بقلم: توم سميث
وكالة أنباء أراكان ANA | صدى الإمارات
تلوذ الرئيسة الفعلية لحكومة ميانمار، أونغ سان سو كي، بصمت مريب، إزاء المذابح التي يتعرض لها أبناء شعبها من أقلية الروهنغيا المسلمة.. وهو صمت متواصل، منذ إطلاق سراحها من الإقامة الجبرية عام 2010.
على الرغم من أن «أونغ سان سو كي»، مُنعت من أن تصبح رئيسة للبلاد في الانتخابات المدنية، فقد أصبحت رئيسة فعلية للحكومة، باعتبارها «مستشارة دولة»، وهذا منصب أُنشئ من أجلها فقط. ولم تعُد الآن ذلك الصوت المُعارض الضعيف، وبعد سنوات من استعراضها لعضلاتها في السلطة، تواجه شعوراً دولياً بالضيق والانزعاج، هادئاً، لكنه يتصاعد. ويساور القلق كثيراً ممن كانوا يرقبونها بحدْب ذات يوم، من أنها لم تفعل ما يكفي للتصدّي للادعاءات القائلة، إن أفعال الجيش في بلادها ربما تشكل جرائم ضدّ الإنسانية. وتشمل تلك الجرائم الاضطهاد العنيف لأقلية الروهنغيا العرقية المسلمة في ميانمار، التي يبلغ عدد أفرادها 1.3 مليون نسمة.
وقد هرب مئات الآلاف من أبناء هذه الأقلية إلى الدول المجاورة، بنغلاديش، وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا، وكثيرون منهم فعلوا ذلك في قوارب مكتظة، متضوّرين جوعاً حتى الموت أثناء العملية. والتقارير عن حجم المذابح والتطهير العرقي، تشهد على صحتها صور الأقمار الصناعية التي تظهر قرى للروهنغيا، تدمَّر بأكملها، بما في ذلك 820 مبنى تمّ تدميرها في ثمانية أيام فقط. وقد نفت سلطات ميانمار ادعاءات الانتهاكات.
ومع ذلك، لاذت «سو كي» بصمت رهيب، على الأقل على الساحة الدولية. وعندما كان يُضيَّق عليها الخناق حول موضوع الروهنغيا في بعض الأحيان، وعلى الأرجح من قِبل وسائل إعلام أجنبية كانت حريصة على تغطية أخبار محنتها في السابق، كانت تخيّب الآمال بإجاباتها. في عام 2013 قالت لشبكة «بي بي سي»، إن العنف ينبع من الخوف على كلا الجانبين، ورفضت ادعاءات التطهير العرقي. وفي ديسمبر/ كانون الأول 2016، بلغ بها الأمر حدّ اتهام «المجتمع الدولي» ب«التركيز على الجانب السلبي للوضع » .
وفي الوقت ذاته، فإن نفس القادة الغربيين الذين كانوا يشيدون بسو كي، باعتبارها منارة للإصلاح، ويمتدحونها لنزاهتها، يغضون الطرف الآن إلى حدٍّ كبير، عن تقاعسها الواضح عن العمل. وقد تُركت مهمة دق ناقوس الخطر حول محنة الروهنغيا للمدافعين عن حقوق الإنسان في أنحاء العالم، ومن بينهم الدلاي لاما، وأكثر من «دزينة» من زملائه الذين حازوا جائزة نوبل، مثل: ملالا يوسف زاي، وصديق «سو كي» والمدافع عنها، ديزموند توتو.
ومنذ إطلاق سراح «سو كي»، ترتفع بين الحين والآخر، همهمات ضعيفة من الاستهجان، من قِبل وسائل الإعلام العالمية، التي ساعد دعمها في إيصال سو كي إلى سدة السلطة في الأساس.
وقد بدأت علامات التحذير من حساسيتها للانتقاد العلني بالظهور، بينما كانت ما تزال تحت الإقامة الجبرية، ففي عام 2008، أثارت مقالة انتقادية حادة في صحيفة «الغارديان»، شكوى عائلة سو كي، وأدت إلى اعتذار خاص من الصحيفة، التي صوّبت الأخطاء في المقالة، لكنها رفضت سحبها.
وقد اشتدت انتقادات وسائل الإعلام منذ إطلاق سراح سو كي، وكان الصحفي مهدي حسن، من بين أوائل مَن أدانوا سو كي؛ حيث كتب: «لقد آن الأوان لخلع النظارات الوردية.. ورؤية سو كي على حقيقتها: إنها سجينة رأي سابقة، نعم، لكنها الآن سياسية لا تؤمن بالمبادئ، بل هي مستعدة لإعلاء أصوات الناخبين عليها».
وحتى لو كانت سو كي عاجزة عن الوقوف في وجه الجيش، فإنها قادرة بوضوح على أن تتحدث بصراحة بشيء من السلطة، كما كانت تفعل حين كانت في المعارضة. الروهنغيا في حاجة إلى صوتها: ومنظمة مراقبة حقوق الإنسان تذكر أنهم يموتون في قوارب يديرها المهربون والمتاجرون بالبشر، وفي مخيمات دفن، وقد تم اختطاف قضيتهم بالفعل من قبل «جهاديين»، أمّا رابطة آسيان، الكتلة السياسية المعنية بالجمع بين دول جنوب شرق آسيا، فإنها لا تملك أسناناً، مثلما كانت على الدوام.
ولا تملك سو كي في صمتها، أي أعذار، وصورتها باعتبارها بطلة لجميع أفراد شعبها، تتعرض لخطر الاندثار، بكل تأكيد.