بقلم: يجال تشازان "باحث في شركة ألاكو للاستشارات الاقتصادية"
وكالة أنباء أراكان ANA | متابعات
قد تضر أزمة لاجئي الروهنغيا والتهديد بفرض عقوبات بجهود ميانمار لجذب استثمارات غربية مما يدفع البلاد بشكل أكبر نحو الفلك الاقتصادي الصيني. وهروب نصف مليون من الروهنغيا في الآونة الأخيرة إلى بنغلادش، جعل الشركات الأميركية والأوروبية تخشى على سمعتها إذا ضخت استثمارات في ميانمار.
ومخاوف هذه الشركات ستتفاقم أكثر بسبب تقارير تشير إلى أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يبحثان فرض عقوبات على أعضاء من جيش ميانمار ضالعين في أعمال عنف ضد مسلمي الروهنغيا وصفتها الأمم المتحدة بانها أعمال تطهير عرقي.
وفي الفترة السابقة على اندلاع الأزمة في أغسطس الماضي وفي أثنائها، تراجعت الاستثمارات الغربية عن نظيراتها من شركاء ميانمار الآسيويين.
وبلغ ما تم الموافقة عليه من الاستثمار الأجنبي المباشر للنصف الأول من العام المالي الحالي- من أبريل إلى سبتمبر- أكثر من أربعة مليارات، أي نحو ثلاثة أمثال ما تم الموافقة عليه في الفترة نفسها من العام الماضي. لكن تعهدات الاستثمار الأجنبي المباشر من المستثمرين الأوروبيين الرئيسيين وهم فرنسا وألمانيا وهولندا والمملكة المتحدة بلغت 741 مليون دولار فقط، أي أقل من استثمارات الصين البالغة 829 مليون دولار أو استثمارات سنغافورة البالغة 1.7 مليار دولار. ومنذ أن جاءت «الرابطة الوطنية من أجل الديمقراطية» إلى السلطة في ميانمار في مارس عام 2016، لم يسارع المستثمرون الغربيون إلى استغلال الفرص في ميانمار. والاستثمارات الأجنبية المباشرة عرقلها فيما يبدو الايقاع البطيء للإصلاح والافتقار إلى الوضوح بشأن السياسية الاقتصادية.
ويُعتقد أن التأخر في وضع وتنفيذ الإصلاحات سببه تقاعس أونغ سان سو تشي، زعيمة البلاد بحكم واقع الحال، عن اتخاذ قرارات معينة، بالإضافة إلى افتقار الإدارة إلى الخبرة. وتعليق بعض المشروعات وإعادة النظر في بعضها والتأخر في الموافقة على الاستثمارات الأجنبية ربما تسبب أيضاً في إشاعة عدم اليقين لدى المستثمرين. لكن في الآونة الأخيرة، تحقق المزيد من التقدم في الإصلاحات. وفي أبريل الماضي تم تطبيق قانون جديد للاستثمار، يقدم حوافز ضريبية في المناطق الأقل تنمية. وفي يوليو، قُدم إلى البرلمان مسودة قانون للشركات يسمح للأجانب بامتلاك ما يصل إلى 35% من أسهم الشركات المحلية. وقد تساعد هذه الإجراءات على حفز الاستثمار من الجيران الآسيويين، لكن أزمة الروهنغيا قد تثبط همة المستثمر الغربي.
وفي سبتمبر الماضي، ذكر تقرير لوكالة أنباء «رويترز» أن الشركات الأوروبية والأميركية التي كانت تستكشف الفرص في ميانمار «حذرة الآن بسبب المجازفة بسمعتها إذا استثمرت في البلاد».
وتحدثت رويترز منذئذ عن أن حملة الأسهم النشطاء عازمون على حث شركة تشيفرون، عملاق الطاقة الأميركي، التي تعمل في ميانمار من خلال شركة تابعة أن تستخدم نفوذها لدى حكومة ميانمار لتضغط من أجل قرار بشأن أزمة اللاجئين. وذكر تقرير «نيكي آشيان ريفيو» الاقتصادي أن العناوين الصحفية السلبية جعلت كثيراً من المستثمرين قلقين بشأن ما قد يخبرون به مجالس إدارتهم وحملة أسهمهم. كما أرجأت «اللجنة الأوروبية البرلمانية للتجارة الدولية» إلى أجل غير مسمى زيارة لميانمار لمناقشة اتفاق استثمار محتمل بين الاتحاد الأوروبي والدولة الآسيوية. وقد يصبح المستثمرون الغربيون أكثر قلقاً إذا مضت الولايات المتحدة أو الاتحاد الأوروبي قدماً في فرض عقوبات على قيادات من جيش ميانمار.
وكانت واشنطن قد أزالت معظم قيودها على البلاد في خريف العام الماضي. وأزال الاتحاد الأوروبي قيوده في عام 2012 بعد عام من بدء ميانمار انتقالها إلى الديمقراطية. وقد تستهدف العقوبات التي تخضع حالياً لمناقشات في بروكسل وواشنطن تقليص المخاطر التي تضر بالاقتصاد الأوسع نطاقاً أو زعزعة استقرار حكومة سو تشي. وتسعى الولايات المتحدة أيضاً إلى تجنب فتح الطريق للصين كي تعزز نفوذها الاقتصادي والسياسي في ميانمار. وهناك ما يشير إلى أن الصين - الشريك التجاري الرئيسي لميانمار وأكبر مستثمر أجنبي في العقود القليلة الماضي - عازمة على الاستفادة من العقوبات إذا فُرضت. وحكومة ميانمار حريصة بالفعل على استغلال الفرص التي توفرها مبادرة بكين، «الحزام والطريق»، الطموح التي تستهدف إقامة ممرات تجارية بين الصين وأوروبا عبر مشروعات بنية تحتية عملاقة وتعاون اقتصادي. ويخطط كونسورتيوم بقيادة صينية لبناء منطقة «كياوكبيو» الاقتصادية الخاصة بكلفة تبلغ نحو 10 مليارات دولار في ولاية أراكان- التي يقطنها الروهنغيا- وتتضمن محمية صناعية وميناء في عمق البحر مما يوفر للصين إمكانية وصول مهمة إلى المحيط الهندي. ونفط الشرق الأوسط وأفريقيا الذي يصل إلى الميناء سيُنقل عبر مشروع لخط أنابيب يتكلف 2.45 مليار دولار مدعوم من الصين ويمر عبر ميانمار إلى جنوب غرب الصين.