وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
اسمه عمر حكيم، أمه فوزية ووالده محمد إلياس، وصل إلى الحياة قبل عشرة أيام، لكنه لم يدرج في سجلات المواليد، ولم يحتفل أحد بقدومه، ولا بعقيقته.
قبل شهر هربت فوزية من حملة قمع وحرق وقتل ضد المسلمين في شمال ميانمار (بورما سابقا)، ثم عبرت إلى بنغلاديش المجاورة، والتحقت بمخيم أوريفولا، حيث يُحرم الناس رزق الأحياء ثم لا يجدون راحة الأموات.
وعندما جاءها المخاض، لم يكن بوسع المسكينة سوى تحمّل الألم، ثم الاستنجاد بنسوة ليس بينهن قابلة، لكنهن نجحن في جلب هذا الصغير إلى ساحة العوز والجوع والخوف.
وبينما كان زوجها محمد إلياس داخل طابور طويل للحصول على مساعدات غذائية، تحدثت فوزية للجزيرة نت قائلة “عمر بخير، لكنه بحاجة لحليب الأطفال، إنه جائع، نحن جميعنا بحاجة ماسة إلى الطعام”.
ومع شكواها من نقص الغذاء ورداءة المكان وجور الزمان، فإن فوزية لا تريد العودة بعمر وإخوته إلى ميانمار، لأنها تخاف أن تفقدهم، فما زال الجيش يشن حملته العسكرية ضد أقلية الروهنغيا التي بدأها في أغسطس/آب الماضي.
وليس عمر حكيم حالة استثنائية، فقد وفد روهنغيون آخرون إلى هذه الدنيا بينما يزدحم ذووهم داخل مخيمات بئيسة، ويصطفون في طوابير مهينة للحصول على الطعام في ضواحي مدينة كوكس بازار البنغالية.
إحصاء المواليد
ويعمل ناشطون مدنيون على إحصاء المواليد الجدد داخل مخيمات اللجوء، في حين يتوقع قدوم المزيد من هؤلاء بالنظر إلى وجود أعداد كبيرة من الحوامل بين النازحات الروهنغيات.
ووثقت منظمة “هوب فونديشن” الأميركية ميلاد 209 أطفال روهنغيين خلال الفترة من 25 أغسطس/آب وحتى الثلاثين من سبتمبر/أيلول الماضيين.
وتقول الطبيبة المتطوعة بالمنظمة لوريل موررو “ليس لديّ أدنى شك في أن العدد أكبر من هذا بكثير؛ هناك حالات ولادة لم تسجل وتتم داخل المخيمات دون قابلات”.
وتُقيم “هوب فونديشن” مستشفي لرعاية الحوامل الروهنغيات وتوليدهن، كما تنظم دورات تدريبية للقابلات البنغاليات وتجلبهن إلى مخيمات اللجوء، ويقع هذا المستشفى بالقرب من مخيمي كالوبالي1 و2، ويتردد عليه يوميا أكثر من مئتي حامل، إلى جانب المرضعات وضحايا الاعتداءات الجنسية.
وكذلك أقامت اليونيسيف ومنظمات أخرى مستشفيات قرب مخيمات اللجوء لعلاج الحوامل والأطفال الرضع الروهنغيين، كما تتواجد مراكز صحية لاستقبال الحالات الأخرى.
ويشكل النساء والأطفال النسبة الكبيرة من بين النازحين الروهنغيين، وسط شهادات وتقارير فظيعة عن تصفية جيش ميانمار والمليشيات البوذية أعدادا هائلة من الرجال المسلمين في إقليم أراكان.
حفاة عراة
وتفيد تقارير حقوقية وأممية بأن 519 ألف مسلم -معظمهم من النساء والأطفال- فروا من ميانمار إلى بنغلاديش منذ أغسطس/آب الماضي، وتضيق مخيمات اللجوء ونقاط العبور بأطفال حفاة عراة يكتوون بنيران اليتم والجوع ويشْخصون في أفق لا يلوح فيه سوى الضياع والحرمان.
ورغم استمرار تدفق النازحين بشكل يومي، فإن الصحافة البنغالية تتحدث عن جهود دبلوماسية وأممية لإعادة الروهنغيا إلى قراهم ومدنهم في إقليم أراكان (شمالي ميانمار)، ونقلت جريدة “الصفحة الجديدة” أمس الاثنين أن وزير الداخلية البنغالي أسد الزمان خان سيزور ميانمار الشهر المقبل لبحث آلية عودة النازحين.
بيد أن هذه الجهود تتناول العودة فقط، ولا تتطرق لحل مشكلة الروهنغيا جذريا بما يفضي لمنحهم حقوق المواطنة ويوقف مسيرة قمعهم وتهجيرهم المستمرة منذ عام 1978.
وإذا حصلت العودة وفق هذه الترتيبات، سيبقى عمر حكيم خارج السجلات المدنية مثل غيره من أطفال الروهنغيا بشمال ميانمار حيث يحرمون من العلاج ومن تلقي التعليم.