ترجمة سعيد كريديه
بالقرب من منتجعات فوكيت الجذابة ، يتواطؤ مسؤولون محليون في عملية اتجار مروعة للاجئين الروهينغا الفارين من غرب بورما
ساحل اندامان الرائع الجمال في تايلاند هو مكان لمنتجعات من فئة الخمس نجوم ولشواطئ بيضاء تشبه اللؤلؤ ولسياح ذوي البشرة البرونزية التي تأثرت من الشمس، إلا أن هذا لا يخفي عن سر عميق في تلك المنطقة .
ففي وسط هذه المتعة الاستوائية وبحسب ما ورد تم بيع الآلاف من اللاجئين الفارين من المذابح الوحشية والعنف الطائفي في بورما ليصبحوا عبيداً بالتواطؤ مع المسؤولين المحليين .
حثت هيومن رايتس ووتش ( HRW) الحكومة التايلاندية على حماية حقوق الروهينغا المسلمين من غرب بورما ( المعروفة رسميا باسم ميانمار ) ، بعد أن كشف النقاب عن وجود عدة مخيمات يديرها المتاجرون بالقرب من المنتجعات السياحية في فوكيت.
يحتجز في مخيمات الروهينغا الذين يجري الاحتفاظ بهم للحصول على فدية ، ويباعون لقوارب الصيد والمزارع ليقوموا بأعمال يدوية أو يؤخذون إلى وجهتهم النهائية – ماليزيا ذات الأغلبية المسلمة – مقابل مبالغ طائلة.
تقول هيومان رايتس ووتش ” تزعم بعض التقارير أن مسؤولي الهجرة التايلانديين يتعاونون مع المهربين عن طريق نقل الروهينغا المحتجزين في تايلاند إلى عهدة المهربين.”
على الرغم من أن الروهينغا عاشوا في بورما لأجيال ، فإنهم ليسوا مدرجين على القائمة الرسمية لأمم جنوب شرق آسيا البالغ عددها 135 مجموعة عرقية على أساس خاطئ أنهم دخلاء من بنغلادش المجاورة (التي تبرأت منهم أيضاً) .
وقد سمح للروهينغا بالترشيح لعضوية البرلمان في بورما والتصويت ، ولكن حرموا من المواطنة و يواجهون قيودا شديدة على الزواج والعمل والسفر والتعليم. وقد أطلقت عليهم الأمم المتحدة صفة مجتمع ” بلا أصدقاء تقريبا.”
منذ حزيران (يونيو) 2012م تصاعدت إراقة الدماء ذات الصبغة العنصرية بين الروهينغا والبوذيين (راخين) رافقها إحراق المئات من المنازل .
يعيش حاليا حوالي 140.000 شخصا، معظمهم من الروهينغا، في مخيمات بائسة بالقرب من الحدود مع بنغلادش.
من جهة ثانية فر عشرات الآلاف من الروهينغا إلى ماليزيا في رحلات محفوفة بالمخاطر على متن قوارب متهالكة مع المرور بتايلاند خلال الرحلة في كثير من الأحيان .
يقول شوي مونغ النائب الروهينغي الذي يمثل بلدة بوثيداونغ في ولاية أراكان الشمالية ” ليس لديهم أي خيار سوى الرحيل” مضيفا أن الرحلة الآن أكثر خطورة وذلك بفضل السماسرة الذين يقدمون نقل مجاني للاجئين الروهينغا إلى تايلاند ، ولكن بعد ذلك يتم بيع طالبي اللجوء هؤلاء عند الوصول.
ويضيف :” الروهينغا لا يملكون المال لدفع ثمن الإفراج عنهم وهكذا فبعد المعاناة من العنف يصبحون بعد ذلك سلعا لتجار البشر.”
في العام الماضي سُمح لِـ 2055 مهاجر روهينغي بالدخول إلى تايلند ولكنهم عوملوا على أنهم “مهاجرين غير شرعيين” وحرموا من الحماية كلاجئين بموجب القانون الدولي. لم توقع بانكوك على اتفاقية اللاجئين لعام 1951 و لا تملك إجراءات عملية للجوء حتى الآن . فمراكز احتجاز المهاجرين في هذا البلد نتنة وشديدة الإكتظاظ ، وقد لاقى ثمانية أشخاص حتفهم العام الماضي بسبب مشاكل صحية تفاقمت تنيجة الظروف القاسية والصعبة.
قالت باحثة في حقوق الأطفال في هيومن رايتس ووتش أليس فارمر:” يحتاج أطفال الروهينغا بعد فرارهم من العنف في بورما وصدمة الرحلات صعبة والطويلة إلى ملاذ آمن و مطمئن ومع ذلك احتجزت تايلاند الكثير منهم لدى وصولهم إلى شواطئها ، مما جعلهم عرضة للاتجار و لمزيد من الانتهاكات. “
ووفقا لرئيس تحرير الموقع الإخباري فوكتوان (ألان موريسون) الذي يتتبع محنة اللاجئين الروهينجا لسنوات فإن عناد تايلاند بشأن المعاهدات الإنسانية ينبع من الرغبة في بقاء أراضيها مكانا للعبور وليس مكانا لاستقرار اللاجئين، إذ تقول :” الاعتراف بوضع اللاجئين يجعل من الصعب جدا الانخراط في أي من العمليات السرية والتي وضعت للحفاظ على الروهينغا خلال سفرهم إلى ما بعد تايلاند.”
أدت تحقيقات موريسون في شبكة الاتجار بالروهنغا – التي كشفت، من بين أمور أخرى، أن المهربين كانوا يدفعون لمسؤولي الهجرة التايلاندية حوالي 300 دولار لكل شخص من الروهينغا – أدت إلى دعوى قضائية أقامتها البحرية الملكية التايلندية في 16 كانون الأول ديسمبر.
كان أساس اتهامات التشهير و الكمبيوتر الجرائم الجنائية، التي صدرت ضد موريسون وزميله التايلاندي شوتينا سيداساثيان هو ظهور مقطع من تقرير خاص لرويترز في القضية. و قد يواجه الصحفيان عقوبة السجن إذا ثبتت أدانتهما.
وقال موريسون ، الذي كان يعمل نائب رئيس تحرير آسيا لموقع (CNN.com) من عام 2001م لغاية عام 2001م :” نجد صعوبة في فهم لماذا البحرية الملكية التايلندية تركز على سمعتها عندما يكون هناك حل لمشكلة الروهينغا .” .
وقال متحدث باسم رويترز لمجلة تايم يوم الثلاثاء الماضي : ” نحن نقف إلى جانب قصتنا. كانت عادلة ومتوازنة ، ونحن لم توجه إلينا تهم جنائية بالتشهير .”
في 7 كانون الأول ديسمبر رفضت رئيسة الوزراء التايلاندية ينجلوك شيناواترا التعليق على قضية الروهينغا ، وأعلنت بدلا من ذلك أن القضية هي ” مسؤولية وزارة الخارجية .” .
كما دعت كل من الأمم المتحدة ووزارة الخارجية الأمريكية إلى إجراء تحقيق في التقارير التي تتكلم عن تواطؤ التايلاندية في قضية الاتجار بالبشر .
وقال شوي مونغ :” عندما يغادر الناس ميانمار ويصلون إلى تايلاند ، فإنهم يصبحون لاجئين وفقا لتفويض من الأمم المتحدة ، لذا ينبغي على الأمم المتحدة تحمل المسؤولية. ” وأضاف ” في غضون ذلك من المتوقع أن يحاول المزيد من الروهينغا القيام برحلة مخطرة في الأسابيع المقبلة في حالة هدوء البحار ولا شيء يمكن أن يفرح المتاجرين أكثر من ذلك “.