[caption id="" align="alignleft" width="300"] (حرب الإبادة ... والحالة الميانمارية )! بقلم : أ.د فوزي أوصديق[/caption]
وكالة أنباء أراكان ANA : "مجلة صوت الروهنجيا"
الإبادة جريمة دولية !
وهي تعني القضاء على جماعة وطنية أو دينية أو عرقية، وقد لا تعني القضاء الفوري، بل يمكن أن تتم عبر مدة زمنية من خلال تدمير وإلغاء المؤسسات السياسية ، والثقافية، والاجتماعية، والاقتصادية، المنتمية لها. وقد تأخذ أحياناً شكل " الإبادة " الثقافية أو الروحية، كما هو الحال في ميانمار حاليا، سواء من خلال حرمانهم مـن تعليم اللغة ، أو الإهلاك والإبعاد، أو أي عمل غير إنساني آخر، فالإبادة تأخد أوصافاً متنوعة .
لذلك أوردت المادة الثانية من الاتفاقية الخاصة بمنع جريمة الإبادة: منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليه ، التي اعتمدت وعُرضت للتوقيع والتصـديـق أو الانضمام بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة في تاريخ 9 ديسمبر 1948م ، وبدأ تنفيذها بتاريخ 12 يناير 1951م ، وفقـــًا لأحكام المادة 13 منها على أنه كل فعل يرتكب بنية سحق مجموعة وطنية، أو إثنية، أوعرقية، أو دينية كليا أو جزئيا.
وهي بذلك تشمل : 1 - قتل الأطفال. 2 - الضرر الجسيم بالسلامة الجسدية أو الذهنية. 3- الإخضاع المتعمد لظروف معيشية من شأنها أن تـؤدي إلى الدمار الجسـدي الكامل، أو الجزئي للمجموعة . 4- التدابير الرامية إلى منع المواليد داخل المجموعة . 5- النقل القسري للأطفال من مجموعة إلى أخرى .
هذه الأفعال المجرمة المنصوص عليها، تخول الاختصاص المحلي ، أو الدولي للقضاء ( المادة السادسة مـن الاتفاقية ) وبالرجوع للتصرفات القانونية، والممارسات المؤسساتية للدولة الميانمارية، يلاحـظ أن القصد الجنائي والذي جاء في المادة الثانية ملمـوس من خلال التقنيات المستعملة التي تقصد التدمير الكلي، أو الجزئي لجماعة قومية، أو وطنيـة، أو دينية ، والنية واضحة ، أي أن الاصرار والوعي للإبادة قائم، والوعي بالفعل المقصود به، أي توقع النتيجة والسـلوك في الإبادة؛ فالتطهير العرقي مقنن في قوانين دولة ميانمار الاتحادية منـذ الأربعينيات مـن القرن السابق. والقصد قد يظهر بمظهرين: الأول القصد المباشر، والثاني القصد الاحتمالي، فالقصد الاحتمالي في التهجير القسـري وإفراغ العديد مــن التجمعات السكانية للمسلمين من سكانها بالنزوح والتهجير القسري، أو إحضارغرباء إلى المناطق المؤهلة بالسكان المسلمين الأصليين وهـذا مُمارس إلى الوقت الحالي، كما أن شرط القصد الخــاص - الـذي قد يشـترطه البعض - متوفـر، رغم أنه أحيـانا قد ينطـوي على الصعوبة في إثباته، فالتحـريض موجـود من خلال النصـوص ، والقوانين و التصريحات .
أما الركن المادي لجريمة الإبادة في الحالة الميانمارية قد لا يحتاج لدليل ؛ فالعنصرية، أو نظرية " صفـء الدم " قد لا تقوم على أساس ورثي، بل تستند على العرق، أواللون، أو النسـب أو الأصل الوطـني، أو العرقي، فالحقـد الديني والعرقي هو الدافع لتقتيل العديد من الروهنجيــين المسلمين ، كما أن اتفاقية الإبادة كرست مبدأ إبادة الجنـس البشري، بإخضاع الشعـوب لظروف معيشية يراد بها تدميرها الكلي أو الجـزئي، وهو ما ورد في مشروع الجريمة المخلة بسلم الإنسانيـة وأمنها، لذلك استدركت الأمم المتحدة بقولها: إن التدمير الثقافي للإنسانية ، والقسـوة الموجهـة ضـد الوجود الإنساني، والحط من الكـرامة الإنسـانية، جوانب مختـلفة لجـريمة العدوان الفكري، مما قد يؤدي لنشر العنف وروح التعصب العنصـري والكراهية؛ وكلها بوابة للإبادة ومداخل بامتياز لإنكار حق الحياة لمجموعة إنسانية، وهـذا قائم في الحالة الميانمارية لا يمكن إنكاره
الآليات القانونية المنتظرة: للمحكمة الدولية الاختصاص القضائي لمحاكمة الأفراد المتهمين بجرائم الإبادة، بموجـب المادة الثالثة من الاتفاقية الخاصة بمنع جريمة الإبادة, كما أكدت على الأفعال التالية :
1- التآمر لارتكاب أفعال الإبادة. 2- التحريض المباشر والعام. 3- محاولة ارتكاب إبادة جماعية. 4- الاشتراك في الجرائم المدانة. ومن ثم كان من الواجب " الواجب القانوني " و" الوازع الأخلاقي " و" الضمير الإنساني " اتخاذ هـذه الخطوات والآليات الأولية : أولاً:التنـديد والوقـف الفوري للإبادة الجماعية التي تتعـرض لها الأقلية المسلمة في ميانمار . ثانياً: تعيين مقررخاص لحقوق الأقلية المسلمة في ميانمار ثالثاً:إدراج ميانمار للرقابة الدولية تحت البند الرابع. رابعاً: إدراج مسلمي الروهنجيا تحت بند خاص في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
بقلم : أ.د فوزي أوصديق
رئيس المنتدى الإسلامي للقانون الدولي الإنساني .