[caption align="alignleft" width="300"]مأساة مسلمي بورما، هل لها من حدِّ؟ [/caption]
فالسلطات البورمية لا تألوا جهدا في إذلال مسلمي الروهنجيا واضطهادهم، عبر سياسات قمعية كان من آخرها منع مسلمي الروهينجيا في ولاية أراكان من إنجاب أكثر من ولدين، لتكون بذلك الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض تحديدا للنسل على أساس طائفي أو عرقي.
شاهدنا وسمعنا عن كثير من الأثرياء ممن يدفعون الأموال والأثمان الباهظة ليحيون حياة كريمة، لكننا لم نر أو نسمع عمن يدفع الأموال ليُسمح له بدفن جثة عزيز عليه إلا في بورما، حيث يُباد فقراء المسلمين بيد السلطات البورمية المتحالفة مع متطرفي بوذا وعُبَّاده.
ففي ظل واقع مشبَّع بالاضطهاد والكره لكل ما هو إسلامي على أرض بورما يتحايل مسلمي الروهنجيا على هذا الواقع لكي يتمكنوا من دفن موتاهم، من خلال دفع الرشاوى إلى جلاديهم، فهل بعد هذه المأساة من مأساة؟
فالسلطات البورمية لا تألوا جهدا في إذلال مسلمي الروهنجيا واضطهادهم، عبر سياسات قمعية كان من آخرها منع مسلمي الروهينجيا في ولاية أراكان من إنجاب أكثر من ولدين، لتكون بذلك الدولة الوحيدة في العالم التي تفرض تحديدا للنسل على أساس طائفي أو عرقي.
وهو إجراء لا غرابة فيه من حكومة تعمل منذ قرابة العام في حملة تطهير عرقي ممنهجة؛ لإنهاء الوجود الإسلامي في بورما، ولهذا الأمر مَنحت السلطات البورمية المتطرفين البوذيين كافة الصلاحيات للعمل على إنهاء الوجود الإسلامي على أرض بورما، ولهذا الأمر اجتمع الحاكم العسكري لولاية أراكان- بحسب تقرير صادر عن قيادات مسلمي الروهنجيا- اجتمع مع الرهبان البوذيين وقاموا بتقسيم المهام، لتتم عملية إبادة الروهنجيين خلال هذا العام.
وقد ذكر المدير العام لاتحاد أراكان الروهينجي البروفيسور "وقار الدين بن مسيع الدين" أن مسلمي الروهنجيا يعيشون في ظل معاناة كبيرة لا تنتهي. وأضاف "وقار الدين" أن الروهنجيا يتعرضون لحرق منازلهم ونهب أموالهم في قرى ومدن أراكان، ما يدفع كثيرًا منهم للفرار إلى البلاد المجاورة، حيث لا يلقون استقبالاً لائقًا.
وأشار "وقار الدين" إلى أن رئيس ميانمار "ثين سين" وحكومته تستخدم "البنغالية" صفة للروهنجيا المسلمين، ويؤكدون على أن تغيير المصطلحات شرط أساسي في حل المشاكل القائمة في أراكان.
فالهَمُّ الأكبر لدى الحكومة البورمية ورئيسها ومتطرفي البوذيين يتمثل في محاولتهم نزع الجنسية البورمية عن مسلمي الروهنجيا، ومن ثم إزاحتهم عن أراضيهم التي عاشوا وتربوا فيها، ولذلك تحرص الحكومة البورمية على التأكيد على هذا الأمر، ومساومة الروهنجيا عليه لحل مشاكلهم وتحسين معاملتهم، ولذلك ذكر "وقار الدين" أن مسلمي الروهنجيا يُجبرون على توقيع وثيقة تفيد بأنهم قادمون من بنغلاديش، وهو ما يعد تمهيدًا ومقدمات لتهجيرهم إلى بنغلاديش مستقبلاً.
ومن المآسي التي حكاها "وقار الدين" أن المساجد مغلقة في أراكان، حيث لا يسمح للروهنجيا بأداء الصلوات الخمس أو حتى صلاة الجنازة، وبالإضافة إلى ذلك يضطر المسلمون إلى دفع الرشاوى حتى يتمكنوا من دفن موتاهم وسط هذه الإجراءات البورمية المتعسفة.
إن ما يحدث في بورما يفوق كل ما سمعناه من جرائم عن الطغاة والقتلة على مر التاريخ، ففي بورما يتعرض مسلمي الروهنجيا (ويتجاوز عددهم الثمانية ملايين نسمة) إلى حملة إبادة لا مثيل، حيث تتعاون حكومة القتل البورمية مع المتطرفين البوذيين على تهجير هذا الشعب وقتله وانتهاك حرماته، ولم يفلت من هذه الحرب أحد حتى أطفال الروهنجيا ونسائهم، فاستهدفت السلطات البورمية أطفالهم قتلا وتعذيبا، كما تم التعرض للنساء وانتهاك أعراضهن، يحدث كل هذا لا لشيء سوى لأنهم مسلمون..
فأين نخوة العربي فضلا عن نخوة المسلم، حيث الغيورين على أعراض المسلمين ودمائهم؟ أين هؤلاء من حق إخوة الدين؟ يباد المسلمون ونحن سامدون، متناسين أننا سنُسأل عنهم، وسنُحاسب على صمتنا وغفلتنا عن نصرتنا إخواننا في الدين.
فاللهم إنا نشكوا إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وعجزنا، اللهم عليك بحكومة بورما الفاسدة، وعليك بالبوذيين القتلة الذين طغوا في البلاد وأكثروا فيها الفساد، اللهم اهزمهم وزلزلهم وأرنا فيهم عجائب قدرتك..
مركز التأصيل للدراسات والبحوث