يمكن أن تلعب مبادرة السلام الأخيرة في ولاية شان في شرق ميانمار دوراً أساسياً في مكافحة الخشخاش في بلد يعد ثاني أكبر منتج للأفيون في العالم، طبقاً لما يقوله الخبراء.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال جايسون إليغ، المدير القطري لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة في ميانمار، موضحاً الخطة الجديدة لثني المزارعين عن زراعة الخشخاش في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون: "لقد كانت مرحلة مهمة … هي تظهر نقطة انطلاق جيدة في تنمية الثقة".
وسوف تسمح الخطة- التي تشمل الحكومة والجيش البورمي وجماعة عرقية مسلحة في ولاية شان ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة- لموظفي الدراسة بالدخول إلى ولاية شان المسؤولة عن 90 بالمائة من زراعة الخشخاش في البلاد.
وعلى الرغم من جهود الحكومة السابقة لتخليص البلاد من الخشخاش، إلا أن معدل زراعته قد ارتفع بصورة مطردة خلال الستة أعوام الماضية، طبقاً لما ذكره الخبراء.
وقد تعهدت الحكومة بالدخول في شراكة مع مجلس استعادة ولاية شان الذي حارب جيشه المعروف بجيش ولاية شان من أجل الحصول على مزيد من الحكم الذاتي منذ 1964 قبل توقيع وقف إطلاق النار مع الحكومة المركزية في عام 2011. وفي محادثات السلام الحالية وافق كلا الطرفين ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة على مساعدة المزارعين المعدمين ببرامج انمائية بديلة.
وقال إليغ أن الخطة المتوقعة – التي تبلغ قيمتها عدة ملايين من الدولارات والمقرر إجراؤها من عام 2014 إلى 2017 – ستهدف إلى تحسين التعليم والصحة والبنية التحتية واستبدال المحاصيل. وأضاف إليغ أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة قد عمل مع الحكومة البورمية والجماعات المسلحة من قبل ولكن ليس في دور نشط خلال عملية السلام.
وأضاف أن "هناك تزايداً في معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي في ولاية شان. ولذلك فإن مزارعي الأفيون ليسوا أشراراً ولكنهم فقط فقراء وجوعى".
وتشير تقديرات برنامج الأغذية العالمي إلى أن الولاية تضم ثالث أعلى مستوى فقر غذائي في البلاد والبالغ 9 بالمائة.
وفي سياق الجهود المبذولة من قبل رابطة دول جنوب شرق آسيا (والتي تعد ميانمار عضواً فيها) لجعل المنطقة خالية من المخدرات بحلول عام 2015، أعلنت الحكومة البورمية عن النهج الجديد للدول الأعضاء في اجتماع التعاون لمكافحة المخدرات في 9 مايو في العاصمة نايبيداو. وهناك أخبر وزير الشؤون الداخلية اللواء كوكو الوفود بأن التنمية البديلة كانت "الحل الجذري" للحد من زراعة الخشخاش، كما دعا الجهات المانحة إلى تقديم الأموال والدعم الدولي.
ولكن وقف إطلاق النار بين الحكومة وجيش ولاية شان ظل هشاً واستمرت المناوشات بينهما.
ويعتبر القتال ضد الجماعات العرقية المسلحة الأخرى في المناطق المنتجة للأفيون أيضاً عقبة أمام ميانمار التي توفر 23 بالمائة من إمدادات الخشخاش في العالم.
وطبقاً لما ذكره التقرير العالمي للمخدرات لعام 2013 الصادر يوم 26 يونيو عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، فإن البلاد أيضاً مصدر رئيسي للمنشطات.
ويرى خبراء المخدرات أن زيادة مستويات الأفيون يعد تهديداً متزايداً للأمن الإنساني في المناطق الحدودية المهملة حيث قامت حوالي 300,000 أسرة في عام 2012 بزراعة الخشخاش وهو ما مثل زيادة عن عدد الأسر في العام الذي سبقه حيث كان عددهم 256,000 أسرة، طبقاً لما ذكره تقرير مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
التقييم في ولاية شان
وسيقوم مسؤولو مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بإجراء تقييم للمناطق التي يسيطر عليها جيش ولاية شان لمعرفة المشروعات التي تحتاج إلى تنفيذ في ولاية شان.
وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال رئيس مجلس استعادة ولاية شان اللواء ياود سيرك أنه من أجل نجاح المشروعات لابد أن يتم تنفيذها "من خلال المشاركة من الناس".
وتقدم ولاية شان الريفية الوعرة التي تغطي ربع مساحة البلاد تقريباً وتشترك في الحدود التي يسهل اختراقها مع الصين وتايلاند ولاوس، لتجار المخدرات عدة طرق إلى الأسواق الأجنبية. فالفقر وعدم الاستقرار يجعلان الأنشطة غير القانونية أسهل بكثير.
وقد أطلقت الحكومة في عام 1999 خطة طموحة للقضاء على المخدرات تمتد 15 عاماً حيث حققت تلك الخطة في البداية نجاحاً بانخفاض نسبته 83 بالمائة في زراعة الخشخاش في السنوات الثماني الأولى من الخطة. ولكن عدم كفاية مصادر الرزق البديلة علاوة على حقيقة أن القيمة السوقية لهكتار الأفيون الجاف تعادل 19 ضعف قيمة الأرز، دفع العديد من المزارعين إلى العودة إلى زراعة الخشخاش، كما أفاد مسؤولو مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
وقال تقرير مراقبة المخدرات الصادر عن وكالة هيرالد شان للأخبار التي يديرها المنفيون في تايلاند أن تجارة الأفيون راسخة بين المزارعين الفقراء وجماعات المتمردين والميليشيات الموالية للحكومة الذين يحتاجون إلى الدعم المالي لوحداتهم وعصابات المخدرات الذين "يستغلون الوضع للاستثمار وإنتاج المخدرات والاتجار بها".
كما أدت الزيادة في تعاطي الهيروين في أجزاء من آسيا وخاصة في الصين حيث يوجد 1.24 مليون متعاطي هيروين مسجل في عام 2011 إلى زيادة الطلب على الأفيون من ميانمار وحتى لاوس اللتين تزرعان حوالي 3 بالمائة من نبات الخشخاش في العالم، طبقاً لما ذكره تقرير المخدرات الصادر عن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
خطوتان للأمام وخطوتان للخلف
ومقارنة بالأرقام الماضية، فإن المعدل الحالي لزراعة الخشخاش مازال منخفضاً. ففي الثمانينيات كانت ميانمار أكبر دولة منتجة للأفيون في العالم إلى أن تصدرت أفغانستان القائمة في عام 1991.
(إيرين)