[caption align="alignleft" width="300"]الروهينغا غائبة في ذاكرة النسيان والانشغال العربي[/caption]
تبقى قضية مسلمي الروهينغا في ميانمار حاضرة غائبة أمامنا، في ظل تشابك وتعقد المشهد العربي- الإسلامي، فيما تبقى ملفات مصر، سوريا وارتباطاً بها لبنان، وأحياناً فلسطين وبعض الدول العربية كتونس وليبيا وربما السودان والجزائر، هي الغالبة المسيطرة على الشاشة السياسية والإعلامية والاجتماعية في الوطن العربي وخارجه، في ظل «شلل» تعاني منه المنظمات الدولية المعنية القادرة على اتخاذ قرار حاسم لرفع المعاناة والاضطهاد عن مسلمي الروهينغا، وغيرهم من الشعوب المقهورة.
اضطهاد تاريخي
أعمال العنف والاضطهاد التي يتعرض إليها الروهينغا ليست جديدة أو فريدة من نوعها اليوم، بل إنها تعود إلى عدة عقود منذ العام 1784، عندما احتل الملك البوذي البورمي بودا باي منطقة أراكان، المعروفة حالياً باســم راخين، وضم مناطق المسلمين فيها إلى ملكه بالقوة والقهر، إذ بدأ عمليات البطش والتنكيل بهم وهدم مدارسهم ومساجدهم، وشجّع البوذيــين على اضطهادهم وقتل علمائهم.
الأمر الذي شجعته أيضاً بريطانيا عند احتلالها البلاد في العام 1842. كما شهد العام 1942 مذبحة بشعة في ميانمار، التي كانت تسمى آنذاك بورما، راح ضحيتها عشرات الآلاف من المسلمين، غالبيتهم مــن النساء والأطفال والشيوخ.
ولم يحل استقلال ميانمار عن بريطانيا في العام 1948 دون استمرار استهداف المسلمين هناك، واستمر مسلسل تعرض الروهـــينغا لأبشع أنواع القتل والتعذيب تحت غطاء قانون الجنسية الصادر عام 1982، والذي نص على تجريدهم ظلماً من حقوقهم في المواطنة، وأعطى ضوءًا أخضر لاضطهاد البوذيين لهم بمخــتلف الصور والأشكال.
حرب إبادة
تطهير عرقي، وجرائم ضد الإنسانية، بحسب توصيف منظمات حقوق الإنسان ومنها «هيومن رايتس ووتش»، لكنه بنظر الكثير من المسلمين وأصحاب الضمائر الحية جريمة بشعة وحرب إبادة، يرافقها مخططات سياسية للقضاء على مسلمي ميانمار، لاسيما من خلال إعلان السلطات رغبتها بتحديد نسل الروهيــنغا بإجبار العائلات على إنجاب طفلين فقط. وذلك أيضاً في ظل إجبار السلطات العسكرية لهم على اعتناق البوذية وقطع أصابعهم إذا حاولوا الصلاة، بحسب روايات الكثير من المسلمين الذين وضعتهم السلطات داخل قارب، وزجّت بهـــم في البحر دون طعام، ووصــلوا إلى سواحل جزيرة سابانج بمقاطــعة آتشيه شرقي إندونيسيا.
راويات يؤكدها أيضا أحد جنود البحرية الإندونيــسية، الذي قال: «عنــدما شاهدوا دوريــتنا، قــفزوا في البحر مثل الأسمــاك الجائعة، وسبحوا باتجاه زورقنا.. بعض الناجين انهاروا في البكـــاء فور أن وطئت أقدامهم اليابسة بعد أسابيع في عرض البحر».
شللٌ أممي
المندوب الدائم للممــلكة العربية السعودية لدى الأمم المتحدة عبدالله المعلمي حضّ المنظمة الدولية، خلال اجتماع مجموعة دول أصدقاء ميانمار في نيويورك مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على ضرورة التحرك لنجدة المسلمين هناك، واصفاً مجلس الأمن الدولي بأنه «مشلول في حالات أكثر سوءاً من ميانمار، كما هو الحال في ســوريا والمذابح التي شهدناها هناك مؤخراً»، التي لم تكن كافية لاستخراج رد فعل مناسب من المجلس.
وختم المنــدوب السعودي كلمته بعبارة قد تلخص حالــة إخواننا المسلمين هـــناك: «آمل ألا تكون الرسالة التي تصل إلى المسلمين أن ما حصل للروهينغا هو بســبب لون بشرتهم أو عقـــيدتهم»، لأنها أكبر من ذلك بكثــير، في ظل تلكؤ دولي وأممي في التحرك من أجل وقف القتل والاضطهاد والتشريد للمسلمين في ميانمار.
إضاءة
الروهينغا أو الروهنـــجيا أو الرُوَينـــغة هو اسم لجــماعة مسلمة (سنيّة) في ولاية أراكان غربي ميانمار، ويرجعـــها بعض المؤرخين إلى كلمة «رحمة» باللغة العربية.
وتقدر أعداد الروهينغا في أراكان، بحسب تقديرات رسمية للعام 2012، بنحو 800 ألف شخص. وتعتبرهم الأمم المتحدة بأنهم أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم. ونتيجة للمذابح والتنكيل المرتكب بحقهم من قــبل البوذيين في ميانمار، فرّ العديد من مسلمي الروهينغا إلى مخيمات للاجئين في بنغلاديش المجاورة وعدة مناطق داخل تايلاند على الحدود مع ميانمار.
تقرير:سهير إبراهيم