وكالة أنباء أراكان ANA | يونا
يقف اللاجئون الروهنغيا الفارون من العنف في ميانمار ليستقر بهم الحال في بنغلادش، على حافة أزمة إنسانية كبيرة في فبراير أو مارس المقبلين.
وأوضح وفد تابع لمنظمة التعاون الإسلامي المخاطر التي تحدق باللاجئين المسلمين الهاربين من الانتهاكات التي مورست ضدهم في ميانمار، حجم معاناة أكثر من مليون لاجئ يعيشون في بنغلادش.
واستضافت وزارة الخارجية في بنغلادش، وفد منظمة التعاون الإسلامي والهيئة الدائمة والمستقلة لحقوق الإنسان التابعة لها، الذي زار البلاد في 3 ـ 7 يناير الجاري، وأطلعته على الأوضاع السائدة في مخيمات لاجئي الروهنغيا في بنغلادش.
كما قام الوفد بزيارات لبعض مخيمات اللاجئين وذلك للحصول على معلومات مباشرة من اللاجئين الروهنغيا الذين يوصفون بأنهم “أكثر أقلية مضطهدة في العالم”.
وخلال الزيارات الميدانية التي قام بها الوفد إلى مخيم اللاجئين في منطقة كوكس بازار، أطلع نائب مفوض المنطقة أعضاء الوفد المشترك على الوضع الإنساني داخل المخيم وما ينقصه من احتياجات. وذكر نائب المفوض أن هناك ما مجموعه 12 مخيما في نفس المكان حيث تنتشر على طول الحدود مع ميانمار التي تمتد لمسافة 217 كيلومترا.
وأعرب نائب المفوض عن أسفه من أن تدفق اللاجئين لا يزال يتصاعد وأن الناس يحاولون الفرار بحثا عن سلامتهم وعن ظروف أفضل للعيش، وأشار إلى أن حكومة بنغلادش تناضل من أجل جمع كل اللاجئين في مخيم واحد حتى تسهل إدارة شؤونهم ومتابعتهم.
وأوضح نائب مفوض منطقة كوكس بازار أنه على الرغم من جميع الجهود التي تبذلها حكومة بنغلادش والوكالات المانحة من أجل توفير الرعاية للاجئين، فما تزال هناك حاجة للتحسين ولتقديم مزيد من المساعدة خصوصا في مجالات الإيواء والغذاء والصرف الصحي والصحة خاصة مع ما هو متوقع من حدوث فيضانات ودخول موسم الأمطار.
كما ذكر أيضا أن هناك أكثر من 7700 طفل قد فقدوا آباءهم وأمهاتهم وذويهم وليس لديهم من يعولهم. ولاحظ الوفد أثناء الزيارة أن كثيرا من اللاجئين لا يزالون يعانون من توتر نفسي ومعظمهم لا يرغب في العودة إلى ميانمار إلا إذا منحوا حقوق المواطنة الكاملة.
وبدا واضحا حالة الرضا وسط منظمات الإغاثة الإنسانية تجاه ما تقدمه حكومة بنغلادش للاجئين. وحثت الأطراف المعنية بالعمل الإنساني منظمة التعاون الإسلامي ودولها الأعضاء على تقديم مزيد من الدعم في مختلف الأشكال وذلك بغية التخفيف من معاناة أولئك الذين تركوا وطنهم دون أن يحملوا معهم سوى ذكريات مؤلمة للغاية وصدمات نفسية.
وسافر الوفد برا لزيارة مخيمات بالوخالي حيث أجرى اتصالات مباشرة مع الضحايا والسلطات المسؤولة عن تسيير شؤون المخيم وكذلك مع موظفي مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية.
كما زار الوفد منطقة تمبرو الحدودية، وهي منطقة محايدة بين ميانمار وبنغلادش، حيث وصف الضابط المسؤول عن هذه المنطقة المآسي التي يواجهها لاجئو الروهنغيا من معاناة مع الأسلاك الشائكة والألغام قبل أن يعبروا المنطقة شديدة الحراسة مع أطفالهم وفي بعض الأحيان مع كامل أفراد أسرهم.
وتبذل بنغلادش قصارى جهدها لتوفير المأوى والغذاء والمواد غير الغذائية والمرافق الصحية وتسجيل البيانات الحيوية للاجئين، وذلك من مواردها المالية الخاصة بشكل منفرد على الرغم من الوعود التي قدمت خلال المؤتمر الدولي للمانحين في جنيف في أكتوبر 2017.
ومع ذلك فقد لاحظ الوفد أن الأمور لا يمكن أن تستمر على ما هي عليه حاليا حيث يمكن أن تصل إلى حد الانهيار ابتداء من شهر فبراير أو مارس المقبلين عندما تبدأ الموارد المالية في التضاؤل أو خلال موسم الفيضانات حيث ستكون هناك حاجة إلى مزيد من الجهود لتعزيز المرافق المتوفرة في المخيمات وذلك نتيجة للأمطار الغزيرة وانتشار الأمراض التي تنتقل عبر المياه.
وتسببت أزمة الروهنغيا التي نتجت من تصاعد العنف في ولاية أراكان في ميانمار في معاناة على مستوى كارثي. فمنذ 25 أغسطس 2017، فر أكثر من 655 ألف لاجئ من الروهنغيا إلى بنغلادش المجاورة، وغالبيتهم يعيشون في مخيمات اللاجئين في منطقة كوكس بازار جنوبي البلاد. وقد انضم هؤلاء إلى 87 ألف لاجئ كانوا موجودين بالفعل في بنغلادش منذ أحداث العنف التي اندلعت في أكتوبر 2016، وإلى أكثر من 300 ألف لاجئ كانوا قد فروا جراء سلسلة سابقة من أحداث العنف منذ عام 1990. وبذلك يرتفع إجمالي عدد مسلمي الروهنغيا في بنغلادش إلى أكثر من مليون شخص.
وروى اللاجئون الفارون قصصا مفزعة عن انتهاكات حقوق الإنسان وانتهاكات أخرى في ميانمار. غالبية اللاجئين هم من النساء والأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية وقد وصل كثير منهم وهو يعاني من إصابات وجروح بسبب العنف الجسدي وطلقات الرصاص والشظايا والنيران والألغام الأرضية.
ونتيجة للضغط المتواصل من منظمة التعاون الإسلامي والمجتمع الدولي، فقد وقعت حكومة ميانمار، في 23 نوفمبر2017، اتفاقا إطاريا مع بنغلادش لإعادة لاجئي الروهنغيا إلى ميانمار.
وخلص الوفد إلى أنه، ما لم تقم حكومة ميانمار بإعادة حقوق المواطنة المسلوبة من الروهنغيا إليهم، فسوف يكون التقدم المحرز ضئيلا على الرغم من أن المسؤولين في ميانمار قد وعدوا بإعادة الدفعة الأولى من الروهنغيا وقوامها 100 ألف لاجئ ممن يعيشون في مخيمات اللجوء في بنغلادش وذلك بعد مناقشات مطولة وشاقة.
ولا يزال اتفاق إعادة لاجئي الروهنغيا ينقصه الكثير من الأوجه التي لم يتم التطرق إليها، كما لا يزال الأمر غير مؤكد فيما إذا كانت السلطات في ميانمار صادقة فيما أعلنته من أنها ستستعيد لاجئي الروهنغيا، وما إذا كانت ستفعل ذلك بشكل يحفظ أمنهم وكرامتهم.
وعلى الرغم من أن بنغلادش قد ذكرت أن ميانمار ترغب في البداية باستعادة 100 من لاجئي الروهنغيا، فإن هناك تقارير تفيد بأن ميانمار ترغب في أن تبدأ باستعادة 4500 هندوسي يعيشون كلاجئين في بنغلادش أيضا، الأمر الذي لا يبعث على الثقة في نوايا حكومة ميانمار.