بقلم: أ.د. غانم النجار
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
حكاية التطهير العرقي الذي تتعرض له الأقلية المسلمة، المعروفة في ميانمار، هي حكاية مكررة للأسف، يقودها نظام عسكري قمعي، لا دين له. ومع أنها الحملة الرابعة التي تستهدف تلك الأقلية (الحملات السابقة 1977 1991 2012 ) لكنها هذه المرة أكثر تنظيماً، وأشد قسوة، بالطبع الحجة معروفة، وهي القضاء على الإرهاب.
استقلت بورما (ميانمار) عن الحكم البريطاني سنة 1948، لم تمض 3 سنوات حتى بدأت موجة عنف ضد "الهجرة غير المشروعة"، دافعة الآلاف قسراً إلى بنغلادش، التي لا تريدهم أصلاً. عاد الكثير منهم بعد أن هدأت الأمور. وهكذا في 1982 قام الحكم العسكري بإلغاء جنسيات الروهنغيا وحقوقهم كمواطنين وكأقلية معتمدة، وفي 1994 بدأ الحكم العسكري برفض إصدار شهادات ميلاد لمواليد الروهنغيا، والتضييق عليهم في مسائل التعليم والتوظيف والسفر. وبعد الضغط الدولي وظهور أون سان سوتشي على الساحة السياسية، وحصولها على جائزة نوبل للسلام، أثناء حبسها تحت الإقامة الجبرية، وإعلان النظام العسكري استعداده لبعض التنازلات، ومنها إجراء انتخابات "نسبية"، حيث الصلاحيات محدودة جداً، قامت ذات السلطة بمنع إشراك الروهنغيا في إحصاء 2014 ، لتتحول حالتهم إلى "انعدام جنسية" أو ما نطلق عليه هنا "البدون".
هناك إشكالية كبرى في التعامل مع كوارث إنسانية من صنع البشر، كما هي مأساة الروهنغيا، وهم هدف سهل للجماعات المتطرفة.
الموقف التقليدي المكرر للحكومات هو الإنكار، وتغطية العنصرية المتطرفة، باتهام الفئة المضطهدة بأنهم ضالعون في الإرهاب، بينما تقف كل منظمات حقوق الإنسان الرئيسة، سواء العفو الدولية أو هيومان رايتس ووتش، وكذلك الأمم المتحدة وغيرها، موقفاً واضحاً في تسمية ما يجري بأنه تطهير عرقي، وأنه جريمة ضد الإنسانية، تحولت إلى عملية إبادة جماعية.
بطبيعة الحال زاد الضغط على "مستشارة الدولة" أونغ سان سوتشي، حيث رفض الجيش أن تتولى منصباً رسمياً، وتم تدشين موقع change.org الذي يطالب بسحب جائزة نوبل للسلام منها، خاصة بعد موقفها المتخاذل، الذي انكرت فيه حدوث أي تطهير عرقي. ومع أن الحملة ضدها قد لا تحقق نتيجة، فليست لديها صلاحيات تذكر، لكن استمرار الضغط أمر ضروري.
الضغط الدولي واستمراره يجب أن يكسر هذا الخنق الممنهج، لأقلية لها كامل الحق في العيش بسلام في أرضها التاريخية.
الخطوات المطلوبة واقعياً وعملياً حالياً هي توفير المساعدات الإنسانية والإغاثية للاجئين، بما يشمل مساعدة بنغلادش، والتعامل مع الجرائم ضد الإنسانية بجدية، والخروج بصيغة سياسية تمنع تكرار هذا التمييز العنيف، ومن ثم عودة اللاجئين إلى أراضيهم، والاعتراف بالروهنغيا كأقلية رسمية في ميانمار، وإنهاء حالة "البدون"، وتحريك القضية تجاه المحكمة الجنائية الدولية، أو البدء بطرح موضوع استقلال جمهورية أراكان مجدداً على طاولة الأمم المتحدة.