ترجمة: سعيد كريديه
وفقا لتقرير إدانة صدر من الأمم المتحدة فإن الحكومة البورمية هي المسؤولة عن تأجيج "مشكلة عويصة " في ولاية أراكان ، حيث أدت عدة جولات من الاشتباكات بين المسلمين والبوذيين إلى سقوط المئات من الضحايا منذ العام الماضي 2012م .
وتتهم الوثيقة المكونة من 23 صفحة ، (صاغها مقرر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في بورما ، توماس كوينتانا )، الحكومة البورمية بالفشل في معالجة المظالم المحلية المسببة للعنف ، بينما تشجع هذه الحكومة في نفس الوقت ثقافة الإفلات من العقاب للبوذيين من مرتكبي الجرائم ضد المسلمين.
وأفاد التقرير أنه لا توجد هناك أدلة ولو قليلة تثبت أن الحكومة قد اتخذت خطوات جادة لمعالجة الأسباب الكامنة وراء العنف الطائفي أو رسمت السياسات الضرورية لصياغة مستقبل سلمي ومتناغم ومزدهر للدولة."
وأعرب كوينتانا عن قلقه من عدم استجواب أو اعتقال أي مسؤول حكومي على الرغم من وجود تقارير "دامغة و ذات مصداقية " عن تواطؤ الدولة في انتهاكات حقوق الإنسان ضد المسلمين .
ووصف الإفلات من العقاب الذي يجري حالياً بأنه "مثير للقلق بشكل كبير" في ضوء التهميش الاجتماعي للروهنغيا المسلمين الذين يُحرمون من المواطنة ويتعرضون بشكل عنيف للاضطهاد في بورما .
ويدعم التقرير كذلك الادعاءات التي تقول إن الحكومة قد استهدفت ظلما المشتبه بهم من المسلمين وفرضت عليهم عقوبات جزائية أو جنائية بما في ذلك استخدام التعذيب في سجن بوسيدنغ القريب من الحدود البنغلادشية .
وأضاف التقرير " تعرض [السجناء الروهنغيا] إلى التعذيب المنهجي وسوء المعاملة لمدة ثلاثة أشهر على أيدي حراس السجن، و تبين أن هناك 20 سجيناً قد تم إدخالهم إلى السجن كي يقوموا بضرب زملائهم المساجين من المسلمين."
ووفقا لبيانات الحكومة فإن هناك 1،189 شخصاً بما فيهم 260 بوذياً و 882 من المسلمين الروهنغيين قد اعتقلوا بسبب دورهم في الاضطرابات .
وقد أعرب المقرر عن مخاوفه من أن العديد من المسلمين قد تم اعتقالهم خلال القيام بعمليات تمشيط للقرية وحُرموا من تقديم قضيتهم لمحاكمات عادلة .
وأصر كوينتانا على أن النظام بقيادة الرئيس "ثين سين" استهزأ بالتزاماته بالتحقيق الكامل في جميع الإدعاءات بالقتل خارج نطاق القضاء والاغتصاب و الاحتجاز التعسفي ودعا المجتمع الدولي إلى "النظر في اتخاذ مزيد من الخطوات " حتى تفي بورما بالتزاماتها في مجال حقوق الإنسان .
كما أبرز المقرر أيضا محنة العديد من المعتقلين الروهنغيا الذين اعتبرهم سجناء سياسيين ، بما فيهم القائدين "تون أونغ " و "كياو هلا أونغ " الذين تم اعتقالهما بشكل تعسفي لعدة أشهر .
ووصف هذه الحالات بأنها "وصمة عار خطيرة في سجل البلاد للإصلاح " ، وحث "ثين سين" على تأمين الإفراج عنهما سريعا.
كما أوصى المقرر بأن يتوسع تفويض اللجنة المدعومة من الدولة التي أسست لتحديد و إطلاق سراح جميع السجناء السياسيين الباقين في بورما ليشمل اقتراحات لمنع حدوث اعتقالات في المستقبل .
وقد اجتاح العنف الديني في بورما لأول مرة في حزيران (يونيو) من العام الماضي 2012م، عندما اشتبك البوذيون الراخين مع الروهنغيا المسلمين الذين ينظر إليهم من قبل الحكومة على أنهم مهاجرين بنغاليين غير شرعيين.
ومنذ ذلك الحين اضطر حوالي 140,000 روهنغي إلى العيش في مخيمات بائسة دون غذاء كاف وبلا رعاية صحية أو تعليم .
وعلى الرغم من أن كوينتانا رحب ببعض التوصيات التي قدمتها لجنة التحقيق المتعلقة بأراكان والمدعومة من الدولة، والتي نشرت تقريرا عن أعمال العنف في نيسان (أبريل) فإنه انتقد فشلها في معالجة مسألة الإفلات من العقاب و الانتهاكات المنهجية ضد الأقلية الروهنغية .
وأدان كوينتانا أيضا ظهور ما يسمى بحركة " 969 "، وهي الجماعة الدينية المتطرفة التي تدعو البوذيين إلى مقاطعة المسلمين و ينحى عليها باللائمة في انتشار العنف الديني في جميع أنحاء البلاد.
فأحدث أعمال الشغب التي هزت مدينة [ ثاندوي ] في أراكان في أوائل تشرين الأول (أكتوبر) تم ربطها بمنظمة قومية لها روابط مباشرة مع زعيم الحركة الروحي البارز الراهب "ويراثو ".
كما حث كوينتانا الحكومة على بعث رسالة "قوية و ثابتة من دون لبس " من خلال وسائل الإعلام لمواجهة أية دعاية عنصرية تشوه صورة المسلمين والطائفة الروهنغية ، وهذه الدعاية التي لا تحظى بشعبية في بورما .
كما كرر المقرر دعوة الحكومة لإعادة النظر في قانون الجنسية لعام 1982م الذي يجرد الروهنغيا من وضعهم القانوني .
وقد وضع التقرير على أساس زيارة لمدة 10 أيام إلى بلد في جنوب شرق آسيا في آب (أغسطس) ، و سيتم عرضه على الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ومن المتوقع أن تصدق الأمم المتحدة على قرار آخر بخصوص بورما في تشرين الثاني (نوفمبر) بعد ضغط من الحكومة الأمريكية وجماعات حقوق الإنسان الذين يريدون أن يشكل هذا القرار معايير صارمة للتحسن الملموس.