مقياس العلاقات بين الدول في هذا العالم الذي أصيب بداء الصمم والعمى والفوضى والقوي يأكل الضعيف وسط غياب منظمات العفو الدولية والمنظمات المدنية العادلة المنصفة.