وكالة أنباء أراكان ANA: (التقرير)
مسلمو الروهنجيا هم الأقلية الأكثر تعرضًا للاضطهاد في العالم. لا عجب أن المئات يحاولون بكل الطرق الهروب من ميانمار؛ حيث يعيشون في ولاية أراكان على الساحل الغربي للبلاد.
قصة الهجرة غير المشروعة ليست بعيدة عن الشرق الأوسط؛ فآلاف الشباب يموتون على سواحل البحر المتوسط في طريقهم للهجرة من مصر إلى إيطاليا بصفة خاصة، يتعذبون على مراكب غير آدمية للوصول إلى أرض الأحلام التي يأملون فيها بتحقيق أحلامهم.
لكن، مع مسلمي الروهنجيا الأمر لا يتعلق بهدف تحقيق أحلام النجاح أو الثراء؛ بل هو في الحقيقة مسألة بقاء، حياتهم وحياة أطفالهم تتوقف على الهروب من الاضطهاد الكبير الذي يلاقونه في بلادهم التي لا تعترف بهم، ولا في حقهم في التعليم، والسفر، والمواطنة والتصويت.
وفيما يعتقد أنهم مقيمون في البلاد منذ القرن الثامن الميلادي، عندما كانت تسمى أراكان قبل الغزو البورمي عام 1785، ترى الحكومة العسكرية اليوم بأنهم ليسوا مواطنين؛ بل هم مجموعة من المهاجرين البنغال غير المرغوب فيهم.
وكان النزوح من أراكان في اتجاه بعض الدول المجاورة هربًا من الاضطهاد قد ازداد بكثافة بعد سحب الحكومة لبطاقات الهوية المؤقتة التي كانت أصدرتها لهم في وقت سابق، مما أنذرهم بازدياد حملات الاضطهاد والتنكيل التي قد تصل في بعض الأحيان إلى الاعتداء الجسدي وتضييق المعيشة.
هؤلاء الذين انتهى بهم العنف الطائفي للتشرد في خيام غير صالحة للحياة، يعانون من شظف العيش، وقعوا فريسة سهلة للمهربين الذين ألقوا بهم على متن قوارب بائسة في البحر جنوب شرق آسيا، بلا زاد أو ماء، يتنقلون من سواحل دولة إلى أخرى طالبين حق اللجوء.
الأزمة ازدادت مؤخرًا بتمنع الدول المجاورة، إندونيسيا وماليزيا وتايلاند، عن استقبال المزيد من اللاجئين، حتى إن مفوضية حقوق الإنسان الماليزية قد دعت الحكومة إلى التوقيع على اتفاقية جنيف لعام 1951 الخاصة باللاجئين والبرتوكول الملحق بها عام 1967.
وقال رئيس المفوضية “عزمي أكام” إن عدم توقيع ماليزيا لا يعفيها من مسؤولياتها تجاه اللاجئين؛ لأنها موقعة على اتفاقيات لرعاية الأطفال والنساء والمعاقين.
وأشار بيان المفوضية إلى أن وضع ماليزيا الدولي يضعها أمام مسؤوليات إنسانية وإقليمية ودولية لحل أزمة اللاجئين.
كما تنص وثيقة مكتب المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الصادرة عام 2006، في فقرتها السابعة والعشرين، بأنه عندما ينتقل الأشخاص من مكانٍ لآخر مستخدمين طرقًا غير اعتيادية أو غير آمنة بواسطة البحار؛ فإن الأولوية تكون بتوفير حماية الحق في الحياة والتأكد من إنقاذ هؤلاء الأشخاص خلال وقتٍ مناسب. وبسبب تفاقم المشكلة؛ فإن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ترى بأنه يجب إجراء مناقشة مستفيضة للوضع والوصول إلى حلول بإجماع دولي لتحقيق هذه الأهداف.
وذكرت تقارير صحفية أن حوالي 400 لاجئ من مسلمي الروهنجيا في ميانمار بين الحياة والموت على متن قارب صيد خشبي في بحر أندامان، وهم في أمس الحاجة إلى الغذاء والماء.
وقد ذكرت صحيفة لوس أنجلوس تايمز عن مسؤولين بمنظمة “هيومان رايتس ووتش” أنه عندما اقترب أحد تلك القوارب من السواحل الإندونيسية؛ تم إمداده بطعام وماء قبل توجيهه صوب ماليزيا، التي أعلنت بدورها أنها ستغلق سواحلها أمام كافة القوارب من هذا القبيل، أما تايلاند فقد عرضت التمويل بالوقود والطعام والماء قبل ردها بعيدًا عن شواطئها.
وأعلنت بورما، التي يقيم بها 1.3 مليون من الروهنجيا، أن “المسألة لا تعنيها”؛ وهددت بمقاطعة القمة التي تنظمها تايلاند بحضور 15 دولة في 29 مايو الحالي، بعد دعوة من الولايات المتحدة إلى حل إقليمي، وفق ما نقلته وكالة “فرانس برس”.
وقال مدير المكتب الرئاسي في ميانمار، زاو هتاي، إن رئيس البلاد لن يحضر القمة إذا استُخدمت كلمة “روهنجيا” في الدعوة؛ لأنَّ بلاده لا تعترف بهم. وأضاف لوكالة “أسوشيتد برس”: “نحن لا نتجاهل مشكلة المهاجرين ولكننا لن نقبل ادعاء البعض أن ميانمار هي مصدر المشكلة”.
وتواجه الدول الثلاث ضغوطًا دولية لاستقبال اللاجئين؛ فأعلنت ماليزيا استعدادها للتفاهم وحل المشكلة، حيث سيستقبل الوزير الماليزي “أنيفا آمان” نظيرته الإندونيسية “ريتنو مرسودي” ثم الوزير التايلاندي “تنساك باتيمابراغورن”؛ في إطار لقاءات للدول المتأثرة من أعداد المهاجرين قبل القمة في بانكوك. كما أكد سكرتير الدولة البنغالي المكلف بالشؤون الخارجية أن أزمة الروهنجيا انطلقت من بورما وعليها إيجاد حل لها.
أما الرئيس الإندونيسي السابق، سوسيلو بامبانغ يودويونو، فقد صرح لعدة وكالات صحفية رفضه لتصريحات بورما وبنغلاديش بأن الأمر لا يعنيهما؛ وأضاف: “ أتمنى أن تبحث رابطة أمم جنوب شرق آسيا “آسيان”، والأمم المتحدة، قريبًا، عن حل؛ بدلًا من الاكتفاء بتوجيه الاتهامات”.
كما أصدر الأزهر بيانًا جدد فيه إدانته الشديدة لما يتعرض له المواطنون المسلمون بميانمار من اضطهاد وتهجير من قراهم وحرمان من أبسط حقوق المواطنة؛ داعيًا دول الجوار لتحمل مسؤولياتها الإنسانية نحوهم، واستقبالهم في بلادهم، وتوفير ملاذ آمن وحياة كريمة لهم. كما جاء في صحيفة اليوم السابع المصرية.
ودعا مسؤولون في منظمات تهتم بالعمل الإنساني غير الحكومي إلى توفير طواقم طبية وإنسانية لاستقبال اللاجئين الروهنجيين والبنغاليين على شواطئ الدول الثلاث.
وقال الناشط في تحالف المنظمات الإنسانية الماليزية “مابيم”، زعيم صدقي، إن اللاجئين يصلون في حالة يرثى لها من الناحية الصحية بعد أسابيع قضوها في البحر داخل قوارب متهالكة دون طعام أو شراب أو دواء أو صرف صحي، فضلًا عما يعانونه من معاملة سيئة أثناء رحلتهم الخطيرة.
أما الفلبين، فهي الدولة الوحيدة التي اتخذت موقفًا إيجابيًا؛ إذ أعلنت استعدادها لاستقبال اللاجئين
النشطاء أشادوا بموقف الفلبين، في حين ترفض الدول الإسلامية استقبال الضحايا المشردين في البحر .