وكالة أنباء أراكان ANA | الممهدون
في ظل صمت دولي وعالمي مطبق عن أبشع جرائم العصر الحديث يتعرض الملايين من المسلمين في ميانمار لعمليات إبادة وقتل ممنهجة، فنعم إنها حرب إبادة حقيقية يتعرض لها المسلمون في ميانمار من جانب السلطات التي تساندها الأكثرية البوذية، حيث إن أكثر من سبعة ملايين مسلم يشكلون أكثر من خمسة عشر في المئة من الشعب في هذه الدولة مضطهدون ويتعرضون للقتل والتهجير على مدار عقود مرت، ولكن من يهتم بمسلمي ميانمار؟ ومن يغيثهم فيما يتعرضون له؟
منذ عقود مضت، والأقليات العرقية في الروهنغيا في ولاية أراكان شمال ميانمار تعاني من انتهاكات خطيرة لأبسط حقوق الإنسان، حيث فر مئات الآلاف منهم إلى بنغلاديش، حيث يعيشون في ظروف صعبة في هذه البلاد المجاورة.
وتبين هذه الأفعال وبشكل جلي أن الغرض من هذه الأفعال هو التطهير العرقي للمسلمين من ولاية أراكان، فالتطهير العرقي يعني أن المنطقة يتم إخلاؤها من خلال النقل القسري للأفراد.
وفقا للقانون الجنائي الدولي، يرتبط مفهوم التطهير العرقي من جهة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية (الإبعاد والنقل القسري) ومن ناحية أخرى بالإبادة الجماعية حيث إن الأدلة حول عمليات القتل والعنف ضد المسلمين الروهنغيا في ولاية أراكان تثبت أن التطهير العرقي، هو أكثر من مجرد النقل القسري للمسلمين من أراضيهم بل إن هناك جهود متعمدة وواضحة لتدمير وارتكاب الإبادة الجماعية ضدهم.
فهذه بيوتهم التي تحترق، تم تهجيرهم جماعياً من قرى المسلمين وأراضيهم الزراعية، لتوطين البوذيين فيها في قرى نموذجية، يأخذوا المال من المسلمين ويأخذوهم كأجراء وعبيد عندهم يبنوا لهم المناطق الراقية، سنة 62 عقب الانقلاب العسكري الفاشي طرد 300 ألف مسلم إلى بنغلاديش.. سنة 78 طردوا أكثر 500 ألف مسلم، مات منهم حوالي 40 ألف من الشيوخ والنساء والأطفال .. سنة 88 طرد أكثر من 150 ألف مسلم بسبب بناء القرى النموذجية للبوذيين حتى يغيروا الطبيعية الديمغرافية وتقسيم الشكل، سنة 91 طرد 500 ألف شغلوهم عند الجيش أثناء التنقلات أو بناء الثكنات العسكرية أو شق طرق أو غير ذلك من الأعمال الحكومية، كل هذا بلا مقابل، عبيد.
وشهد يوم الجمعة المنصرم رداً على اعمال القتل الممنهجة وقفات واستنكار تنديد في كلاً من بنغلاديش وتايلاند وماليزيا حيث احتشد الآلاف بعد صلاه الجمعة ليعبروا عن وقوفهم إلى جانب إخوتهم.
وبهذا الصدد قال ممثل بنغلاديش في الأمم المتحدة إن الحكومة في میانمار تقوم بعمليات تطهير عرقي منظمة ضد الأقلية المسلمة حيث شهدت الأيام المنصرمة هجرة الآلاف من المسلمين إلى بنغلاديش علهم يجدوا مكان آمناً.
فرغم كل هذه الفظائع التي ترتكبها الحكومة في میانمار تبرع الأمير السعودي الوليد بن طلال للحكومة البورمية ويتقبل وساما منها رغم تورطها في ارتكاب مذابح بحق المسلمين فيها تحت هذا العنوان نشرت وسائل الإعلام العربية الخبر فقد مُنح الأمير الوليد بن طلال بن عبدالعزيز آل سعود، رئيس مجلس إدارة شركة المملكة القابضة ميدالية “وسام الشرف” من قبل الرئيس الميانماري ثين سين، وقد منح الرئيس الميدالية للأمير الوليد خلال احتفال أقيم في القصر الرئاسي، حيث يعد الوسام الـ 66 لسموه، وقد حضر الحفل كل من حرمه الأميرة أميرة الطويل نائبة الرئيس والأمين العام لمؤسسة الوليد بن طلال الخيرية التي يرأسها الأمير الوليد، ووفد من شركة المملكة القابضة ومؤسسة الوليد بن طلال الخيرية، وخلال هذا العام، قدمت مؤسسة الوليد بن طلال الخيرية – العالمية التي يرأس مجلس إدارتها الأمير الوليد تبرعات مالية لجمعيات وشخصيات ميانمارية في إطار مساعدات تشرف عليها الحكومة.
وهنا يجب التنويه إلى الدور الغربي الخبيث في كل المجازر التي تضرب بالدول حيث أن المسلمون واجهوا الاستعمار الإنكليزي بقوة مما جعل بريطانيا تخشاهم، فبدأت حملتها للتخلّص من نفوذ المسلمين باعتماد سياساتها المعروفة (فرِّق تَسُد) فعَمَدَتْ على تحريض البوذيين ضد المسلمين، وأمدّتهم بالسلاح حتى أوقعوا بالمسلمين مذبحةً عام 1942م فتكوا خلالها بحوالي مائة ألف مسلم في أراكان.
إذاً هي مأساة حقيقية لشعب مسلم لم يسمع به عامة الناس، شعب فقير مضطهد، يعيش في أحراش الغابات الميانمارية المطيرة، يرزح تحت خناجر الظلم والتعسف، ويتعرض للتشريد والتعذيب والموت والإبادة بأبشع الأساليب الوحشية، من دون أن تتحرك المنظمات الإسلامية لنجدته، ومن دون أن تدافع عنه الحكومات الإسلامية المتورطة هذه الأيام بالوقوف مع الناتو، أو المنشغلة بالترويج لصناعة الموت، أو المنهمكة بإشاعة الفتن الطائفية، أو المعتكفة في الظلام لتحريك النعرات المذهبية، أو المنشغلة بالتآمر على جيرانها.
وهنا يرى النقاد أنه لو كان إقليم (أراكان) ينتج الأفيون والماريجوانا والكوكايين بالكميات التي تنتجها أفغانستان، لكانت القوى الشريرة تذود بالدفاع عنها، تارة بذريعة القضاء على المد السوفيتي، وتارة بذريعة القضاء على المد الإسلامي، فالمصالح هي التي ترسم المسارات التي تتحرك نحوها الفيالق العسكرية، وهي التي تخلق العوامل المحفزة لضمير مجلس الأمن، وهي التي تجلب انتباه المنظمات الإنسانية وتثير فضولها.
ونجد نقاط التقارب قد فرضت نفسها بين مجازر الكيان الإسرائيلي في غزة ومجازر حكومة ميانمار بحق المسلمين وسط دعم من دول عربية وغربية باتت اليوم معروفة للجميع ناهيك عن الصمت المطبق لما يسمى بـــ “مجلس الامن الدولي” و” مجلس حقوق الإنسان”.