[caption id="" align="alignleft" width="300"] ميانمار: وحقيقة إطلاق سراح السجناء السياسيين المسلمين حوار مع د.طاهر الأراكاني[/caption]
حوار "الأمة" مع د.طاهر محمد سراج الأراكاني
رئيس المؤتمر العام لاتحاد روهنجيا أراكان ARU
الأمة - أعلنت ميانمار (بورما سابقاً) مؤخراً بأن بصدد إطلاق كافة السجناء السياسيين في البلاد وإنهاء هذا الملف، وبالفعل أطلقت هذا الأسبوع مجموعة من السجناء السياسيين وقالت بأن هناك مجموعتين أخريتين جاري التحضير لإطلاق سراحهم.. فهل تعد هذه الخطوة بمثابة "بادرة أمل" لفتح "ملف" مسلمي الروهنجيا القاطنين في إقليم أراكان غرب البلاد، وبدء حوار لإنهاء محنتهم في البلاد.
لمعرفة حقيقة ما يجري داخل ميانمار حالياً تواصل "الأمة" مع د.طاهر محمد سراج الأراكاني، رئيس المؤتمر العام لاتحاد روهنجيا أراكان ARU، وأجرينا معه هذا الحوار..
ما حقيقة ما تردد مؤخراً بأن السلطات الحاكمة في ميانمار (بورما سابقاً)، قد بدأت في الإفراج عن كافة السجناء السياسيين بما فيهم مسلمي الروهنجيا في إقليم أراكان غرب البلاد؟
إطلاق سراح هؤلاء السجناء السياسيين، تم بناء على الوعد الذي قطعه على نفسه رئيس ميانمار أثناء زيارته إلى أوروبا قبل شهرين.
وبعد عودته من هذه الزيارة، وكان من المفترض أن يطلق الرئيس سراح جميع السجناء السياسيين، إلا أنه لم يفعل!! وبدلاً من ذلك أطلق عدد قليل منهم تقريباً 70 شخص من السجناء السياسيين، ليس من بينهم أحد من المسلمين.
وفي الأسبوع الماضي، أعلن الرئيس أنه سوف يطلق مجموعة من السجناء السياسيين على ثلاث دفعات، وتم بالفعل إطلاق المجموعة الأولى من هؤلاء السجناء السياسيين في إقليم أراكان غرب البلاد، إلا أنه كان بينهم خمسة أشخاص فقط من المسلمين، وفوجئنا بأن هؤلاء الخمسة من المسلمين ليسوا من السجناء السياسيين، فهم ليسوا ممن اعتقل خلال السنة والنصف الأخيرة خلال أحداث العنف الطائفي ضد المسلمين؛ وإنما هم سجناء قدماء في قضايا أخرى وحان الوقت الطبيعي لإطلاق سراحهم بحسب القانون، ووفقاً للحكم الذي صدر بحقهم.
هل تعد هذه الخطوة "الصغيرة" بمثابة "بادرة أمل" لإنهاء أزمة السجناء السياسيين من المسلمين في ميانمار؟
لا يعتبر الإفراج عن هذه المجموعة من "السياسيين!!" بوادر لحسن نية صادقة من الحكومة في الإفراج عن جميع السياسيين المسلمين على الأقل. إلا أننا في نفس الوقت لا نستطيع أن نحكم الآن الموقف النهائي للنظام في البلاد؛ حتى ننظر في الدفعات الثانية والثالثة التالية.. هل ستشمل المسلمين أم لا؟، لأن الدفعة الأولى ما كان منهم سجناء سياسيين مسلمين، إنما كانوا سجناء سياسيين بوذيين، أيضا كان في الدفعة الأولى مجموعة من الأجانب الذين سجنوا منذ فترة طويلة وسنوات عديدة.
ولكن في ذات الوقت، فما يحدث ويجري على أرض الواقع، يؤكد بأن الحكومة غير جادة حتى اليوم في إنهاء أزمة المعتقلين السياسيين من المسلمين الروهنجيا؛ وإنما هي تستثمر فقط خبر إفراجها عن البعض في القيام بدعاية لتجميل صورتها أمام العالم، وحتى ينشر في وسائل الإعلام المحلية والعالمية أن الرئيس قد أوفى بوعده الذي قطعه أمام أوروبا.. إلا أن الحقيقة غير ذلك.
الحقيقة على أرض الواقع تقول أن: هنالك سجناء سياسيين من المسلمين ومن غير المسلمين، وهؤلاء الذين تعتبرهم الحكومة أنهم سجناء سياسيين خطيرين؛ لم يتم إطلاق سراح أي واحد منهم، وهذا دليل على أنه لا توجد حرية في البلاد، وإنما هنالك "لعبة سياسة" تهدف إلى تجميل صورة النظام الحاكم حالياً، كما تهدف أيضاً تهيئة الأجواء للنجاح في الانتخابات القادمة.. هذه هي الصورة الحالية لم يحدث على أرض الواقع.
وبناءاً على ما سبق؛ فإن إطلاق سراح خمسة من المسلمين من السجناء القدامى لا يمكن أن نعتبره توجها للحكومة لإنهاء أزمة المسلمين هناك، لأنه لا توجد إلى الآن بادرة لاعتبار ذلك، بل جميع صور معاناة المسلمين لازالت قائمة في السجون وعلى أرض الواقع، بل أكثر من ذلك، فهم دوماً يحاولون وبشتى الطرق منع إيصال أي مساعدات إنسانية من المنظمات الإغاثية الدولية إلى مناطق المسلمين بهدف الضغط عليهم اقتصاديا ومعيشياً لإجبارهم على ترك مناطقهم والرحيل عنها والهجرة إلى خارج البلاد.
إذن.. كيف يمكن أن نفهم هذه الخطوة في الإفراج عن بعض المسجونين؟ هل هى بداية حقيقية لإنفراجة في ملف "مسلمي الروهنجيا"، أم فقط "خطوة ديكورية" لتحسين وجه النظام أمام العالم؟
رداً على سؤالكم، أحب أن أوضح بأن هؤلاء المساجين الذين يفرج عنهم، هم فقط الذين يظن فيهم الحكام العسكر بأنهم سوف لا يعارضونهم مستقبلاً، وأخذوا عليهم تعهد بذلك، واطمأنوا بأنهم لن يمثلوا عقبة أمام نظام حكمهم في البلاد واستمرارهم في الحكم فيه.
ولذلك أفرجوا عن هؤلاء، وفي نفس الوقت يستثمرون هذه الخطوة "الديكورية" في تجميل صورة العسكر أمام العالم، بإرسال رسالة مفادها أننا متجهون إلى الديمقراطية وإلى التعددية في هذا البلد، ولإطلاق مزيد من الحريات وللجميع، وأننا بدأنا في السير في هذا الطريق من خلال خطوة أولية لإطلاق سراح السجناء السياسيين كافة حتى لا يبقى هنالك سياسي معتقل في البلاد. إذن وبالتالي نحن في دولة ديمقراطية ونظام ديمقراطي ولا أحد يستطيع أن يقول أننا نضطهد أحد، يعني هذه الرسالة يريدون إرسالها إلى العالم.
في ظل عدم وجود أي بادرة للحل.. فهل توجد على الأقل نية لبدء مفاوضات بينكم وبين سلطات البلاد لإيجاد مخرج لهذه الأزمة؟
بالنسبة للمفاوضات بهذا الشأن، طبعا الحكومة المحلية في أراكان بيد البوذيين (الموغ) وهم طرف في المشكلة، فهؤلاء لا يريدون التفاوض ولا يريدون الجلوس مع الروهنجيين المسلمين للحوار، ولا يريدون طرح المشكلة على الطاولة نهائيا حتى اليوم، ولم تظهر أي بادرة منهم، بل القادة الروهنجيون عرضوا عليهم التفاوض حول القضية للبحث في حلول لها؛ إلا أنهم رفضوا مرارا ولازالوا يرفضون مبدأ التفاوض حتى اليوم.
في سياق تعثر الحوار بينكم وبين سلطات البلاد الحاكمة.. فما هى رسالتكم للعالم بهذا الشأن؟
أتمنى أن يفهم العالم جيداً، وأن يعي تماماً بأن هذه الحكومات العسكرية التي سيطرت على البلاد منذ 1962م، مارست ومازالت حتى اليوم تمارس جميع أنواع الاضطهاد تجاه شعبها سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، إلا أن المسلمين كانوا أوفر حظ من هذا الاضطهاد.
فهؤلاء العسكر.. صادروا كل الحقوق وكافة الحريات ولم تترك للشعب فرصة للعيش بسعادة، لأنهم (العسكر) عاشوا دوماً ونشأوا وتربوا على هذه الديكتاتورية ولا يتوقع منهم أن يتركوا السلطة أبداً، أو أن يطلقوا الحريات لشعبهم.
إن ما يحدث الآن من "خطوات ديكورية" فقط هدفها تجميل صورة النظام العسكري في ميانمار أمام العالم، وإظهاره بأنه يخطو نحو النظام الديمقراطي، وأنه بصدد إجراء انتخابات حرة ونزيهة عام 2015م، وكل هذا مجرد تضليل للرأي العالمي بأن هناك حريات والحقيقة على الأرض تؤكد بأن العسكر لن يتركوا الحكم أبداً في هذه البلاد.
فلذلك رئيس منظمة الرهبان المتشددة على رأسها الراهب ويراثو يتجول الآن في داخل أراكان وهو ليس من أهل أراكان، إنما من أهل العاصمة انتقل إلى أراكان وبإعلان في الجرائد الرسمية ولم تمنعه الحكومة بالسفر إلى أراكان، وهو حاليا يطلق محاضرات الكراهية والتفرقة والعنصرية في أوساط البوذيين في داخل أراكان في داخل معابدهم، وهذا حر منطلق ولا أحد يمنعه، وإذا نظرنا إلى هذه التحركات نستطيع أن نقول ليس هنالك نية لإنهاء معاناة المسلمين.