وكالة أنباء أراكان ANA : ( الأمة)
لم يسمع أحد عن دولة تجرم حمل "الجوال" على شريحة من شرائح شعبها غير دولة ميانمار والتي كانت تسمى بورما سابقاً..
ولا يمكن تفسير سبب هذا المنع سوى محاولة سلطات البلاد "شبه العسكرية" إخفاء انتهاكاتها المتواصلة بحق العرقية الروهنجية المسلمة، والتي وصفتها منظمة الأمم المتحدة بأنها "أشد الأقليات العرقية اضطهاداً في العالم".
فـ"الانتهاكات" بحقهم في ولاية أراكان بغرب البلاد يومية.. ومستمرة.. ومتواصلة.. ومتصاعدة.. هناك في أراكان لا حقوق ولا حريات.. وكل هذا الظلم والإجرامك يتم في حق عرقية واحدة فقط.. عرقية تدعى "الروهنجيا".. والسبب الوحيد لكل ما يحدث؛ أنها "عرقية مسلمة"..!
وفضلاً عن عدم السماح للصحفيين الأجانب بالتجوال هناك ونقل حقيقة ما يجري على أرض الواقع؛ فإنه من غير المسموح لسكان تلك المنطقة بالتعامل مع أي وسيلة من وسائل الاتصالات العصرية؛ وكأنهم مازالوا يعيشون في القرن التاسع عشر أو ما قبله..!
مسلمو الروهنجيا.. يقال بأنهم يمثلون نحو 5% سكان البلاد البالغ 60 مليون نسمة.. إلا أن هذه النسبة أو حتى عدد سكان البلاد غير واضح وليس دقيقاً، نظراً لأن سلطات البلاد لم تجري منذ 30 عاماً إحصاء سكاني، حتى الإحصاء الأخير قبل نحو 30 عاماً لم يكن صحيحاً باعتراف مسئولين في البلاد وقتها..
بل أكثر من ذلك.. ما زال الماضي الأليم يتكرر ويتواصل.. فعمليات الإحصاء السكاني التي تجري حالياً في البلاد تفتقر للمعايير الدولية وخاصةً بعد إقصائها لنحو 5% على الأقل من شعبها في هذا الاحصاء وهم الروهنجيا المسلمون..
في ظل هذه الحالة "النادرة" في عالم اليوم.. وما نسمعه عن انتهاكات جسيمة تتواصل هناك دون توقف، كان من الطبيعي والمنتظر أن تبذل حكومة بورما جهوداً كبيرة؛ ليس لرفع الظلم عن العرقية الروهنجيا؛ بل لإخفاء كل ما يجري هناك من انتهاكات..!
هذه الانتهاكات المتواصل، تثبت الوقائع والأيام بأنها تتم بتدبير من السلطات الرسمية البوذية نفسها، ولكن بأيادي مجموعات إجرامية بوذية مسلحة، ويتم توجيهها من قبل قوات الأمن البورمية التي تقف لتشرف وتراقب وتشاهد من بعيد ما ما تم الاتفاق عليه خلف الأستار من قمع وقتل وتهجير لمسلمي أراكان.. ثم تخرج للعالم وتدعي بأنها كانت تلتزم بـ"الحياد"..!
ولكن حال قيام أحد من شباب الروهنجيا بتصوير ما يحدث من جرائم؛ فلا "حياد" هنا للأمن؛ بل سريعاً وعلى الفور تقوم قوات الأمن بالتدخل "السريع" والقبض على كل مسلم تجرأ في تصوير وتسجيل ما يحدث هناك، وتغريمه أو حبسه بتهمة "الجوال" وهى إحدى التهم المعروفة فقط في دساتير "الأنظمة العسكرية الاستبدادية" في العالم..!
وآخر الأخبار التي وردت من هناك، ما نشرته اليوم وكالة أنباء أراكان، من أن الشرطة البوذية قامت بتغريم مسلم روهنجي وهو صاحب محل بتهمة اقتناء جوال..!
فقد قامت قوة من الشرطة البورمية بمداهمة وتفتيش محل تجاري يملكه رجل روهنجي يدعى "نور الأمين كمال حسين"، بقرية "لودينغ" شمال مدينة "منغدو" بولاية أراكان غرب البلاد، ثم قاموا بتغريمه 150 ألف كيات بورمي (نحو 200 دولار) بتهمة حيازته على جوال، وذلك بالرغم إنكاره ونفيه بشدة وتأكيده لهم أنه لا يملك جوالا منذ مدة طويلة.
وأوضح مراسل وكالة أنباء أراكان، بأن نور الأمين تعرض من أفراد الشرطة البوذية للسب والشتم بألفاظ قبيحة، ووجهوا له إهانات بالغة قبل أن يتركوه ويغادروا المحل.
وبهذا تصبح دولة ميانمار هي الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر امتلاك جوال على جزء من شعبها "مسلمي الروهنجيا" في أراكان بهدف ممارسة الحصار الإعلامي لمنعهم من تسريب أخبار اضطهادهم إلى العالم الخارجي..!