وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
دخلت مايسة عواد موفدة فرانس24 إلى مخيمات اللجوء في بنغلاديش وسألت اللاجئين عن كلمة الزعيمة الميانمارية أونغ سان سو تشي، لتنهال الانتقادات على الحائزة على جائزة نوبل للسلام.
أحد اللاجئين قال “لسنا متفاجئين من تصرفها، منذ سنوات وهي تعامل الروهنغيا هكذا، الآن فقط رأى العالم حقيقتها”. وأضاف آخر: “لم تكن هكذا قبل أن تنال جائزة نوبل، كانت تزور قرى الروهنغيا، وبعدما حصلت على الجائزة غيرت موقفها وانقلبت ضدنا”.
لم تشرق الشمس بعد والمطر ينزل بسخاء على كوكس بازار. تمر طريقنا إلى مخيمات اللجوء بمحاذاة واحد من أطول الشواطئ الرملية في العالم: الأفق رمادي اليوم، وللأمواج المتراطمة على الشاطئ الفارغ هيبتها.
رحلتنا ستمتد ساعتين، نفارق فيها غضب البحر لندخل باتجاه طرقات تشهد على الخوف والدموع والفقر، وأحيانا على ضحكات الأطفال ومشادات الكبار.
سائقنا جاهانغير لا يكف عن استعمال البوق في كل مرة يعترض فيها أي كائن طريقه. والنتيجة؟
سمفونية صباحية من الأبواق المتلاحقة مرفقة بضربات على الفرامل يستحيل معها إغماض العين ثانية واحدة استعدادا لنهار طويل آخر.
نتابع التقدم.. منذ سنوات، تحول مدخل مخيم كوتوبالونغ إلى سوق مكتظة تزدحم فيها السيارات وعربات التوك توك الصغيرة وباعة ومتسولون يقرعون على نوافذ السيارات طالبين أي مساعدة ممكنة.
لا يشبه مدخل السوق الناشط سراديب المخيم الفقيرة.
أسأل متجمهرين فيه إن كانوا قد تابعوا كلمة الزعيمة الميانمارية أونغ سان سو تشي. يرن اسم الحائزة على جائزة نوبل للسلام وتنهال انتقادات: “لسنا متفاجئين من تصرفها، منذ سنوات وهي تعامل الروهنغيا هكذا، الآن فقط رأى العالم حقيقتها”، يتدخل رجل آخر: ” لم تكن هكذا قبل أن تنال جائزة نوبل، كانت تزور قرى الروهنغيا، وبعدما حصلت على الجائزة غيرت موقفها وانقلبت ضدنا”.
بعد التدقيق، لا أحد ممن يندفعون للكلام استمع إلى كلمة سو تشي، “ليس لدينا تلفاز و راديو” يقول رجل ملتح.
الاستماع إلى ما تقوله أونغ سان سو تشي يبدو في قائمة أولويات اللاجئين، لكن اسمها لا يمر مرور الكرام. تقترب مني سيدة، بصوت خفيض تقول “بسببها خسرت ابني، وبسببها وحرقت بيتي ، هي المسؤولة عما يحدث لنا” وتكمل طريقها.
اتهامات بالجملة تطال سيدة رانغون، سيدة فازت بانتخابات أخيرة لم يسمح لأقلية الروهنغيا بالمشاركة فيها في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لكن بقيت وزارات الداخلية والحدود والدفاع بيد الجيش وجنرالاته، كما أن ستة من أصل أحد عشر مقعدا في مجلس الأمن والدفاع الذي يستطيع تعليق عمل الحكومة يعينها الجيش أيضا. تتوالى التعليقات “هي المسؤولة عن اغتصاب وتعذيب الناس”، “ما فعلته غير مقبول”، “كنا نحبها في السابقة”، “كان بإمكانها أن تدافع عنا” ..
دقائق وتمر بمحاذاتنا شاحنة مساعدات. في كل مرة تدخل شاحنة الطرق الضيقة تخلق وراءها سيلا من المتزاحمين.
تبقى سيدة ترتدي نقابا في الخلف، تعلم أنها لا تستطيع مجاراة فتيان ينقضون على ما في الشاحنات من المساعدات.
لا مجال لسؤال امرأة تحاول تأمين قوت من تبقى من عائلتها عن تصريحات أونغ سان سو تشي، فقصتها التي ترويها بيديها وبصوت متهدج مروعة، وتقطع الكلام على بقية الحديث: “لقد قطعوا عنق زوجي أو أطلقوا النار عليه .. انتزعوا ابني الرضيع من على ثديي ورموه في النار..” تقول العبارة الأخيرة وترفع يديها الاثنتين وتشيح بهما بسرعة بعيدا .
كل الشهادات هنا تتحدث عن أن الجيش هو من يقوم بالهجمات على قرى الروهنغيا، لا يتردد اسم الرجل القوي في الجيش مين أونغ هلينغ كثيرا، بل تنصب الانتقادات على زعيمة تبدو اليوم كمن أضاع فرصة أخيرة لاستعادة ما تبقى من مصداقية لحديثها عن السلام بين الإثنيات.