كان المسلمون والبوذيون يعيشون، منذ سنوات، جنبا إلى جنب في ولاية راخين غرب بورما (ميانمار)، ويتعاملون بحذر مع حالة من العداء الكامن، لكن الجميع باتوا يواجهون صعوبة في إحياء هذا التعايش، بعد اعمال العنف الدامية الأخيرة. فقد اضطر ما بين 30 و90 ألف شخص، كما تقول المصادر، إلى الفرار من القرى المحروقة واللجوء إلى مخيمات مرتجلة. وقتل أكثر من 50 شخصا، كما تفيد الحصيلة الرسمية.
وانفجرت أعمال العنف الطائفية، بعدما انهال بوذيون غاضبون بالضرب على 10 مسلمين، في 3 يونيو الجاري، انتقاما لاغتصاب امرأة وقتلها. وما تلا تلك الأعمال لم يكن سوى سلسلة من الأعمال الانتقامية.
وتعرب ميا وين (48 عاما)، عن شكوك حول المستقبل، حتى لو أن المشاعر قد استكانت، أخيرا، بتأثير من حالة الطوارئ، التي فرضتها السلطة.
وفي تصريح لوكالة «فرانس برس»، قالت ميا وين، التي لجأت إلى أحد الأديرة، مع أخريات وأطفال، من أقلية راخين الاتنية البوذية «كنا نعيش معاً في السابق، لكنهم بدأوا بمهاجمتنا». وأضافت «حتى لو كنا أصدقاء من قبل، لم نعد نريد أبدا رؤيتهم الآن (…)، سيكون متعذرا العيش معا في المستقبل».
وتتبادل المجموعتان الاتهامات بالتسبب في الأعمال العدائية، لكن الأحقاد متجذرة في النفوس.
وذكر المؤرخ في المدرسة الفرنسية لأقصى الشرق جاك ليدر، أن «التوتر بين المجموعتين، الإسلامية والبوذية، في أراكان (الاسم السابق لولاية راخين) كامن، منذ سنوات طويلة».
وتعيش في هذه الولاية المتاخمة لحدود بنغلاديش جالية مسلمة كبيرة، منهم 800 ألف من الروهينجيا، الذين تعدهم الأمم المتحدة واحدة من أكثر الأقليات تعرضا للاضطهاد في العالم.
ولا تعترف بهم الحكومة وعدد كبير من البورميين أقلية اثنية، وغالبا ما يعتبرونهم وبازدراء مهاجرين غير شرعيين، أتوا من بنغلاديش. وشدد ليدر على القول «مازلت أشكك في إمكانية التعايش». وأضاف أن «شرط أي تعايش هو الاتفاق على شيء ما، وهذا يفترض أن نعرف ما يريد هذا الطرف أو ذاك».
ولم يمنع وجود القرى المختلطة الكثيرة من حصول تباعد، على مر السنين، مع أكثرية الروهينجيا، الذين يعيشون في ثلاث مناطق شمال الولاية. وذكرت الخبيرة في «فاهو ديفيلوبمنت انستيتيوت» أونغ تو نيين «لم تحصل، في السابق، أي محاولة لإجراء مصالحة». وأضافت أنه بعد أعمال العنف هذه «سيستغرق الأمر وقتا للخروج من الصدمة». وفي سيتوي، يؤكد المهجرون هذا الأمر. وقالت الطالبة يين نغوي ثان (17 عاما)، «بالتأكيد لن نتمكن من العيش معهم، حتى لو أن لدي أصدقاء من بنغلاديش». وردد صدى هذا الكلام مسلم من سيتوي، فضل التكتم على هويته، وقال «لن أعود لأعيش في قريتي معهم».
وقال هذا الرجل (36 عاما)، الذي تم الاتصال به هاتفيا، إنه فر من قريته، حيث كانت عائلته العائلة المسلمة الوحيدة.
وأضاف أن رئيس القرية «جاء لرؤيتي في منتصف الليل، وقال لي يجب أن تغادر المنزل غدا، وإلا لن أتمكن من تحمل المسؤولية، إذا طلب آخرون من القرية أن أسلمك إليهم»، ومع زوجته وأبنائه وشقيقته الصغرى، لجأ إلى قرية تقطنها أكثرية من المسلمين، وتوقف جيرانه السابقون عن الرد على اتصالاته الهاتفية.
وخلص إلى القول «كان سهلاً، من قبل، العيش معا في هذه القرية، عاشت عائلتي هنا 50 عاما، كنا نشبه عائلة كبيرة، لكنهم يحتقروننا، هذا كل ما في الأمر، لم يعودوا يريدون رؤية وجوهنا».
المصدر / الإمارات اليوم