تمتلك بورما جميع المقومات والعناصر التي تؤهلها لكي تتحول إلى النمر الآسيوي والمعجزة الاقتصادية المقبلة. يبلغ عد سكان بورما 48 مليون نسمة ويتوفر لديها عدد كبير من العمالة الرخيصة التي تصلح لإقامة صناعات تحويلية، التي بدورها قفزت باقتصاد نمور مثل كوريا الجنوبية وماليزيا إلى آفاق جديدة.
وتتوفر لدى بورما موارد طبيعية مثل الأخشاب والمعادن التي تستطيع جذب مليارات من الاستثمارات الأجنبية. كما تتمتع بورما بموقع جغرافي متوسط بين الصين والهند يمكنها من الاستفادة من اقتصادين عملاقين. غير أن ترجمة تلك العناصر إلى دولارات حقيقية ليس أمراً سهلاً.
فهناك كثير من الدول تمتلك مقومات المعجزات الاقتصادية لكنها لا تستطيع استغلالها. ومنذ 50 عاماً وبورما تثبت أنها أفشل اقتصادات آسيا. فعقب الحرب العالمية الثانية كانت بورما من أغنى الدول. والآن أصبحت من بين أكثر الدول فقراً.
يقف وراء هذا الفشل إدارة اقتصادية فاشلة من نظم فاشية عسكرية أدت إلى عزل البلاد. وفي الوقت نفسه نجد أن جيرانها مثل تايلاند وماليزيا واندونيسيا وسنغافورة انضمت إلى النمور الاقتصادية الآسيوية، بينما غرقت بورما في الفقر وفرضت عليها عقوبات، وتسبب عدم رغبة حكامها في الإصلاح السياسي والاقتصادي في معاقبتها بالوقوع في براثن الفقر.
وبعد الإصلاح السياسي الأخير يمكن القول إنه آن الأوان لبورما أن تخرج من عثرتها وتبدأ في مغازلة الاستثمارات الأجنبية التي تحتاجها بشدة. هناك بصيص من الأمل هنا.
فرص عمل
وظلت الصين تنين آسيا الاقتصادي منذ عقود، وتمتص غالبية الاستثمارات الأجنبية خاصة في مجال الصناعات التحويلية الأولية التي يمكن أن توفر فرص عمل كبيرة في بورما. لكنه مع ارتفاع التكلفة بسرعة فإن الشركات العالمية تبحث عن مواقع أقل تكلفة لمصانعها، ويمكن أن توفر بورما هذه المواقع.
ولن يكون قدوم رأس المال الأجنبي إلى بورما أمراً سهلاً. فبورما، التي تسمى رسمياً، ميانمار، تتخلف كثيراً عن نظرائها في آسيا. ونشرت إحدى المجلات ذات مرة مقالة بعنوان "قصة بورما" جاء فيها أن هذا البلد يطمح فقط إلى الوصول إلى مستوى بنغلاديش. والسبب أن بورما تفتقر إلى البنية التحتية واللوائح والقوانين الملائمة للاستثمار والعمالة المدربة، لجذب الاستثمارات الأجنبية بكميات كبيرة.
إمكانات كبيرة
وقال بنك التنمية الآسيوي إن بورما لديها إمكانات كبيرة جداً، غير أنها ينبغي أن تزيل تحديات كبيرة أيضاً تقف حجر عثرة في طريق تنميتها. وجاء في أحدث تقرير لبنك التنمية الآسيوي عن بورما أنها تواجه مجموعة من العقبات والمخاطر التي قد تحد من تقدمها.
وتشمل أهم تلك العقبات ضعف السياسات الاقتصادية والإطار القانوني وآليات السوق وعدم كفاية الموارد المالية وعدم كفاية تعبئة رأس المال وعدم القدرة على الوصول إلى التمويل، وضعف البنية التحتية، وعدم كفاية الخدمات الاجتماعية التي تعوق التنمية البشرية ومحدودية التنوع الصناعي.
برغم ذلك هناك بعض التقدم، فقد صححت الحكومة في أبريل نظام العملات مما سمح بوجود سعر صرف محدد، مما يساهم في استقرار مناخ الاستثمار. غير أن هذه مجرد بداية. لابد على الحكومة أن تعبئ أموالاً من أجل الاستثمار في إنشاء طرق جديدة وبنية تحتية جديدة حتى تستطيع المصانع الحصول على مواد الإنتاج وتصديرها إلى أنحاء العالم.
وتحتاج بورما إلى إنشاء نظام قانوني لتفعيل اقتصاد السوق. وبعد انقطاع البلاد عن أواصر الاقتصاد العالمي لعقود، فإن بورما ببساطة تفتقر إلى القواعد واللوائح التي تحتاجها الشركات الأجنبية لتثق في إمكانية الاستثمار في البلاد.