وكالة أنباء أراكان ANA : ترجمة الوكالة
لا يزال العديد من الضحايا المسلمين يعيشون في مخيمات المشردين داخليا ، يحلمون بالعودة إلى ديارهم .
لقد مضى عام على اجتياح العصابات الغوغائية البوذية بلدة ميكتيلا في وسط بورما، مما أسفر عن مقتل سكان محليين وإشعال النار في منازلهم.
اليوم، انتهى العنف ، ولكن العديد من الضحايا المسلمين ما زالوا يعيشون في مخيمات النازحين داخليا (IDP ) ، ولا يزالون يحلمون بالعودة إلى ديارهم .
بدأ العنف بعدما هاجمت حشود متجرا للذهب يملكه مسلم في وسط ميكتيلا إثر شجار وقع هناك وفي وقت لاحق من ذلك المساء، تم جر راهب بوذي من دراجة نارية وضربه من قبل مجموعة من المسلمين مما أدى إلى وفاته لاحقا في المستشفى .
على مدى اليومين التاليين قتل أكثر من 40 شخصا على يد العصابات البوذية التي قامت أيضاً بتدمير منازل المسلمين و إضرام النار في المساجد ومهاجمة المدارس الدينية .
قالت “ثين ثين أو أو” وهي شاهدة عيان على العنف :”أخرجوا سيوفهم وقتلوا بها.” وصرحت لوكالة الأناضول أنها كانت تقف قرب قبل المدرسة الإسلامية بعد أن نزلت لتوها من دراجتها و جلبت ثلاثة طلاب منها ” وتابعت وهي تضع يدها على رقبتها لتوضيح حركة التقطيع : “كلهم أصيبوا في الرقبة ، أصيب أحد الأطفال في الرقبة بالسيف، وسقط على الأرض لكنهم استمروا في ضربه من دون توقف. ”
“أو أو” مسلمة ، لكن لم يكن هناك أي شيء مرئي للعصابات يستطيعوا من خلاله أن يحددوا عقيدتها.
من المستحيل التمييز بين كثير من المسلمين والبوذيين ، منع اللحية ، الحجاب أو رموز مرئية أخرى من الإيمان.
الذكريات لدى “أو أو” لا تزال قائمة. فتذكرت “أو أو” قائلةً :”كان البوذيون يطلقون على الأطفال اسم (كالارس( وكانوا يقولون :” لا تتركوا أحداً من كالارس اقتلوهم جميعاً.” وتابعت ” أتذكر الأطفال الذين يتوسلون إلى البوذيين حتى يسمحوا لهم بالرحيل – وكانت أعمارهم حوالي 16 عاما ” .
بعد عام واحد ، ما زالت تطاردها هذه اللحظة، مضيفة أنها لا تزال ترى بعض القتلة في جميع أنحاء المدينة.
كان أسد الله البالغ من العمر ثمانية عشر عاماً طالبا في المدرسة الدينية . وقال إنه لا يزال يتذكر ما حدث. وقال لوكالة الأناضول: “كنا مختبئين ، وأتت الشرطة لتأخذنا إلى مكان أمين ، ولكن عندما خرجنا ومررنا عبر المنطقة البوذية ، هاجمنا البوذيون .” وقال إن المهاجمين كانوا مسلحين بالسكاكين والسيوف و هجموا على مرأى ومسمع من رجال الشرطة الذين كانوا عاجزين عن فعل أي شيء. وقال :”قال لنا البوذيون أن نعبدهم، فإذا عبدناهم سوف ننجو، والبعض منا فعل، ورغم ذلك قُتِل.” وقال إنه يتذكر أحد معلميه ( مولانا الشافي ) الذي رفض مطالب العصابات الغوغائية فقتلوه أمام عينيه. وأضاف: ” تعرض للضرب والطعن ، وكان لا يزال على قيد الحياة عندما سكبوا عليه البنزين وأضرموا فيه النار.”
وتابع أسد الله وهو يبكي ويستذكر ذكرى ذلك اليوم : “الجميع ركض ، وكل من وقع بأيدي العصابات قتل ،لقد كنت محظوظا .” ولحين تدخل الشرطة نقل المسلمون المروعون إلى المحطة بعد فقدان 4 معلمين ومقتل 30 طالبا. وتابع أسد الله : ” أفكر في ذلك كثيرا … ومن الصعب الدراسة الآن … ومن الصعب أن أتحمل. ومن الصعب جدا التعامل مع الوضع. ” وهنا ، توقف أسد الله فجأة عن الكلام ، والألم من الذاكرة يظهر بشكل واضح ، ثم انتهى حديثنا.
بعد ذلك بيومين ، اشتعلت المدينة، تدخل الجيش وأعلن الأحكام العرفية . ما تبقى من المنازل كان دمارا مع وجود الآلاف من المسلمين النازحين.
ما زالت الممتلكات في وسط ميكتيلا مهدمة تاركةً العديد من الضحايا غير القادرين على العودة حيث تحولت منازلهم إلى أنقاض محترقة.
أولئك الذين لم تدمر ممتلكاتهم وشعروا أن العودة آمنة رجعوا إلى المدينة ، والبعض الآخر ذهب للعيش مع أقاربهم أو البقاء في مخيمات المشردين داخليا ، معتمدين على المساعدات من الجمعيات الخيرية، مثل برنامج الغذاء العالمي .
وفي وسط المدينة تظل المساجد مغلقة بالإضافة إلى أغلبية أماكن العمل.
“تينت هتو “70 عاماً، يجلس خارج مسجد “تشان آي ثا يا” في ميكتيلا حيث كانت هناك محاولات لإعادة بناء المنازل من حوله ، ولكن المسجد لا يزال قائما . وقال لوكالة الأناضول: “أولا جاء حشد نحو 40 شخصا . كان لديهم السكاكين والعصي، وخلفهم الآلاف من البوذيين ، الذين أتوا لتدمير المنطقة المسلمة “. وقال إنه على الرغم من أن الشرطة جاءت لحماية المسلمين ” إلا إنها لم تستطع أن تفعل أي شيء لوقف عمل العصابات. ”
الحاج مولانا حنيف ما زال يعيش في مخيم مع زوجته وابنتيه ، بالضبط بعد سنة واحدة من إحراق العصابات الغوغائية منزله ومنازل جيرانه .
وقال لوكالة الأناضول إنه كان واحدا من حوالي 5،000 شخص اختبؤوا في غابة قريبة بينما كانت العصابات تفرض عليهم حصارا، وظهروا مرة أخرى عندما وصلت الشرطة و قالت إنها سوف تحميهم. وقال :” أخذتنا الشرطة في مركبات إلى مركز الشرطة ، وكان هناك معنا أيضا بوذيون أحرقت منازلهم لأنهم سكنوا في منطقتنا “.
صرح حنيف لوكالة الأناضول أنه لم يهدم منزله فقط، لكن ليس لديه وظيفة أيضا ، لا بيت ، لا سلع للبيع ، و اتهم الحكومة بأخذ أراضيهم. وأضاف: “ليس لدينا عزاء ولا سلام ولا أمن ، ونحن دائما في قلق . ماذا يحدث؟ ما الذي يحمله لنا المستقبل ؟ “.
يعيش حنيف في مخيم للحكومة حيث يتم منع الصحفيين من الوصول إليه وبه حوالي 1،300 نازح .
في يانداو ، وتحديدا في مسجد مدينة العلوم، هناك 1،200 نازح جميعهم يعتمد على المساعدات وهذا الحال منذ عام.
سمح لوكالة الأناضول بالدخول إلى مخيم ياندا لأن الحكومة لا تشرف عليه .
“ليلى بي” 30 عاماً – وهي من المسلمين المحليين الذين يقيمون في مخيم يانداو منذ وقت طويل – قالت لوكالة الأناضول إنه كان لديها مطعم في ميكتيلا لكنه دمر الآن بفعل أعمال العنف. وسألت ” وضعنا كل شيء في مطعمنا ، و عندما تم تدميره رزحنا تحت الديون . كيف يمكننا تسديد الأموال إذا لم يكن لدينا عمل بعد الآن ؟ ” وقالت أيضا إن زوجها رحل عن بورما ، وسافر إلى ماليزيا للبحث عن عمل حتى يتمكن من تسديد الديون. وأضافت والدموع في عينيها : ” إن الوضع صعب للغاية… أشعر بالاكتئاب في كل وقت ” .
وبينما كانت تحاول مسح الدموع ، وقف أحد مسؤولي المخيم ويدعى محمد علي و قال لها إن الأشياء ستكون بخير .
قتل أخوها الأكبر أيضا خلال أحداث العنف وهي تعيش الآن في كوخ من الخيزران مع ابنتها البالغة من العمر أربعة أعوام . وكل أسرة تعيش في أكواخ مماثلة بغض النظر عن حجمها .
إنهم يريدون العودة إلى ميكتيلا لكنهم يشعرون أن الوضع ليس آمنا حتى الآن ، وهناك قلق دائم من أن يبدأ العنف مرة أخرى وفي أي وقت.
وقال علي لوكالة الأناضول :” إن المسلمين من جميع أنحاء بورما وخارجها قد تبرعوا بالمساعدات للشعب في المخيم ، ولكن في الوقت الراهن يمكن أن نقدم الأرز و الزيت فقط لصنع الطعام. “.
يعتقد معظم المسلمين الذين تكلموا مع وكالة الأناضول أن العنف كان مدبراً وليس له بالضرورة علاقة بما جرى في محلات الذهب ، أو ضرب الراهب .
وقال علي : ” أعتقد أنه كان مخططاً لدفع المسلمين خارج المنطقة الاقتصادية الرئيسية . بعض البوذيين يحتلون الأرض على أمل أنه سيكون لديهم السيطرة على السوق في المستقبل ” .
على النقيض من المسلمين الروهنجيا في ولاية أراكان ، يُعتبر مسلمو ميكتيلا مواطني بورما ، ولكن لا يبدو أن هذا منع المتطرفين من استهدافهم، فكانت أعمالهم التجارية محور الاحتجاجات لبعض الوقت ، على الأقل من قبل الراهب البوذي المتشدد المتطرف وزعيم حركة (969) المعادية للمسلمين ” آشين ويراثو” الذي حث البوذيين على مقاطعة الشركات التي يملكها المسلمون حتى شبههم بالكلاب.
وقد جعلت هذه الهجمات المسلمين في بورما – الذين يشكلون 4 في المائة من سكان البلاد – يشكون من خطاب الكراهية وضغطوا على الحكومة لوضع حد لذلك .
وقد وزع الرهبان البوذيون منشورات يزعمون فيها أن المسلمين يتآمرون ضد البوذيين بتلقي المال من المملكة العربية السعودية. وقد تبنى خطاب المتطرفين فكرة أن البوذية تحت تهديد من الإسلام، ويجب على البوذيين الدفاع عن دينهم.