بقلم : نيكولاس كريستوف
كانت البيجوم "مينورا" في مخاض الولادة لحوالي 24 ساعة والطفلة عالقة لكن الأسوأ من ذلك، هو أن الولادة تحولت إلى عملية صعبة تهدد حياة الأم والطفل على حد سواء.
"مينورا" تبلغ ثلاثا وعشرين سنة وبحاجة ماسة إلى الطبيب لتوليد طفلها ولكن حكومة ميانمار قد حجزتها مع 150000 آخرين، في شبه معسكر للاعتقال خارج البلدة ، كما قامت الحكومة بإعاقة دخول عمال الإغاثة لتقديم المساعدة الطبية.
أهلا بكم في ميانمار ، حيث يتم إغراق التقدم الديمقراطي الهائل بجرائم ضد الإنسانية وضد الروهنجيا ، وهم أقلية مسلمة مكروهة كثيرا في هذا البلد البوذي .
الديمقراطية الناشئة تزداد في الاضطهاد، ويبدو أن التطهير العرقي لأقلية - لا تحظى بشعبية- استراتيجية للحصول على أصوات الناخبين.
هذه رحلتي السنوية التي" يفوز بها " طالب جامعي ليكتب التقارير عن الدول النامية .
هذا العام أنا مع الفائزة "نيكول سغانغا" من جامعة "نوتردام"، لتسليط الضوء على الظلم الذي يسميه البعض إبادة جماعية .
هناك أكثر من مليون روهنجي في ولاية أراكان شمال غرب ميانمار وهم يختلفون عن البوذيين المحليين ببشرتهم الداكنة وعقيدتهم الإسلامية .
ولعقود من الزمان ، حاول الحكام العسكريون في ميانمار إنكار هويتهم بشكل منهجي لمحو وجودهم وممارسة الظلم والطرد الجماعي ضدهم بين وقت وآخر.
قال لي "يو وين ميانغ" المتحدث باسم ولاية أراكان : "لا يوجد شعب يسمى الروهنجيا في ميانمار. " مضيفا أنهم مهاجرون غير شرعيين من بنجلاديش .
هذا السرد هو سخيف ، فضلا عن كونه عنصري فهناك وثيقة تعود إلى عام 1799 تشير إلى السكان الروهنجيا هنا .
و يقدر تقرير صدر عام 1826 أن 30 في المئة من سكان هذه المنطقة كانوا من المسلمين . ومنذ اشتباكات عام 2012 التي أودت بحياة أكثر من 200 شخص - بمن فيهم الأطفال الذين قتلوا بالمناجل – تحجز السلطات الروهنجيا في معسكرات الاعتقال أو قراهم كما يجردون من المواطنة وليس بإمكانهم التنقل بحرية والذهاب إلى السوق، أو المدارس ، أو الجامعة، أو المستشفيات.
وقد قام عشرات الآلاف بمحاولات يائسة للفرار بالقوارب ، لكن العديد منهم غرقوا في البحر.
هذا العام ، تصرفت السلطات بشكل أقسى ، مما جعل الوضع أسوأ حيث قامت الحكومة بطرد منظمة أطباء بلا حدود، التي توفر الرعاية الصحية للروهنجيا ثم هاجمت العصابات الغوغائية مكاتب المنظمات الإنسانية و أجبرت عامليها على الخروج ثم استؤنف توزيع بعض أنواع المساعدات ولكن الرعاية الصحية لم تستأنف بعد.
هذه طريقة عقيمة للأمور وأتمنى من القراء أن يروا "شامشيدا بيغوم" (22) عاما المليئة بالرعب وهي أم لطفلة تبلغ من العمر عاما واحدا تدعى نور وقد أصيبت بالحمى.
قالت "شامشيدا" إن ميزان الحرارة سجل في المنزل 107 درجة حتى بعد أن وضعت ملابس مبللة على "نور" لخفض درجة حرارتها، ولكنها لا تزال 105 درجة.
من أي نوع هذه الحكومة التي تمنع المنظمات الإنسانية من تقديم الرعاية الطبية لطفل ؟ نور شفيت، ولكن الآخرين لقوا حتفهم .
زرنا عائلة مفجوعة تتألف من رجل يبلغ من العمر 35 عاما يدعى "ياسين" توفي بسبب عدم معالجته من مرض السل.
قالت أرملته حبيبة :" مات لأنه لم يستطع الحصول على الدواء ، فقام أصدقاؤه بتحضير تابوت من الخيزران" .
الآن تشعر بالقلق إزاء أطفالها الأربعة الصغار الذين -كباقي أطفال المخيم- لم يتم تطعيمهم حث ينتظر انتشار الأوبئة في المخيم.
"مينورا" نجت من مخاض الولادة الذي امتد إلى حوالي 28 ساعة بالإضافة إلى نزيف ، ولكنها خسرت طفلتها.
دفنت الطفلة في قبر غير معروف وهو قبر من عدد كبير من المقابر الصغيرة والمؤلمة والموجعة على مشارف المخيم.
قال زوج "مينورا" و يدعى ذاكر أحمد بمرارة بعد الدفن :" لأنني من الروهنجيا ، لا أستطيع الحصول على الرعاية الصحية ، وأنا لا يمكن أن أكون أبا " .
تكلمت الولايات المتحدة ، ولكن بأقل ما يجب ؛ وقد حاولت أوروبا وآسيا أن تنظرا في الاتجاه الآخر.
ينبغي أن نعمل على وجه الخصوص مع اليابان وبريطانيا و ماليزيا والأمم المتحدة للضغط على ميانمار لاستعادة وصول المساعدات الإنسانية والرعاية الطبية.
الرئيس أوباما ، الذي زار ميانمار و أعجب بها كثيراً ، يجب أن يعلن بشكل قاطع أن ما يحدث هنا هو رهيب .
وقد لاحظ أوباما في الآونة الأخيرة أن خياراته في السياسة الخارجية محدودة، وأن التدخلات العسكرية تأتي بنتائج عكسية وهذا صحيح بما فيه الكفاية ، ولكن في ميانمار لديه زخم سياسي لم يستخدمه بالكامل.
عندما كان طالباً في الجامعة ، ندد أوباما بالفصل العنصري في جنوب أفريقيا والآن كرئيس ، يجب أن يكون أكثر حزما تجاه فصل عنصري أكثر ترويعا وهو ذلك الموجود في ميانمار الذي يحرم مجموعة عرقية من الرعاية الصحية .
تسعى ميانمار للحصول على الاستثمار الأمريكي والموافقة عليها ويجب علينا أن نوضح أنها لن تحصل عليه إلا إذا تعاملت مع الروهنجيا كبشر.