وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
رسم الأمين العام سابقاً للأمم المتحدة كوفي أنان بصفته رئيس اللجنة الاستشارية لولاية أراكان التي مُنِحت تفويضاً من أجل إصدار توصيات لتحسين الوضع في المنطقة المضطربة في ميانمار (بورما سابقاً). خريطة طريق قد لا تروق للصين، الدولة الكبرى الراعية لنظام الحكم في بلد ذات غالبية بوذية تتعرض فيه أقلية الروهنغيا المسلمة لما يصفه مسؤولون دوليون بأنه حملة تطهير عرقي.
حالت الصين، بسبب حق النقض الفيتو، دون تمكين مجلس الأمن من اتخاذ موقف حازم من الأزمة المستعرة التي أدت في الشهرين الأخيرين إلى تهجير أكثر من نصف مليون روهنغيين صاروا لاجئين في بنغلادش.
على رغم تفاقم الأزمة، رفضت المرة تلو الأخرى مقترحات من دول دائمة العضوية أو غير دائمة العضوية من أجل عقد اجتماعات أكثر جديّة وفاعلية لمجلس الأمن. يتفهم دبلوماسيون العلاقة الخاصة بين الحكومة الصينية والطغمة العسكرية المؤثرة للغاية في الحياة السياسية الميانمارية.
يأتي في المرتبة الثانية تمسك الصين الثابت بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ذات السيادة.
على غرار توصيات اللجنة التي ترأسها بطلب من المستشارة الميانمارية الحائزة على جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو تشي، لم تأت الإحاطة التي قدمها كوفي أنان في اجتماع غير رسمي بصيغة ”آريا“ لمجلس الأمن، في مصلحة الصين، وخصوصاً أن هذا الاجتماع عقد بطلب مشترك من فرنسا وبريطانيا وبدعم من الولايات المتحدة. وقفت روسيا كالعادة مع الصين.
منذ بدء الفصل الأخير من أعمال العنف الدامية قبل نحو شهرين، ظهرت مؤشرات إلى تفاعل أزمة كبرى يمكن أن تكون لها تأثيرات على الأمن والاستقرار الإقليميين. وأدت الأحداث الدامية وما رافقها من عمليات قتل وحشية إلى تهجير مئات الآلاف من الأقلية المسلمة على أيدي القوات المسلحة الميانمارية والجماعات البوذية. وظلّ المجتمع الدولي صامتاً إلى حدّ بعيد لمدة تسع سنين، ولم يتحرك مجلس الأمن فعلياً إلّا قبل أسابيع قليلة، حين عقد جلسة علنية حول الوضع المتفجر في أراكان. وحالت تعقيدات العلاقة مع الصين دون الاستماع مجدداً إلى أنان في اطار جلسة رسمية.
تطهير عرقي
وأفاد المندوب الفرنسي الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر أن الاجتماع جرى لأن الوضع في ميانمار ”خطير للغاية“، مشيراً إلى أنه أدى إلى تهجير ٥٢٠ ألف شخص واضرام النيران في مئات القرى وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقال: ”هذا تطهير عرقي يحصل أمام أعيننا“. وأوضح أن الاجتماع له هدفين: الأول هو رفض وإدانة الستاتيكو المرفوض بصورة مطلقة. ولذلك يجب أن نزيد الضغوط على السلطات في ميانمار حتى يترجموا أقوالهم إلى أفعال، أولاً بوقف أعمال العنف، وتيسير ايصال المساعدات الإنسانية، والسماح بعودة اللاجئين.
وأضاف أن النقطة الأخيرة توجب تعزيز الحوار بين ميانمار وبنغلادش. والهدف الثاني يتمثل بدعم توصيات أنان في تقريره لإحراز تقدم في التنفيذ. وهذه التوصيات هي خريطة طريق واضحة لمعالجة الأسباب الجذرية للأزمة في أراكان، وخصوصاً في ما يتعلق بحرمان أفراد الروهنغيا من حقوقهم.
وأكد أن الاجتماع كان مفيداً ومساعداً من أجل بناء اجماع حول هذين الهدفين ومن أجل تحديد استجابتين رئيسيتين للأزمة: الأولى تتمثل بإيجاد الصلة الصحيحة بين احترام مطالبنا القصيرة الأجل من سلطات ميانمار وتطبيق توصيات كوفي أنان من أجل حل طويل الأجل للأزمة، وهو ما نسميه الأسباب الجذرية. والثانية تتمثل بالالتزام الحازم من مجلس الأمن بتولي المسؤولية في هذه الأزمة.
توصيات للحل
وقال أنان إن جميع أعضاء مجلس الأمن واللجنة الاستشارية متفقون على أنه لا بديل عن وقف أعمال العنف والسماح لمواد الإغاثة الإنسانية بالوصول إلى المحتاجين والمساعدة في العودة الكريمة والطوعية للاجئين الروهنغيا إلى ديارهم في نهاية المطاف.
وأكد أن أونغ سان سو تشي تلقت تقرير اللجنة ورحبت بالتوصيات الواردة فيه، معربة عن نيتها في تنفيذ هذه التوصيات. وقال: ”لقد أنشأت لجنة وزارية للعمل على تنفيذ توصيات اللجنة الاستشارية، وتنوي أيضا تشكيل مجموعة من الخبراء لتقديم المشورة لتطبيق التوصيات وستضم هذه المجموعة أيضا خبراء دوليين. ونأمل أن يسهم ذلك في إتاحة المجال للحوار بين المجتمع الدولي وميانمار.
الأمر المهم هو أنهم قد قبلوا التقرير، الذي قبل بشكل عام من قبل الدول الأعضاء والوكالات الإنسانية والتنموية والمنظمات غير الحكومية“. وأضاف أن هذا التقرير يمكن أن يمثل إطارا للعمل على مسار التقدم، معربا عن أمله في أن ينخرط المجتمع الدولي وميانمار معا في محادثات بناءة بشأن هذه القضايا.
حق العودة
وتزامنت هذه الجلسة مع اعلان المنظمة الدولية للهجرة أن أعداد الفارين من ميانمار إلى بازار كوكس بجنوب بنغلادش قد وصل إلى حوالي ٥٣٦ ألف شخص خلال الأيام الـ٥٠ الماضية. حيث ارتفعت الأرقام مرة أخرى الأسبوع الماضي عندما عبر حوالي ١٥ ألف روهنغي إلى بنغلادش بين ٩ تشرين الأول و١١ منه.
وقالت في بيان إن سرعة وحجم التدفق أديا إلى حدوث حالة طوارئ إنسانية في كوكس بازار، حيث يعتمد ما يقرب من ثلاثة أرباع مليون لاجئ الآن على المساعدات الإنسانية للمأوى والغذاء والمياه والصرف الصحي وغير ذلك من الاحتياجات المنقذة للحياة.
وقال رئيس بعثة المنظمة الدولية للهجرة في بنغلادش سارات داش إنه ”لا يمكن الإفراط في التأكيد على خطورة الوضع. هؤلاء الناس يعانون من سوء التغذية، ولا يستطيعون بالشكل الكافي الحصول على المياه النظيفة والصرف الصحي في العديد من المواقع المقامة بشكل عفوي. إنهم ضعفاء جدا، حيث فروا من النزاعات وتعرضوا لصدمات شديدة ويعيشون الآن في ظروف صعبة للغاية“.
وأعلنت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين إنها تعمل مع حكومة بنغلادش لجمع البيانات عن اللاجئين الجدد الذين وصلوا حدیثا لتحديد حاجاتھم. وعن ذلك، قال الناطق باسم المفوضية أندريه مهاسيتش: ”ستمكن هذه العملية الحكومة والمفوضية والوكالات الأخرى من فهم حجم السكان وتوزيعهم وأماكن تواجدهم بشكل أفضل. هذا أمر مهم لتقديم المساعدات المناسبة لمن هم بحاجة إليها. سيساعد ذلك أيضا اللاجئين الذين يتطلبون حاجات خاصة بالحماية، مثل الأمهات العازبات اللواتي لديهن أطفال صغار أو ذوي الإعاقة أو الأطفال أو اللاجئين المسنين الذين جاءوا وحدهم“.