بقلم: يحيى القواسمي*
وكالة أنباء أراكان ANA | حزب ضد الصهيونية
مع التطور المتسارع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات, فإنّ المساعدات السرّية, التي يقدمها الكيان الصهيوني للأنظمة القمعية, بدأت تظهر للعيان.
اكتشف الرأي العام أنّ بورما (المعروفة أيضاً باسم ميانمار ) استفادت من هذا الدعم الإسرائيلي في المسائل العسكرية والأمنية، وهي لا تزال تستفيد منه في الوقت الحالي, ما يسمح لها بقمع جزء من شعبها بفعالية أكبر.
منذ استقلالها, الذي تحقق في عام 1948,واجهت بورما حرباً أهلية في العديد من مناطقها. كان ذلك بقيادة المجلس العسكري حتى عام 2015 ,هي السنة التي رفعت فيها الانتخابات الديموقراطية حزب أونغ سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل للسلام إلى السلطة, وهي تشغل منذ نيسان الماضي ما يعادل منصب رئاسة الحكومة.
في حين أنّ معظم الدول الغربية والآسيوية تحتفل بديموقراطية هذا البلد الواقع في جنوب شرق آسيا ,كان الوضع على الأرض مختلفاً كثيراً. في الواقع , الحكومة لا تتحكم بقوى أمن الدولة , أو بالمليشيات الخاصة، بشكل حقيقي، فهي لا تزال تحت قيادة المجلس العسكري على الرغم من المظهر الديموقراطي, “في الواقع” ميانمار لا تزال تحت حكم النظام العسكري.
هذا الأخير يستمر في ارتكاب جرائم ضدّ الإنسانية ,وجرائم الحرب وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد, وبخاصة ضد الأقليات العرقية ,لا سيما سكان الروهنغيا .
هذه الأقلّية الواقعة في غربي البلاد في ولاية أراكان (أو راخين ),اعتنقت الإسلام في القرن 16, في بلد سكانه بوذيّون بنسبة 90% ,مستهدفين من قبل السلطات البورمية . فقد صدر قانون في عام 1982 يسلبهم جنسيتهم ليتحولوا إلى عديمي الجنسية في بلدهم واضطهادهم بشكل لا يطاق ، وتصبح هذه السياسة رسمية تقريباً.
اغتصاب، تعذيب، جرائم قتل، مذابح جماعية ،استعباد و قمع عنيف، مما جعل الأمم المتحدة تصفه بـ ”التطهير العرقي”.
انطلقت آخر عملية لقوات الأمن ضد هذه الأقلية المسلمة في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي في مدينة منغدو، مما تسبب بتعذيب واختفاء وقتل واغتصاب المدنيين، وحرق قرى بأكملها.
وقد صرح المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة أن هذه العمليات “ربما قتلت مئات من الناس وتسببت بفرار حوالي ستين ألف شخص إلى بنغلاديش واثنان وعشرون ألف آخرين إلى داخل البلاد”. في حين ذكر ممثل الأمم المتحدة في بنغلادش أنّ “ميانمار بدأت بحملة تطهير عرقي ضد الأقلّية المسلمة ”.
إن هذا النظام يحتاج إلى أدوات وتوجيهات لكي يقوم بتنفيذ هذا العمل القمعي. وهنا يتدخل الكيان الصهيوني المجرم، فهو متخصّص بهذا المجال.
هذه العلاقات أصبحت رسميّة اليوم، فما زالت الحكومة الإسرائيلية مستمرّة بتوريد الأسلحة لنظام رانغون. ففي السنوات الأخيرة قام القادة العسكريّون في بورما بـ” فورة شراء” من مصانع الأسلحة الإسرائيلية.
في شهر أيلول عام 2015، قام الأمين العام مين أونغ هلاينغ بزيارة إسرائيل برفقة كبار قادة المجلس العسكري بما فيهم الجنرال المجرم مونغ آيي. حيث التقوا هناك مع الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين بالإضافة إلى كل من رئيس قوات الدفاع الإسرائيلية، قادة أنظمة الدفاع، ومديري الشركات الأمنية.
خلال الزيارة الغير معلنة، والأولى من نوعها خلال 55 عاماً، اعترف قادة المجلس العسكري أنهم اشتروا سفناً من نوع سوبر دفورا بالإضافة إلى معدات خاصة بالتدريبات العسكرية.
بمقارنتهم بمجرمي الحرب من المؤكد أن هذه الحركة ذهبت جيداً… ومع ذلك فإن التجارة ليست السبب الوحيد الذي دفع إسرائيل لدعم النظام في بورما.
في الواقع، إنّ العلاقات مع بورما لها مزايا جغرافية سياسية تجذب اهتمام الكيان الإسرائيلي المجرم وخاصّة في مجال الاستخبارات.
إنّ سنغافورة ستبقى القاعدة الإقليمية لإسرائيل، لكن رانغون يمكن اعتبارها نقطة مراقبة مفيدة يمكن من خلالها الرصد والإبلاغ عن التطورات الاستراتيجية الرئيسية في دول مثل إيران والصين والهند.
إنّ حزب ضد الصهيونية يدعو المجتمع الدولي أن يستنكر بشدة عملية قمع الأقلية المسلمة في بورما، وأن يتّخذ إجراءات ملموسة من أجل حماية ضحايا هذه الإبادة الجماعية الحقيقية.
أما بالنسبة للكيان الصهيوني، فإنّ علاقته مع نظام رانغون المجرم ليس مفاجئاً، فقد غدا متخصّصاً بدعم مخططات التعذيب.
هكذا، وعلى الرغم من وجود تقارير تؤكد الانتهاكات وغيرها من الجرائم ضد الإنسانية، فقد رفض وزير الدفاع الإسرائيلي وقف صادرات المعدات الأمنية إلى بورما.
وهل يُستغرب هذا من نظام يستخدم نفس الأساليب ضد الشعب الفلسطيني؟
*رئيس حزب ضد الصهيوينة