وكالة أنباء أراكان | الشرق
الكاتب | فايز الفايز
لا يمكن لأي إنسان سويّ عاقل مؤمن بالحياة والموت أن يقبل إبادة البشر وقتل أناس لا ذنب لهم مهما كانت صفاتهم وألوانهم أو عقائدهم وإثنياتهم، ومن يقبل ذلك ولو فكريا فهو واحد من اثنين إما مجرم متوحش يستحق العقاب أو مريض نفسيا وعقليا يستحق الحجر عليه ومنعه، وهذان الصنفان من البشر هم من يقودوا -على ما يبدو- إدارة عمليات القتال ومعارك الإبادة ضد المدنيين العزّل في شرق وغرب آسيا تحديدا، ولعل أشهر الجرائم المرتكبة ضد المدنيين من نساء وأطفال وشيوخ ترتكب في شرق آسيا بميانمار وغرب آسيا في بلدات الموصل على يد المليشيات.
إن تعمد الجيش الميانماري أول أمس الأحد قتل خمسة وعشرين من مسلمي "الروهنغيا" علنا، هو إعلان فاضح لعمليات الإبادة الجماعية التي تمارس ضد مسلمي تلك الجماعة بناء على عرقها ودينها، والتي بدأت منذ عقود لطرد الروهنغيا من أرضهم التي عاشوا عليها مئات السنين، بدعم تشريعي بناء على قانون الهجرة الذي أصدره عام 1974 الدكتاتور "ني ون" الذي اغتصب السلطة عام 1962 ، لتبدأ مرحلة جديدة من عمليات التطهير العرقي والديني ضد المسلمين والمسيحيين بأيدي السكان والعسكر البوذيين حتى اليوم.
إن مصطلح الإرهاب وجعله مدخلا غير نزيه للانقضاض على السكان والمدنيين وقتلهم وتجريدهم من ممتلكاتهم وطردهم من أراضيهم، هو بلا شك جريمة عالمية تشترك فيها كل القوى العظمى التي سيطرت على العالم الآسيوي منذ عصر الاستعمار وحتى اليوم الذي صمت الجميع في الغرب المتحضر والشرق المتحرر من عبودية الاستعمار الغربي، حتى وصل عدد المسلمين الذين يقتلون في دول جنوب شرق آسيا إلى مئات الآلاف، فيما تسجل الجرائم ضد المدنيين في العراق وسوريا إلى مئات آلاف أخرى.
إن ما يميز عمليات القتل العشوائي والتعذيب والطرد والتهجير في "ميانمار" ومثلها في محيط مدينة الموصل العراقية هو الصمت الرضائي من السلطات الحاكمة والمراقبة الدولية على ما يجري، وتشاء الصدف أن يتزامن الغلو في قتل وطرد المئات والآلاف دفعة واحدة في هاتين المنطقتين في الربع الأخير من العام 2016 ما يجعل المرء يتساءل عن جدوى وجود هيئة الأمم المتحدة ومنظماتها الحقوقية والأمنية بما فيها مجلس حقوق الإنسان، في الوقت الذي يشهد فيه العالم ثورة اتصالات سريعة جدا، مكنت أي إنسان من توثيق الجرائم عبر هاتف خليوي وبثه فورا، ومع هذا لا أحد يهتم حقيقة لما يجري .
قبل أشهر نشر الصحفي الروهنغي "أحمد بن ولي" أن السلطات الحاكمة تمنع مسلمي ميانمار من مغادرة البلاد لأي سبب كما أنها تمنعهم من العلاج والتعليم في الداخل، موضحا أن عددا قليلا من مسلمي ميانمار، سمح لهم بالحج خلال العام الماضي، ولكنهم ليسوا من مسلمي الروهنغيا التي تتعرض منذ أربع سنوات الى اضطهاد السلطات البوذية الحاكمة، لدفعهم إلى الهجرة والاستيلاء على إقليمهم والسيطرة على الثروات الطبيعية الضخمة حسبما جاء في مجلة الشؤون الخارجية الأمريكية.