بقلم: مهيمن التميمي
وكالة أنباء أراكان ANA | صوت العراق
وأنت تقرأ الاسم قد يوحي لك وللوهلة الأولى كأنه لفتاة، أو اسم لمقطوعة موسيقية، لكنه في الحقيقة الاسم الرسمي المعتمد منذ سنة ١٩٨٩ لدولة بورما والتي اقترن اسمها باضطهاد المسلمين، والتي تحول اسمها إلى "جمهورية اتحاد ميانمار" سنة ٢٠٠٨.
هي من دول جنوب شرق آسيا تحدها من الشمال الشرقي الصين، والشمالي الغربي الهند وبنغلاديش، ومن الشمال الغربي تايلاند، ومطلة على خليج البنغال وماليزيا من الجنوب، عدد سكانها حوالي (٥٥) مليون نسمة.
خاضت "ميانمار" الكثير من الحروب الداخلية والخارجية، ابتداء من انفصالها عن الحكومة الهند البريطانية عام ١٩٣٧ لتكون مستعمرة بريطانية منفصلة، بعدها بأربع سنوات ظهرت حركة مسلحة كان أحد أهدافها طرد البريطانيين من البلاد، مما جعلها في حرب ضدهم خلال الحرب العالمية الثانية بجانب اليابانيين والتي تلقوا تدريباتهم فيها، وبعد انتصار دول الحلفاء ومن ضمنهم بريطانيا، عادت لفرض سيطرتها على بورما كمستعمرة، ونشير هنا إلى أن الشعب البورمي في حينه قد انقسم إلى قسمين بين التحالف مع اليابانيين والآخر مع البريطانيين، وقد نالت بورما استقلالها عام ١٩٤٨.
عاد العسكر متمثلا بمجلس عسكري للسيطرة على مقاليد الحكم، ليحكم البلاد قرابة نصف قرن، كان حكمهم فيها يستند إلى الأكثرية البورمية والتي تعتنق الديانة البوذية وكما سنوضح لاحقا.
وفي عام ١٩٩٠ جرت انتخابات ليفوز بها الحزب الرئيسي المعارض ويحصد أغلبية المقاعد في الحكومة، إلا أن حكم العسكر اشترط انتقال السلطة بوضع دستور جديد للبلاد، واستمر الأمر تحت سيطرتهم حتى الاستفتاء عليه سنة ٢٠٠٨، حينها وكما أسلفنا تم تغير الاسم الرسمي للبلاد، وقد أجريت بعدها انتخابات عامة بموجب دستور البلاد الجديد عام ٢٠١٠، ليفوز بها الحزب المدعوم من العسكريين، والذي أثارت لغطا بمدى صحتها.
حاولت الحكومة بعد الانتخابات إجراء مجموعة إصلاحات سياسية واقتصادية، ولكن الثابت بالموضوع وعلى الرغم من تعاقب السنيين والحكومات هو عداؤهم للمسلمين، والذين ارتكبت بحقهم أبشع الجرائم والتهجير وكما سنذكره لاحقا.
وكالكثير من دول العالم "فميانمار" متنوعة في تركيبها السكاني، الأكثرية منهم بوذيون، ومن أصول وسط آسيوية جاؤوا إلى البلاد واستوطنوا فيها، اللغة الرسمية لهم البورمية، وتوجد أيضا العديد من المكونات واللغات الاخرى.
ومن أهم المكونات السكانية الأخرى هم البورميون المسلمون والذين يطلق عليهم "الروهنغيا"، والذين يوصفون بأكثر الشعوب اضطهادا في العالم، فقد جردوا من مواطنتهم منذ عام ١٩٨٢، تعرضوا للقتل الجماعي، كذلك مواجهتهم للكثير من التحديات أهمها الحصول على حق التعليم والعلاج والعمل لهم أو لأبنائهم، ناهيك عن حق المواطنة، فلا يسمح لهم بالسفر دون اذن مسبق، وكذلك لا يسمح لهم بامتلاك الأراضي داخل بلاد، وتم تحديد نسلهم.
وبحسب تقارير منظمة العفو الدولية فإن مسلمي "الروهنغيا" لايزالون يعانون من انتهاكات لحقوق الإنسان في ظل المجلس العسكري البورمي منذ سنة ١٩٧٨ وما بعدها، وقد فر العديد منهم إلى بنغلاديش وتايلند المجاورة، وترفض حكومة ميانمار الاعتراف بهم من أبناء البلد، وفضلا عن اختلاف الديانة والمعتقد والتي هي من الأسباب الرئيسية في قتل المسلمين ولكونهم أقلية أمام الأكثرية البوذية ولأسباب أخرى يعتقدونها وكما سنوضحها.
وهنا نذكر عدة فرضيات قائلة في أصل المسلمين "الروهنغيا" ومنها:
الفرضية الأولى: التي يعتقد فيها أن أصولهم عربية حيث يعود نسبهم إلى المسلمين القادمين من اليمن وشبه الجزيرة العربية، حيث يرجع سبب قدومهم إلى البلاد لغرض التجارة في حينه ونشر الإسلام وقد استقر بعضهم في هذه الرقعة الجغرافية، والقليل منهم أصولهم فارسية أو بنغلاديشية أو هندية.
الفرضية الثانية : تقول إن أصولهم ترجع إلى مملكة قديمة (مروهانج) في هذه البلاد وسموا نسبة لها.
الفرضية الثالثة: والتي يتبناها المؤرخون البورميون، فيقولون إن مصطلح "الروهنغيا" لم يكن موجودا قبل سنة ١٩٥٠، وإن أصل المسمى جاء مع أجداد البنغاليين ما بعد العام المذكور آنفا وإنهم كانوا من الموالين لبريطانيا، وإن كانوا يعترفون بوجود المسلمين قبل هذا العام.
أخيرا نقول : ترفض حكومة البلاد الحالية التدخل الخارجي بالموضوع وتعتبره شأنا داخليا، ولا زالت تشهد تلك البلاد موجات من التهجير والقتل بين الفينة والأخرى.