وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
مع استمرار الانتهاكات التي يقوم بها جيش ميانمار ضد الأقلية المسلمة في هذه البلاد، تفاقمت بشكل كبير معاناة نازحي الروهنغيا الانسانية نتيجة العنف، حيث حذرت العديد من المنظمة الإنسانية من تفاقم الأزمة جراء انعدام الطعام والشراب وقلة المساعدات الإنسانية وتفشي الأمراض، خصوصا مع تزداد أعداد اللاجئين في المخيمات ببنغلاديش المجاورة لميانمار (بورما سابقا) بسبب استمرار العنف، حيث لا تستطيع الحكومة البنغلاديشية، والمنظمات الإغاثية توفير ما تحتاجه كل هذه الأعداد.
وأكدت منظمة أطباء بلا حدود الدولية ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية في بنغلاديش بشكل كبير، لتجنّب وقوع كارثة كبيرة في مجال الصحة العامة، وذلك إزاء وصول مئات آلاف من لاجئي الروهنغيا.
وشهدت ولاية أراكان، موطن مئات الآلاف من الروهنغيا، موجة عنف تسبب في نزوح ما يزيد عن 422 ألف شخص إلى بنغلاديش خلال ثلاثة أسابيع، وذلك عقب هجوم القوات الميانمارية على الأقلية المسلمة في حملة تهدف إلى طرد السكان المسلمين من البلاد.
وأعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) ايضا، عن ارتفاع أعداد مسلمي الروهنغيا الفارين إلى بنغلاديش جراء أعمال العنف. وأشارت المنظمة، في بيان لها، إلى مهمة ضخمة مقبلة لحماية مئات الآلاف من الأطفال اللاجئين.
وتطالب المنظمة بتوفير 7.3 مليون دولار أمريكي للمساعدة في توفير الحماية لأطفال الروهنغيا على مدار الشهور الأربعة المقبلة. ويُشار إلى أن العديد من الدول والمنظمات طالبت بوقف العنف الواقع على أقلية الروهنغيا المسلمة في ميانمار ذات الأغلبية البوذية.
في سياق متصل، أكدت يانغي لي، مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بميانمار أن أكثر من ألف شخص لقوا مصرعهم على أيدي البوذيين، مضيفة أن الأرقام لا تزال غير دقيقة بسبب صعوبة وصول مبعوثي الأمم المتحدة للمناطق المتضررة. بينما أشار المتحدث الرسمي للحكومة بميانمار إلى أن أعداد الضحايا لا تتجاوز الـ421 شخصا، ومن جانب آخر، أكدت مفوضة الأمم المتحدة أن اللاجئين من الروهنغيا لقوا حتفهم غرقًا خلال فرارهم لبنغلاديش، معظمهم من النساء والأطفال.
تحذيرات متواصلة
وفي هذا الشأن قالت وكالة إغاثة إن لاجئين من الروهنغيا قد يلقوا حتفهم بسبب عدم كفاية الكميات المتاحة من الغذاء والماء والمأوى للأعداد الكبيرة منهم التي هربت إلى بنغلاديش من العنف في ميانمار. وقال مارك بيرس مدير وكالة (أنقذوا الأطفال) للإغاثة ببنغلاديش في بيان ”يصل العديد من الناس جوعى ومرهقين بلا غذاء ولا ماء. أنا قلق لأن الطلب بالأخص على الغذاء والماء والمأوى والمتطلبات الصحية الأساسية لا يلبى بسبب الأعداد الكبيرة من المعوزين. إن لم تتوافر للأسر احتياجاتها الأساسية فسيسوء الوضع الذي يعانون منه وقد يلقى البعض حتفهم“.
وتواجه بنغلاديش منذ عقود تدفقات من الروهنغيا الهاربين من الاضطهاد في ميانمار ذات الأغلبية البوذية حيث يعتبرون الروهنغيا مهاجرين غير شرعيين.
وكانت بنغلاديش بالفعل موطنا لأربعمائة ألف لاجئ من الروهنغيا قبل أن تنفجر الأزمة الأخيرة. وقال بيرس إنه ينبغي رفع درجة الاستجابة الإنسانية للوضع. مضيفا أنه ”لن يتحقق ذلك إلا إذا قام المجتمع الدولي بزيادة التمويل“. ورأى قادة الامم المتحدة أن الحملة العسكرية تحمل جميع بصمات “التطهير العرقي” للروهنغيا، الأقلية المحرومة من الجنسية والتي تعاني من الاضطهاد والقمع منذ سنوات.
من جهة أخرى حذرت منظمات إنسانية ووكالات أممية من كارثة صحية تحدق بمخيمات اللاجئين الروهنغيا في بنغلاديش نتيجة نقص الغذاء والماء وصعوبة الوصول إلى هذه المخيمات التي تفتقر إلى المراحيض وتنتشر فيها يوما تلو الآخر برك المياه الآسنة، مما يهدد بتفشي الأمراض والأوبئة.
وقال روبرت أونوس منسق الطوارئ لدى منظمة “أطباء بلا حدود” في بيان إن “كل الشروط متوافرة لانتشار وباء يتحول إلى كارثة على نطاق واسع”، مشيرا إلى خشية المنظمة من انتشار الكوليرا والحصبة بشكل خاص.
وفرّ أكثر من 420 ألف مسلم من أقلية الروهنغيا إلى بنغلاديش في الأسابيع الأخيرة هربا من حملة قمع يشنها الجيش الميانماري اعتبرتها الأمم المتحدة أنها “تطهير اتني”.
ومضى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الخميس حتى القول بأنها “إبادة”. وعند وصولهم إلى بنغلاديش، يضطر اللاجئون إلى اللجوء إلى التلال بسبب اكتظاظ المخيمات أو إلى البقاء على جوانب الطرقات. وأثارت الأمطار الغزيرة التي هطلت في الأيام الأخيرة مخاوف من حصول انزلاقات تربة.
وقالت كيت وايت المنسقة الطبية لحالات الطوارئ لدى منظمة “أطباء بلا حدود” إن “المخيم ليس فيه طريق داخلية ما يجعل إيصال المساعدات صعب جدا. كما أن وجود الوديان يجعل الأرض معرضة للانزلاق بالإضافة إلى عدم وجود مراحيض”.
وتابعت وايت “عندما نسير في المخيم ندوس في المياه الآسنة والفضلات البشرية”. ونظرا لعدم توفر مياه للشرب يشرب اللاجئون مياها يتم جمعها في حقول الأرز والبرك وحتى في حفر صغيرة يتم نبشها بالأيدي وغالبا ما تكون ملوثة بالفضلات”. وتوضح وايت “نستقبل كل يوم بالغين على وشك الموت من الجفاف”، مضيفة “عادة هذا أمر نادر جدا لدى البالغين ودليل على أننا إزاء حالة طارئة على نطاق واسع”.
وشددت المنظمة من جهة أخرى على ضرورة السماح لمنظمات الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى النازحين الروهنغيا في الجانب الآخر من الحدود، داخل ميانمار.
ولا يزال الآف الاشخاص يفرّون أو يختبئون في الغابات والجبال هربا من الحرائق في قراهم. وقبل اندلاع الأزمة الحالية كان عدد الروهنغيا في ميانمار أكثر من مليون.
وكثيرا ما يتعرض أبناء هذه الأقلية المسلمة للاضطهاد في ميانمار حيث يعتبرون مهاجرين غير شرعيين وتفرض عليهم قيود مشددة. بحسب فرانس برس.
وأعلن مسؤول في الأمم المتحدة أن المنظمة الدولية بحاجة على مدى الأشهر الستة المقبلة لمبلغ 200 مليون دولار للتصدي للأزمة الإنسانية “الكارثية” الناجمة عن تهجير الروهنغيا.
وقال روبرت واتكينز منسق الأمم المتحدة في بنغلاديش إنه في مطلع ايلول/سبتمبر أطلقت المنظمة الدولية نداء عاجلا لجمع تبرعات بقيمة 78 مليون دولار للتصدي لأزمة الروهنغيا، لكن هذا المبلغ لم يعد كافيا بتاتا. وأضاف “في الوضع الراهن نقدر احتياجاتنا ب200 مليون دولار. نحن بصدد وضع خطة ستصبح جاهزة في غضون أربعة إلى خمسة أيام”. وتابع “أن وجود 430 ألف لاجئ هنا هو وضع كارثي فعلا. ليس هناك أي شك في ذلك. نحن نفعل أقصى ما في وسعنا”.
الجيش وعودة النازحين
على صعيد متصل دعا قائد الجيش في ميانمار النازحين جراء أعمال العنف في ولاية أراكان للعودة إلى منازلهم وإعادة بناء قراهم من دون أن يتطرق إلى 422 ألفا من أقلية الروهنغيا المسلمة الذين فروا إلى بنغلاديش هربا من العمليات العسكرية التي شنها جيشه.
وقال الجنرال مين أونغ هلينغ في خطاب هام بشأن خططه لولاية أراكان في أول زيارة له إلى المنطقة منذ اندلاع الصراع إن الجيش تعامل مع الوضع بأفضل ما يمكن في 25 أغسطس آب.
وقالت الأمم المتحدة إن ردة فعل الجيش على هجمات المتمردين هو تطهير عرقي يهدف إلى طرد الروهنغيا خارج البلاد ذات الأغلبية البوذية.
ولم يتطرق قائد الجيش إلى التطهير العرقي في خطابه أمام تجار ومسؤولين وعدد من النازحين في مدينة سيتوي عاصمة ولاية أراكان.
وقال ”فيما يتعلق بإعادة تأهيل قرى المجموعات العرقية المحلية، يتعين أولا على أفراد هذه المجموعات العودة إلى منازلهم“. والمجموعات العرقية المحلية هي تعبير يستخدمه المسؤولون المحليون في ميانمار للإشارة إلى أفراد الجماعات العرقية الأصلية المعترف بها رسميا والذين يمثلون جزءا من التنوع في البلاد. ولا تعترف ميانمار بالروهنغيا بأنهم مجموعة عرقية محلية بل تعتبرهم مهاجرين غير شرعيين لا يستحقون جنسيتها.
وقال مين أونغ هلينغ ”المهم هو أن يكون لشعبنا وجود في المنطقة. من الضروري أن نسيطر على المنطقة عبر مجموعاتنا العرقية المحلية“. وأضاف ”لا يمكننا أن نفعل شيئا من دون أشخاص ينتمون لمجموعاتنا العرقية .. هذا هو مكانهم الذي يستحقونه“. ولم يتطرق قائد الجيش إلى عودة الروهنغيا إلى قراهم في شمال الولاية والتي بات نصفها تقريبا مهجورا أو محروقا. بحسب رويترز.
وأثارت الأزمة استنكارا دوليا ودعوات من الأمم المتحدة ومن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف أعمال العنف ودعم الجهود الدبلوماسية للتوصل إلى حل طويل الأمد لأقلية الروهنغيا.
وقالت زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي في أول خطاب لها للشعب بشأن الأزمة إن ميانمار مستعدة لبدء عملية التثبت من هويات اللاجئين تمهيدا لإعادتهم بموجب اتفاقية عام 1993 مع بنغلاديش. وقالت ”اللاجئون من هذه الدولة سيتم قبولهم من دون أي مشكلة“. ومن جهته لم يأت مين أونغ هلينغ على ذكر عودة اللاجئين من بنغلاديش.
منع وصول المساعدات
من جانب آخر حاول مئات البوذيين في ميانمار منع شحنة مساعدات من الوصول إلى المسلمين في ولاية أراكان حيث تتهم الأمم المتحدة الجيش بالتطهير العرقي. وقال شاهد إن محتجين ألقوا قنابل حارقة بعد أن فرقتهم الشرطة بإطلاق النار في الهواء.
والاحتجاج دليل على عداء ديني متزايد يهدد بعرقلة توصيل الإمدادات الحيوية ويجيء بعد أن دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء سريع للعنف الذي أثار مخاوف بشأن تحول ميانمار من الحكم العسكري.
وكانت شحنة المساعدات، التي تنظمها اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في طريقها إلى شمال الولاية.
إلى جانب ذلك وصلت دفعة جديدة من مسلمي الروهنغيا الهاربين من حملة عسكرية في ميانمار إلى بنغلاديش حاملين معهم روايات جديدة عن العنف والحرق فيما دعت منظمة حقوقية لفرض عقوبات على ميانمار وحظر توريد أسلحة إليها لوقف ما وصفته الأمم المتحدة بالتطهير العرقي.
وقال عثمان جوني (55 عاما) بعد أن نزل من قارب مع أولاده السبعة وزوجته ”جاء الجيش وأحرق منازلنا وقتل قومنا. كانت هناك عصابة من سكان أراكان أيضا“. وتحدث الكثير من اللاجئين عن انضمام مدنيين من البوذيين العرقيين في أراكان إلى جيش ميانمار في هجماته. وتنفي ميانمار ذلك وتلقي مسؤولية العنف على المسلمين.
وتقول جماعات حقوقية إن صورا التقطت بالقمر الصناعي تظهر إحراق نحو 80 قرية مسلمة. وتوفرت لدى هذه الجماعات أدلة أيضا على هجمات حرق بحق قرى بوذية لكن على نطاق أصغر بكثير. وكان نحو مليون من الروهنغيا يعيشون في ولاية أراكان قبل اندلاع العنف في الآونة الأخيرة. وتفرض على معظمهم قيود مشددة بشأن السفر ويحرمون من حقوق المواطنة في بلد يعتبرهم الكثير من مواطنيه البوذيين مهاجرين بشكل غير مشروع من بنغلاديش. بحسب رويترز.
وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الإنسان إن قوات الأمن في ميانمار تتجاهل الإدانة الدولية وإن الوقت حان لفرض عقوبات أشد لا يمكن للجنرالات أن يتجاهلوها.
ودعت المنظمة الحكومات لفرض ”حظر سفر وتجميد أصول على مسؤولي أمن شاركوا في انتهاكات خطيرة وتوسيع نطاق حظر السلاح ليشمل جميع مبيعات الأسلحة للجيش وكذلك المساعدة والتعاون معه وفرض حظر على التعاملات المالية مع الشركات الكبرى… المملوكة للجيش“.