المنشاوي الورداني
كأنهم ليسوا بشرًا.. فضلًا عن كونهم بشرًا مسلمين! نرى المذابح التي يساقون إليها ونرى أجسادهم المتفحمة ونرى إلقاء الجثث من مكان لآخر ونسمع عن اغتصاب فتياتهم وتمزيق أوصال أطفالهم وتحقير كبارهم وعلمائهم ثم نمضي لحال سبيلنا وكأن شيئا لا يحدث وكأنهم ليسوا بشرا!! إنهم مسلمو ميانمار (بورما) المنسيين، أولئك الذين تتجاهلهم حتى منظمات حقوق الإنسان الرهيفة الحس!
طوفان من المشاهد المرعبة والأخبار التي تقشعر لها الأبدان والصور التي تستكملها المخيلة تأسيسا على ما تتناقله بعض وسائل الإعلام.. طوفان يغرق آدميتك لأنهم آدميون مثلك.. يسحب عنك أخوتك لأنهم إخوانك في الدين.. يشكك في صدقك مع نفسك لأنهم هم الصادقون مع أنفسهم لم يتزلزلوا ولم يفرطوا في معتقدهم رغم بشاعة ما يمارس ضدهم، أما أنت فلم تكلف نفسك حتى عناء قراءة شيء عنهم!!
ضع نفسك مكان أحدهم للحظات فهل تحتمل؟ هل تحتمل أن يغتصب أحدهم ابنتك أو يحرق ابنك أو يذبح أباك؟ هل تقبل كل مشاهد العنف على عائلتك أو بني وطنك؟ انظر إلى هذه الصور الحقيقية التي بثتها أجهزة الإعلام قبل أن ترد: هذه صورة حديثة لجماعات ترتدي الزي الأحمر وتضع على أنوفها كمامات.. تقف في مسلخ مفتوح.. ليس لدجاج أو لخراف وإنما لبشر مثلي ومثلك عرايا مذبوحين من الوريد للوريد وهذه صورة لموظف مسكين (يجب أن ترق قلوبنا له) يتحمل وحده عبء إلقاء الجثث من مكان مغلق إلى مكان آخر.. جثة أخيك المسلم تطير في الهواء والمصور المحترف التقط أكثر من لقطة متتابعة كي تصلنا صورة الجثة الطائرة كأنها لعبة أو على الأقل جوال من التبن! ويحافظ القتلة على تنوع أساليب القتل حتى لا نمل فيحرقوا هذه المرة المسلمين أحياء ونرى صورة مساحة كبيرة من اللحم المشوي والعظام المتفحمة والأرض تبتلع الفضيحة طالما نعمي أبصارنا بأنفسنا كي لا نرى.
ماغ المتطرفة
وفق تقرير للعربية نت قبل أسابيع بلغت الحصيلة الأولية لحرب الإبادة التي تشنها مجموعة «ماغ» البوذية المتطرفة على المسلمين في بورما 250 قتيلًا وأكثر من 500 جريح وقرابة 300 مخطوف، لكن يتواضع هذا الرقم أمام الأرقام التي نعرفها حاليا.
المدهش أن مليشيات الماغ البوذية المتطرفة بعد أن دمرت أكثر من 20 قرية و1600 منزل كتبت على كل قرية عبارة «خالية من المسلمين» وكأنهم وباء.. لقد استضعفوهم ونحن السبب، ولا يظن أحدنا أنه بمنأى من افتراس المتوحشين طال الزمان أم قصر.
وقد ذكر التقرير أن بعضا ممن فر من المذابح إلى بنجلاديش القريبة أعيد مردودا إلى مصيره بعد أن ضاقت السلطات البنغالية بحوالي 300 ألف مسلم مضطهد فر إليها. فمتى نقبلهم نحن في بلادنا كلاجئين.. أين منظمة العمل الإسلامي؟ أين بقية المنظمات الحقوقية؟ أين الإنسان؟ هل تعرف أخي المسلم أن اللاجئين البورميين الذين وصلوا إلى بنجلاديش يعيشون في حالة مزرية؟ إنهم يحتشدون في منطقة «تكيناف» داخل مخيمات مبنية من العشب والأوراق وسط بيئة ملوثة ومستنقعات تحمل كثيرًا من الأمراض مثل الملاريا والكوليرا فماذا نحن فاعلون؟
شاهد من أهلها
واستمع إلى الشيخ سليم الله حسين عبدالرحمن رئيس منظمة تضامن الروهنجيا وهو يؤكد أنه في عام 1992 شردت بورما حوالي 300 ألف مسلم إلى بنجلاديش للمرة الثانية ثم اتبعت سياسة الاستئصال عن طريق برامج تحديد النسل فتم منع الفتاة المسلمة من الزواج قبل سن الـ25 عاما والرجل قبل سن الـ30.
ودعنا نتساءل أخي الكريم مع من تساءلوا: أين دور دول المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان والهيئات العالمية مما يحدث في بورما؟! ولكن وكي لا نبخس الناس جهودهم فقد انطلقت عدة مراكز وجمعيات وأفراد إسلامية للتنديد بالتطهير العرقي الذي يحدث في بورما، من أعمال القتل والاضطهاد التي تستهدف المسلمين هناك.
إن ما يحدث من مجازر إبادة تحت غطاء ديني بعد إعلان الكهنة البوذيين الحرب المقدسة ضد المسلمين في إقليم أراكان في دولة بورما، ليستدعي المؤسسات الإغاثية والأمم المتحدة الإسراع لنصرة مسلمي بورما، وتقديم كل أشكال الدعم لهم، ووقف سياسة التهجير وتدمير المنازل والممتلكات والمساجد التي تقوم بها الجماعات البوذية المتطرفة (الماغ)، وهو ما يتنافى مع كل الأديان السماوية والقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، التي أقرتها سائر المبادئ والاتفاقيات الدولية.
المصدر : الوعي الإسلامي