وكالة أنباء أراكان ANA :(الألوكة)
زيارة زعيمة المعارضة في بورما لألمانيا والدور الألماني المطلوب تجاه مسلمي بورما:
نشر موقع Islam.de الناطق بالألمانية مقالةً بعنوان: "بورما وحقوق الإنسان: على ألمانيا أن تمارس ضغوطًا أكبر لوقف انتهاكات حقوق الإنسان"، جاء فيه:
ماذا فعلت المُعارِضة البورمية " أونج سان سو كي" لإيقاف الظلم والاضطهاد الذي يتعرَّض له المسلمون على يد المتطرِّفين البوذيين؟
أصبح مسلمو بورما هدفًا لاعتداءات وحشية متكرِّرة في السنوات الماضية، وكان أكثر من تعرَّضوا لتلك الاعتداءات هم مسلمو "الروهينجا" في إقليم "راخين" أو "أراكان" غربي بورما، والذين لا تعترِف بهم دولة بورما كمُواطنين.
وسط بورما شهد أيضًا في العام الماضي سقوط قتلى وجرحى في مذابح ضد المسلمين، لكن " أونج سان سو كي" المُعارِضة البورمية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، والتي تزور ألمانيا حاليًّا، وتلتقي المستشارة الألمانية والرئيس الألماني - لم تُقدم الكثير من أجل رفع كل ذلك الظلم والاضطهاد الذي يتعرَّض له المسلمون في بلدها، وفي هذا الصدد يقول أوليرش ديليوس Ulrich Delius مُقرِّر جمعية الدفاع عن الشعوب المهددة في آسيا (Gesellschaft für bedrohte Völker-International, GfbV-International): "لقد أصابتْنا خيبة أمل عميقة من صمت تلك السياسيَّة المُعارِضة على الإقصاء والطرد الممنهج لأبناء أقلية الروهينجا المسلمة في بلادها، رغم أنها هي نفسها كانت قد تعرَّضت للمُلاحقة والاضطهاد لفترة طويلة"؛ وذلك في تصريح له يوم الأربعاء الماضي في مدينة جوتنجين الألمانية.
وقال ديليوس: إنه على " أونج سان سو كي" أن تعمل من أجل توفير وسيلة تسمح بدخول موظفي الإغاثة إلى البلاد بشكل آمن وحر لمساعدة اللاجئين من أقلية الروهينجا، مضيفًا: "إن "سان سو كي" الحاصلة على جائزة نوبل للسلام، ومِن مُنطلَق الشعوبيَّة، وبسبب وضعها لفرص فوز حزبها الانتخابية في الاعتبار - تتجاهَل الوضع المأساويَّ لللاجئين من أقلية الروهينجا، وهي بذلك ستخسر سُمعتَها كأيقونة للحرية".
وفي الوقت الذي يسوء فيه وضع ما يَقرب من 130 ألف لاجئ من عرقية الروهينجا يومًا بعد يوم، يَظهر مشروع قانون جديد في بورما بعنوان: "حماية العِرق والدين"، يسمح بتدخل الدولة في حق اعتناق الأديان، ويقلِّص بشكل كبير من حرية الاعتناق في البلاد!
رئيس بورما " ثين سين" (Thein Sein)، الذي يُوصف بـ"الإصلاحي" - دافع عن مشروع القانون الجديد، الذي وصفه بأنه يأتي حمايةً للأغلبية البوذية من التغلغل المحتمل للمسلمين في المجتمع البورمي.
وينصُّ القانون الجديد على أن النساء البورميات البوذيات عليهنَّ أن يَحصلن على تصريح من السلطات ومن الوالدين قبل الزواج من شخص غير بوذي, كما ينصُّ القانون الجديد على أن الشخص غير البوذي عليه أن يَعتنِق البوذية قبل الزواج من امرأة بوذية.
تعليق المُترجِم:
تثير هذه المقالة عدة نقاط في ملف معاناة أقلية الروهينجا المسلمة في بورما؛ حيث تُشير إلى المعاناة الشديدة لمسلمي بورما، والقمع المستمر لهم من خلال عمليات القتل والتعذيب والتهجير من جهة، ومن خلال سنِّ قوانين تحدُّ من حقوق وحريات هذه الأقلية المُضطهدة من جهة أخرى.
المقالة تشير أيضًا إلى الموقف الأوروبي المتخاذِل تجاه انتهاك حقوق تلك الأقلية المسلمة، ولعلَّ الحديث عن الموقف الدولي المتخاذِل يَدعوني شخصيًّا للخجل؛ كوني ألقي اللوم على أوروبا وألمانيا لعدم بذلهم ما يجب لحقنِ دماء المسلمين في بورما، بينما يجب إلقاء اللوم أولاً على قادة الدول الإسلامية لمواقفهم المُتقاعِسة عن نصرة إخواننا المستضعفين في بورما؛ فالتحرُّكات في هذا الصدد دائمًا ما تكون شعبية أكثر منها رسمية أو حكومية.
المقالة طرحت سؤالاً عن الدور الذي لعبته الناشطة والسياسية البورمية "أونج سان سو كي" لحماية حقوق الإنسان البورمي المسلم.
وسنبدأ بإبراز ملامح الموقف الألماني بشكل خاص، وذلك في ضوء زيارة زعيمة المعارضة في بورما لدولة ألمانيا الاتحادية، وهي الزيارة التي تأتي في إطار زيارات قام بها مسؤولون ألمان، أبرزهم الرئيس الألماني "يواخيم جاوك"، والذي زار بورما في شهر فبراير الماضي، ما يعني أن العلاقات البورمية - الألمانية يمكن وصفها بالجيِّدة، بالرغم من الانتهاكات الرهيبة لحقوق الإنسان وحرية الاعتقاد في بورما.
زيارة الرئيس الألماني لبورما كانت مخيِّبة لآمال الأقلية المسلمة في بورما؛ ذلك أن "جاوك" تحدَّث فور وصوله إلى بورما عن أن بورما "تخطو خطوات واضحة على طريق الديموقراطية"، مؤكدًا دعم بلاده للتطور الديموقراطي في البلاد.
ليس هذا فحسب، فقد أعلن الرئيس الألماني من مدينة "يانجون" البورمية إعفاء ألمانيا لبورما من دفع ديون مستحَقَّة عليها بقيمة 500 مليون يورو، وذلك أثناء زيارته لمعبد "شويداجون" أكثر المعابد البوذية قدسيةً في البلاد، كما قام بعدها بمُقابلة الناشطة "أونج سان سو كي"، وعقد عدة لقاءات تناوَلت العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدَين، وهو الأمر الذي دفع صحيفة "أوناس بروكر تسايتونج" (Osnabrücker Zeitung) الألمانية إلى انتقاد الزيارة؛ حيث قالت الصحيفة في مقالةٍ بعنوان: "زيارة جاوك لبورما والمصداقية": "إن جاوك لم يُقدِّم سوى بعض الانتقادات الخفيفة لانتهاكات حقوق الإنسان في بورما، وقام بالثناء على التطوُّر الديموقراطي في البلاد، بينما اصطحبَ معه وفدًا اقتصاديًّا ألمانيًّا".
الصحيفة انتقدت تشدُّق جاوك برعايته للديموقراطية وحقوق الإنسان في بورما، بينما هو في حقيقة الأمر يزور البلاد في مهمة اقتصادية، وأضافت الصحيفة: إنه ليس من العيب أن توطِّد ألمانيا علاقاتها الاقتصادية بدول آسيا، لا سيما مع كون ألمانيا من أكبر الدول في مجال التصدير والاستثمار، لكن الصحيفة انتقدت قيام الرئيس الألماني بدور وزير الاقتصاد من جهة، وإعلانه أن الغرض من الزيارة هو مناقشة أوضاع حقوق الإنسان من جهة أخرى، مضيفةً أنه لو كان قد أعلن من البداية أن الزيارة تأتي لأهداف اقتصادية لكان الأمر أفضل؛ لأنه بذلك يخسر قدرًا من مصداقيته.
ولعلَّ إبراز مُلابَسات زيارة الرئيس الألماني لبورما يُمَثِّلُ نموذجًا للموقف الأوروبي بشكل عام تجاه أوضاع مُسلمي بورما، يُظهِر للمتابع كيف أن المسألة مرتبطة في المقام الأول بالمصالح الاقتصادية والسياسية لدول الغرب، وأن مسألة حقن دماء مسلمي بورما ورفع الظلم عنهم ليست إلا مسألة فرعية، هذا فيما يخص الموقف الألماني.
أما ما يخص دور السياسية المُعارِضة "أونج سان سو كي" في تخفيف معاناة مسلمي الروهينجا، فإن "كي" ليس لديها وقت للحديث عن حقوق المسلمين في بلادها؛ وذلك لأنها مُنشغِلة بتحقيق مكاسب سياسية لها ولحِزبها؛ حيث إنها تسعى لإعادة حزبِها إلى صدارة المشهد السياسي، كما تسعى للترشُّح للرئاسة في الانتخابات الرئاسية القادمة، وهنا يُمكِنني أن أقتبس شهادة أحد النشطاء الحقوقيِّين من أبناء أقلية الروهينجا "كياو مين"؛ حيث يقول في هذا الصدد: "للأسف الشديد، البورمية الوحيدة الحائزة على جائزة نوبل للسلام "أونج سان سو كي"، التي يُتوقع منها أن تدافع عن قضيتنا - صمتَت تمامًا؛ لرغبتها في الترشُّح للرئاسة في ٢٠١٥" .
ربما تتعرَّض "سان سو كي" لضغوط ومساومات تُجبِرها على التخلي عن نصرة قضية الروهينجا، وربما تفعل ذلك من منظور شُعوبي؛ كونها بوذية في الأساس وليسَت من أبناء أقلية الروهينجا، لكنَّها في جميع الأحوال لم تلعب الدور المطلوب لوقف نزيف الدم المسلم في بلادها، فهل يتحرَّك العالم الإسلامي على الصعيدَين الرسمي والشعبي لنجدة هذا الشعب المُسلم المضطهد، بدلاً من لوم الآخرين على عدم التحرُّك؟
ترجمه من الألمانية وعلَّق عليه: إسماعيل خليفة
المصدر: Islam.de
رابط الموضوع: http://www.alukah.net/translations/0/70159/#ixzz3Rz9G9eUd