وكالة أنباء أراكان ANA | مصر العربية
هذا المشهد لم يكن يتوقعه أحد قبل عام، فقد احتشد عشرات الآلاف من المتظاهرين في الشوارع احتجاجًا على قرار حكومة سان سوتشي بتسمية جسر جديد باسم والدها.
وردّد المتظاهرون خلال مسيرتهم الاحتجاجية الشهر الماضي في المدينة الواقعة جنوبي ميانمار: “اعترفوا بحق السكان المحليين”.
جاء هذا في تقرير لصحيفة “نيويورك تايمز” اﻷمريكية سلطت فيه الضوء على أوضاع ميانمار بعد عام من وصول سان سوتشي للحكم، وتراجع اﻵمال بشأن تعزيز فرص الديمقراطية، وإصلاح أوضاع الأقليات التي كانت تعاني تحت حكم العسكر.
ونقلت الصحيفة عن زعماء الاحتجاج قولهم: سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام -والتي كانت في الماضي ينظر لها على أنها بطل للديمقراطية، تهين شعب “مون” – المجموعة العرقية المهيمنة في المنطقة- بتسمية الجسر باسم زعيم ميانماري سيئ السمعة في المدينة بعد سلبه حقوقهم.
وقال “مين زارني أو” السكرتير العام لمنتدى الشباب:” هذه ليست عملية ديمقراطية .. هذه قضية كبيرة بالنسبة للسكان المحليين .. الحكومة لا تقدر التنوع العرقي”.
وأوضحت الصحيفة، أنّه لم يتوقع أحد أن يكون الحكم سهلاً على سوتشي التي أصبحت الزعيم الفعلي للبلاد قبل عام بعدما فاز حزبها بالانتخابات أنهت أكثر من نصف قرن من الحكم العسكري، إلا أنّ السنة الأولى كانت خيبة أمل للكثيرين.
سوتشي أعطت أولوية قصوى لإنهاء التمرد العرقي الذى طال أمده ودمر البلاد، إلا أن جهودها السلمية أصبحت غير مجدية حتى الآن، وازداد القتال بين القوات الحكومية والجماعات العرقية، بحسب الصحيفة.
وأصيب العالم بالصدمة إزاء التقارير التي تحدثت عن ارتكاب الجيش فظائع، بما في ذلك الاغتصاب والقتل، ضد الروهنغيا، وهي أقلية مسلمة في غرب ميانمار، ولكن سان سوتشي لم تذكر شيئًا يذكر عن هذا الموضوع، ولم تفعل أي شيء ﻹيقاف هذه المجازر.
ويبدو أنّ قمع حكومتها المتزايد للحريات، يبدو ضارًا بشدة لرمز الديمقراطية التي قضت 15 عاما تحت الإقامة الجبرية.
وفي خطابها إلى الأمة احتفالاً بالسنة الأولى في منصبها، اعترفت سو كي بعدم إحراز حكومتها للتقدم المنشود، ومشيرة إلى أن الناس يمكن أن يختاروا زعيمًا آخر إذا كانوا غير راضين عنها.
وتقول سان سوتشي إن بناء الطرق يعد واحدًا من أكبر إنجازاتها، وقال المتحدث باسم الحزب “وين هتين” إن حكومته ضاعفت الإنفاق على الرعاية الصحية والتعليم رغم عدم تقديمه أي تفاصيل.
ومع خروج البلاد من العزلة في ظل الحكم العسكري، استمر الاقتصاد في النمو، لكن “ريتشارد هورسي” المحلل السياسي والمسؤول السابق في الأمم المتحدة، قال :إن” النمو قد تباطأ والاستثمار الأجنبي انخفض بشكل ملحوظ.
وأضاف: رفع واشنطن للعقوبات الاقتصادية العام الماضي لم يترجم حتى اﻵن لتجارة أو استثمار أو خلق فرص عمل أكثر قوة، وإدارة أونغ سان سوتشي لم تقدم أي رؤية اقتصادية مقنعة”.
واعترف “زاو هتاي” المتحدث باسم سوتشي بأن التقدم كان بطيئًا، لكنه قال إن الحكومة تواجه مشاكل معقدة، مثل الصراعات العرقية والاشتباكات مع الروهنغيا.. الأمر معقد جدًا .. ونحن لسنا سحرة”.
والواقع أن سو كي تواجه تحديات هائلة، في سبيل إعادة بناء البلاد، ويجب عليها التغلب على عقود من سوء الإدارة والتربح من قبل الحكومات العسكرية السابقة التي أثرت بشدة على الاقتصاد.
ورغم أن حزبها يتمتع بأغلبية كبيرة في البرلمان، إلا أنه يعوقه ترتيب تقاسم السلطة الذي ينص عليه الدستور الذي وضعته القوات العسكرية، ويعطي الجيش السيطرة على الوزارات الرئيسية ومقاعد كافية في البرلمان لمنع أي تعديل دستوري.
ويمنع الدستور سوتشي من تولي منصب الرئيس لأن أطفالها يحملون جنسية أجنبية، وهو حظر تحايلت عليه من خلال إنشاء منصب مستشار الدولة لنفسها، كما عينت نفسها وزيرة الخارجية.
ويقول مؤيدوها إن قدرتها على التعايش مع الجيش إنجاز مهم، لكن النقاد يشيرون إلى أنها تعاني من متلازمة ستوكهولم، وأصبحت مرتاحة جدًا مع خاطفيها السابقين.
“متلازمة ستوكهولم”.. ظاهرة نفسية تصيب الفرد عندما يتعاطف أو يتعاون مع عدوه أو من أساء إليه بشكل من اﻷشكال.
ونقلت الصحيفة عن “ديفيد سكوت ماثيسون” المحلل السياسي قوله:” إنها ماري بوبينز بدون روح الفكاهة .. لديها طريقة مدروسة حيث تعطى التعليمات ويجب على الجميع الطاعة … السياسة هي حل وسط”.
ونادرا ما تأخذ أسئلة من وسائل الإعلام أو تتحدث عن القضايا الرئيسية، ورفض مكتبها طلبًا لإجراء مقابلة بهذا الشأن.
وبحسب الصحيفة، أكبر وصمة عار في سجل سوتشي المعاملة الوحشية للروهنغيا، وردها الفاترة على هذه القضية.
وفي الأشهر الأخيرة، اتهم جنود الحكومة بقتل واغتصاب الآلاف من الروهنغيا في ولاية أراكان، وخلص تقرير أصدرته الأمم المتحدة في فبراير الماضي إلى أن الجيش والشرطة ذبحا مئات الرجال والنساء والأطفال؛ وتعرضت النساء والفتيات للاغتصاب؛ وأجبر ما يصل إلى 90 ألف شخص على الفرار من ديارهم.
يذكر أن الحملة القاتلة التي تقول الحكومة إنها جاءت ردا على هجمات المتمردين الروهنغيا على مواقع الشرطة تعرضت لانتقادات شديدة من جانب جماعات حقوق الإنسان والأمم المتحدة والبابا فرنسيس، ووصف بأنها “مأساة إنسانية ترقى إلى مستوى التطهير العرقي والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية”.
ورغم أن سو كي ليست لها سيطرة مباشرة على الجيش، فإنها قللت من تقارير الأعمال الوحشية ووقفت بجانب الجيش.
وقالت في مقابلة نادرة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) الأسبوع الماضي:” لا أعتقد أن هناك تطهيرًا عرقيًا .. التطهير العرقي قوي جدا للتعبير عما يحدث”.