[caption align="alignleft" width="300"]يد خفية في اندلاع العنف ضد المسلمين في بورما[/caption]
بقلم: فرانسيس ويد
ترجمة: سعيد كريديه
تثير السرعة التي انتشر بها العنف في مدينة ثاندوي مؤخراً المزيد من الشكوك حول درجة تنظيم هذه الأحداث من وراء الكواليس. اندلع هذا العنف بسبب مشادة تافهة بين سائق سيارة أجرة بوذي وزعيم حزب مسلم كامان يدعى "كياو زان هلا" ، ثم انتشرت الأخبار في منطقة أن كياو زان هلا أهان البوذية ؛ فهبت جماعات غوغائية بسرعة فائقة وأشعلت النار في عدد من المنازل وفي مسجد . امتدت الهجمات خلال الأيام التالية إلى القرى المحيطة بثاندوي ، و اعتبارا من يوم الأربعاء دمرت عشرات المنازل . وقد أظهرت صور لصحفي محلي حمولة شاحنة من أراكانيين بوذيين ، وكلهم يحملون الرماح والسيوف ويلوحون بها ، وجميعهم يرتدون عصبات حمراء . وهكذا تسببت أصغر الأمور في إشعال الغضب .
نشبت سلسلة مشابهة من الأحداث خلال شهر نيسان (ابريل) في أوككان ، عندما اصطدمت فتاة شابة مسلمة تقود دراجة هوائية بوعاء للتبرعات كان في يد راهب ، فانتشر خبر وقوع الحادث وعمدت عصابات غوغائية بوذية كبيرة إلى مهاجمة منازل ومسجد ، فدمر 77 منزلاً ولقي شخص واحد مصرعه و جرح تسعة . وقبل شهر تحدث سكان ميكتيلا في ماندلاي عن قوافل من الشاحنات تحمل غرباء عن المدينة ، فيما تهيأت الأجواء لعنف مناهض للمسلمين . ووردت تقارير مماثلة عن عصابات غوغائية غريبة خرجت من مدينة أكياب في ولاية أراكان خلال أعمال الشغب في العام الماضي .
وإن من السهل الكلام عن المؤامرة حول هذا الموضوع، وغالبا ما يكون رد فعل المراقبين للوضع في بورما هو إلقاء اللوم على الحكومة أو الشبكات التابعة للحكومة . ولكن بالإضافة إلى الأحداث المذكورة أعلاه فإن الهجمات على المسلمين في لاشيو بولاية شان في أيار (مايو) لا تناسب بالضرورة صورة الغضب الشعبي المحلي ؛ إذ حسب تقرير "نيويورك تايمز" فإن العصابات الغوغائية سُمعت تلقي أغاني قومية بورمية هناك في وقت من الصعب العثور على أي شخص من عرق "شان" يقوم بذلك. وعلاوة على ذلك فقد أظهرت لقطات من أعمال العنف في ميكتيلا في شهر آذار (مارس) أن الشرطة تقف ساكنة بينما أحرقت العصابات الغوغائية محلات تجارية، وهو ما يتطابق مع تقارير محلية تفيد بأن قوات الأمن سمحت للهجمات بالمضي قدما.
بالطبع ليس هناك دليل دامغ لكل هذا. وليس واضحاً كيف سيتصرف الرئيس "ثين سين" في هذا الوضع المزري بين اتباع الأديان في هذه الدولة ، حيث إن ردة فعله على أحداث العام الماضي كانت باهتة جداً ، مما قوى الشعور بأنه غير راغب في حل القضية . لماذا؟ ربما لأن القوى المقربة منه ، والتي هي غير مرتاحة للتحول في بورما تستفيد من هذا الوضع (وخاصة العسكر) ؛ إذ تخشى مع هذا التحول من إمكانية انحسار نفوذها . فالأراكانيين ، على سبيل المثال ، الذين كانوا يعارضون بشدة وجود الجيش في ولايتهم أصبحوا الآن يطالبون به لحمايتهم ، أو الطلاب الناشطين البارزين الذين قضوا حياتهم يقاتلون الجيش أصبحوا يقولون الآن إنهم سوف يتكاتفون لصد المسلمين ' الغزاة ' .
وهنا السؤال: هل عقلية العصابات الغوغائية قوية جدا لدى البورميين في طول البلاد وعرضها لدرجة أنه بعد سلسلة من الأحداث في أكياب العام الماضي - تشكلت بسرعة العصابات الغوغائية ، واستعملت عدة أنواع من الأسلحة المستخدمة وأساليب التدمير - يمكن تكرارها بشكل لافت للنظر في ماندالاي وفي ولاية شان ، وحتى في ولاية كاتشين ، حيث لم يكن هناك تاريخ من العداء للمسلمين؟ ومنذ أحداث العنف في أوكان أصبحت الذريعة للهجمات واهية وليست منضبطة كما ينبغي أن يكون عليه الحال لو كانت الحكومة حقا تعالج هذه المسألة؟
أشار "يو وين ميانغ" المتحدث باسم حكومة ولاية أراكان والذين أجرت نيويورك تايمز مقابلة معه إلى أنه ليس المهم قسوة الأحداث الحالية التي سببت هذه الغليان ، ولكن المهم هو : من المتورط في هذه الأحداث؟ : "يمكنك أن ترى في كل الصراعات الأخيرة أن البنغاليين [ إشارة إلى الروهنجيا المسلمين ] أشعلوا هذه الحوادث، المشاكل تبدأ دائما معهم ." وهكذا فمع تعزيز فكرة الخوف أن "العدو يعيش بيننا" ، و الحكومة تشجع ضمنيا الهجمات يشرع "وين ميانغ" تقريبا هذه الهجمات. لكن أوجه التشابه غريب مما يقرب من 10 جولات من العنف المعادي للمسلمين منذ (حزيران) يونيو من العام الماضي تشير إلى أنه قد يكون هناك شيء يحدث أكثر من مجرد العنف الطائفي .